الذين سيطلعون على مذكرات امبارك بودرقة وأحمد شوقي بنيوب، والتي ستصدر يوم الخميس المقبل، لا بد وأنهم سيتوقفون عند دلالة تصريح تاريخي للأستاذ والزعيم الوطني عبد الرحمان اليوسفي. يقول امبارك بودرقة وأحمد شوقي بنيوب، في مذكراتهما التي تقع في أزيد من 500 صفحة، أنه خلال جلسة عشاء، تمت بالصدفة بمدينة الدارالبيضاء، في يوم من أيام الإعداد لدخول هيأة الإنصاف والمصالحة إلى المركز السري السابق « درب مولاي الشريف »، صرح سي عبد الرحمن اليوسفي لأعضاء الهيأة الحاضرين، عبد العزيز بناني وامبارك بودرقة وشوقي بنيوب، جوابا عن سؤال من طرف هذا الأخير: « إنكم تكتبون الفصل ما قبل الأخير في المعركة الشرسة من أجل الديمقراطية ». وليست هذه إلا واحدة من التصريحات الكثيرة والبارزة وذات الأهمية القصوى في المذكرات. إذ تتعرض المذكرات لبعض الأسرار التي لم يسبق نشرها، منها تلك التي تتعلق بالأطراف والأشخاص الذين لم يتعاونوا مع هيئة الإنصاف والمصالحة، خاصة في مجال الكشف عن الحقيقة. ويقول بودرقة وبنيوب أن هناك من كان يراوغ ويتنصل، لكن قبل أن يؤكدا أن وزارتي الداخلية والعدل ساهمتا في الكشف عن العديد من الأمور:«ويمكن القول، وعلى مسافة من الزمن، إن هيئة الإنصاف والمصالحة وجدت في مخاطبها محاورين موضوعيين وواقعيين»، حيث تعاونت وزارتي الداخلية والعدل مع طلبات هيئة الإنصاف والمصالحة، لكونهما كانتا معنيتين بالقضايا المتعلقة بماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. ويضيف بودرقة وبنيوب أن الوزارتين تفاعلتا بشكل إيجابي سواء فيما يتعلق بتسهيل وصول الهيأة إلى مراكز الاحتجاز السرية السابقة أو بالاستماع إلى الحراس أو المسؤولين السابقين بها أو الذين كانت لهم علاقة بها، أو بربط الاتصال بممثلي السلطة الحَالِيين أو السابقين في المناطق المشمولة بتحرياتها وأبحاثها، أو في إطار دعوة الشهود للاستماع إليهم بواسطة وكلاء الملك في مختلف المحاكم، وينطبق نفس الإجراء على حضور الأطباء الشرعيين. لكن امبارك بودرقة وشوقي بنيوب يؤكدان من جهة ثانية حقيقة ليست عادية:« لم يكن أعضاء هيأة الإنصاف والمصالحة المكلفون بإجراء التحريات الميدانية يتصرفون ببلاهة أو بسذاجة، بل كانوا قادرين على التمييز بين من يتعاون وبين من يراوغ ويحاول التنصل أو تقديم الأعذار الواهية، كما كان أعضاء الهيأة يقدرون جيدا الصعوبات الموضوعية والعوائق الذاتية، وكانوا يدركون في كل لحظة وحين، أن طبيعة مناهج البحث في نطاق العدالة الانتقالية، ليست بمناهج سلطات التحقيق القضائية أو الإدارية أو البرلمانية وإنما مناهجها مستوحاة من مجموع هذه الحقول ومن مجموع الرصيد المعرفي والفني للتحريات والتحقيقات في ميدان حقوق الإنسان.».