نظمت عدد من جمعيات المجتمع المدني بمدينة مراكش الخميس 12 يناير2012، مسيرتين احتجاجيتين تضامنا مع عائلة سميرة آيت بلعيد، التي فارقت الحياة هي وجنينها أثناء الولادة يوم الأربعاء 4 يناير الجاري. قصة سميرة ذات ال28 ربيعا والأم لطفلتين اثنتين أصغرهما في الثالثة من عمرها، بدأت عندما فاجأتها آلام المخاض، وتم نقلها على الساحة الواحدة بعد الظهر إلى مستشفى الأم والطفل محمد السادس، لتطلب منها إحدى الممرضات بعد معاينتها العودة إلى بيتها قائلة لها حسب شهادة والدتها "سيري توجعي حتى يخرجوا عينيك ورجعي حنا عندنا الناس بزاف هنا زوج فالباياص". إنها الجملة التي كانت كافية لتنقل سميرة إلى مستشفى دار الولادة في حي سيدي يوسف بنعلي على الساعة الخامسة والربع مساء، بعد أن عاودتها الآلام، وهو المستشفى التي تزايدت الممرضة المناوبة فيه مع زوجها على مبلغ حددته في خمسمائة درهم من أجل العناية بزوجته، حسب ما أكده لنا زوجها المغبون. وبعد نصف ساعة من إدخالها إلى قاعة الولادة، ستخبر أمها أن ابنتها أغمي عليها، وهو ما لم تملك معه الأم إلا أن تقتحم الغرفة لتبين حال ابنتها، حيث وجدت ممرضة تسجل بعض المعطيات في دفتر خاص، وأخرى تلطم خدي ابنتها المضرجة بالدماء طالبة من أجل ايقاضها، لتصرخ الأم وتقوم الممرضتان بإخراجها، قبل أن يسلماها لاحقا مولود ابنتها الذي كان ذكرا ميتا. حيث تصفه جدته لفبراير.كوم":"كان أبيض كسف الكتان، جبهته مجروحة وعظم خارج من مؤخرة رأسه بحال إلى طايح من فوق الباياص " نفس الممرضة ستستدعي سيارة الإسعاف، التي نقلت الأم والجدة والمولود الميت إلى مستشفى الأم والطفل محمد السادس على الساعة السادسة والربع، وتستكمل هناك فصول معاناتها، حيث قبعت في ممر قسم الولادة لأزيد من ثلاثين دقيقة مضرجة بدمائها وبدون معاينة طبية، إلى أن حضر الطبيب المناوب.. ولم تعرف أسرة الهالكة في تلك المرحلة أي شيئا عنها، في حين اكتفت الأم باحتضان جثة مولود ابنتها الهامدة، وهو الأمر الذي كان مروعا بقدر ما كان انتظار خبر عن ابنتها مؤلما، لتطلب عائلتها من طبيب صديق لها أن يتدخل لمعرفة أي خبر عن ابنتهم، لينبئهم عن وفاتها، وهو الأمر الذي نفاه مسؤلوا المستشفى، ولم يبلغوا عنه إلا صباح اليوم الموالي، حيث وجهت عائلة سميرة طلبا إلى وكيل الملك لإيضاح تفاصيل الواقعة، والذي انتدب بدوره عناصر من الأمن الوطني والشرطة العلمية.. أما معاينة التقرير الطبي لإدارة المستشفى، فقد حدد ساعة وفاة سميرة في التاسعة والربع من الليل، إثر تعرضها لنزيف حاد بعد الولادة لم تنفع معه الإسعافات التي تلقتها. نفس الخلاصة أكدها الدكتور عبد الرؤوف السوماني، رئيس قسم أمراض وجراحة النساء والتوليد بمستشفى الأم والطفل محمد السادس، في اتصال له مع "فبراير.كوم"، متحدثا عن تقديم كميات من الدم للمرحومة وإسعافها دون تأخير، على عكس تصريحات أسرتها، وهو الأمر الذي يثبته ملفها الطبي، والذي يؤكد وجود جرح في فم الرحم يمكن أن يكون قد نجم عن خروج المولود منه أو عند عملية التوليد ذاتها، وهو الأمر الذي لا يمكن الحسم فيه، وتابع الدكتور السوماني أن نظام الصحة هو ذاته في أي مستشفى كيفما كان نوعه، وبالتالي فإدانة كافة العاملين في مستشفى دار الولادة سيدي يوسف بنعلي والأم والطفل محمد السادس، أمر غير مقبول، كما أكد السوماني أنه على استعداد لتقديم كافة المساعدات للتحريات الجارية، بعد الدعوى القضائية التي رفعتها أسرة المرحومة لدى وكيل الملك تحت مسمى شكاية بشأن القتل. اتصلنا في "فبراير.كوم" بوزير الصحة الحسين الوردي، الذي أكد لنا أنه فوجئ لدى خروجه من اجتماع مع نقابات الأطباء والممرضين بمراكش، في إحدى زياراته التفقدية للأوضاع الصحية في المدينة، بإحدى الوقفتين الإحتجاجيتين أمام مستشفى الأم والطفل محمد السادس، ليقدم عزائه لأسرتها ولابنتيها الصغيرتين. الوردي في تصريح ل"فبراير.كوم" أكد أنه سيهتم بالقضية، وأنه سيقدم الدعم الكامل للتحريات الجارية، إلا أنه شدد على عدم تخوين كافة العاملين في قطاع الصحة بالمدينة، وأن التحريات إذا ما أثبتت مساهمة أحد المناوبين ليلة وفاة سميرة آيت بلعيد في فقدانها مع جنينها، فإنه لن يتم التساهل في التعامل معهم.