قال رشيد البوصيري المسؤول عن القطاع النقابي بجماعة العدل والإحسان، أن » الحوار الاجتماعي لم يولد في التجربة المغربية ولادته الطبيعية، ولم يترعرع في مجال علاقات الشغل الجماعية، سواء عندما تكون الدولة هي المُشغل أو أصحاب الأعمال، وإنما شقّت له الدولة سُبلا على هامش حلبة صراعها وترويضها للقوات الشعبية والتي تمثلها في مجال الشغل النقابات المركزية التاريخية. وأكد المسؤول عن القطاع النقابي بجماعة العدل والإحسان في مقال رأي، أن الحوار الاجتماعي، وقع في مأزق بنيوي، ليس لأن الحكومة ترفض الجلوس مع النقابات، بل لأن مخرجاته المادية مرفوضة بالنسبة لصانعي القرار، بذريعة أن أي زيادة جديدة في الراتب الأساسي ستكرس عجز الميزانية العمومية وعجز أنظمة التقاعد. وأضاف أن « الفرقاء الثلاثة يعاني كل واحد منهم حالةً من الانحباس في أخذ زمام المبادرة. الحكومة من جانبها تراهن على ملف التقاعد لتسوِّق لأكبر إنجازاتها رغم توحد النقابات ضدها، وعينها على حراك الشارع الفرنسي… والنقابات من جانبها تراهن على إفشال «الإصلاح» بإزاء تعبئة الشارع، رغم المخاطر المحتملة بسبب خمس سنواتٍ عجاف تهدد حصون ساكني الاستثناء المغربي… أما الباطرونا فهي تتابع بكل حسرة تبخر رهانها على وزير التشغيل الحالي الذي وعدهم بتنزيل القانون التنظيمي للإضراب وبتعديلات أكثر «مرونة» على مدونة الشغل ». هذا، وقد وضع المسؤول النقابي لجماعة العدل والاحسان ثلاثة سيناريوهات لوضعية الحوار الاجتماعي: – لا غالب ولا مغلوب : الحكومة لن تعطي شيئا جديدا للنقابات وأن هذه الأخيرة لن تتنازل عن إصلاح التقاعد المؤلم. ويكرس هذا الخيار الوصفة المغربية لإدارة الأزمات : تجميد الحوار وتأجيل الإصلاح، وترك الوقت للوقت. – رابح رابح: تتنازل الحكومة شكليا عن بعض المطالب مقابل قبول النقابات بتنزيل إصلاح التقاعد. ما يجعل الربح في هذا الخيار يمثل وهْماً مؤقتا كون الشغيلة تعبأت ببذل موارد استثنائية – اقتطاعات متكررة واحتجاجات…- خلال معركة النقابات ضد الحكومةوسوف تكون صدمتها كبيرة وغُصّتها أكبر عندما ترجع النقابات بخفي حنين رغم تنسيقها ضد فاعل جديد قيل الكثير عن عدم نضجه السياسي. – وضعية الصدمة:الوقت بدأ ينفذ أمام صناع القرار، لكنهم لن يعدموا حيلة من أجل استثمار حدث ما لجر الرأي العام إلى إجماع وطني يحرر الملف الاجتماعي من وضعية الكمون ويطلق الانحباس الحاصل في العديد من الملفات بسبب صراع الحزبي الذي سيأخذ أبعادا غير معتادة في السباق نحو مقاعد الحكومة المقبلة. ركز البوصيري على أن رئيس الحكومة الحالي دخل إلى الحوار الاجتماعي بشعار واضح، ألا وهو تنزيل المقابل الاجتماعي لاتفاق 26 أبريل 2011، على اعتبار أن حكومته هي من نفذت التحملات المالية للاتفاق الذي وقعه عباس الفاسي في نهاية ولايته. لذلك لا يمل وزراء ابن كيران من التذكير بأن حكومتهم خصصت 13.2 مليار درهم سنويا للحوار الاجتماعي ( الزيادة في الأجور، الرفع من الحد الأدنى للمعاش، مطالب الحوارات القطاعية…).