"يو.اس.تودي" الأمريكية: في ظل الفوضى التي تعيشها الشرق الأوسط هكذا يحاول الملك محمد السادس والمغرب لفت انتباه أوباما في الوقت الذي يواجه فيه الرئيس باراك أوباما شكوكا متزايدة من حلفائه العرب حول محادثات إدارته مع إيران، تأتي زيارة الملك محمد السادس لواشنطن في وقت مناسب، كحليف قوي للولايات المتحدةالأمريكية. فإسرائيل والمملكة العربية السعودية، اللتان تربطهما علاقات جيدة مع المغرب، عبرتا عن غضبهما من احتمال التوصل لاتفاق يمكن من كبح برنامج طهران النووي، وتخصيب اليورانيوم. يتزامن جلوس الملك مع الرئيس أوباما، مع المحادثات التي يجريها قادة مجموعة P5+1( الولاياتالمتحدة، بريطانيا، الصين، فرنسا، روسيا وألمانيا) والتي ستستأنف مع إيران هذا الأسبوع، وإذا تم إحراز تقدم في المحادثات، فان وزير الخارجية، جون كيري، على أهبة الاستعداد للتوجه، إلى جنيف في محاولة لإغلاق هذه الصفقة المؤقتة مع إيران. أعربت العديد من الدول العربية عن شكوكها حول مدى انفتاح إيران، لكن المغرب دعم مفاوضات إدارة أوباما مع إيران، وأشار إلى أنها يمكن أن تشكل حلا مفيدا مع دول الخليج العربي، التي تشعر بالقلق إزاء رغبة الرئيس أوباما في تخفيف العقوبات على طهران بشكل كامل. "نريد أن نكون لاعبين إقليميين نافذين"، هكذا صرح صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، أمس في واشنطن، عشية اللقاء، الذي سيجمع الملك بالرئيس أوباما، في زيارته الأولى للبيت الأبيض منذ أكثر من عقد. فهذا البلد الواقع بشمال إفريقيا، والبالغ عدد سكانه 32 مليون نسمة، ظهر إبان ثورات الربيع العربي لعام 2011، أكثر استقرارا من جيرانه، لكن بالكاد يتمتع بوزن سياسي ثقيل في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. لكن المغرب، الذي يعد البلد الأول الذي اعترف باستقلال الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1777، يعتبر أنه يجب أن يلعب دورا أكثر أهمية في الإستراتيجية الأمنية للولايات المتحدةالأمريكية، خاصة وأن تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي بسط سيطرته على شمال إفريقيا، كما أن حركة المقاومة الإسلامية النيجيرية "بوكو حرام" بدورها انتشرت عبر مالي، وفي أماكن أخرى من منطقة الساحل، وتونس، وليبيا، اللتان كافحتا في أعقاب ثورات الربيع العربي لعام 2011. يأتي الملك محمد السادس لواشنطن بحجم كبير من التأثير مع حكام الخليج، وهو الأمر الذي يقول عنه محللو صحيفة "ميدل ايست"أنه سيكون مفيدا لأوباما، الذي يواجه العديد من القضايا الشائكة، في الشرق الأوسط، بما في ذلك الملف النووي الإيراني، والحرب الأهلية الدائرة في سوريا، وآمال أوباما في التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فالملك محمد السادس تربطه علاقات أخوية مع حكام دول الإمارات العربية المتحدة، وعلاقات وثيقة مع العربية السعودية، وقطر، والكويت، وهي الدول التي سبق وأن عبرت عن تخوفها العميق بخصوص استعداد أوباما للتحاور مع إيران. " بالنسبة لدول الخليج، فان المقاربة الأمريكية يجب أن تكون صريحة"، هكذا صرح صلاح الدين مزوار، لصحيفة "يو.اس. تودي"، مضيفا ": هذه الدول ظلت على الدوام حليفة للولايات المتحدة، وحينما يكون الواحد شريكا، فان الواحد ينتظر من الآخر أن يفي بالتزاماته، التي تكون طبيعية في مثل هذه العلاقات". يعد الملك محمد السادس أيضا بطل الفلسطينيين، حيث تدفق الملايين في اتجاه المستشفيات والمشاريع الخيرية، التي أطلقها الملك بالضفة الغربية، إلا أن المغرب حاول دائما إقامة نوع من جسور الثقة مع إسرائيل. (الملك استنكر الهولوكوست التي سادت في الشرق الأوسط، كما يعود الفضل إلى جده، الذي قام بحماية الآالآف من اليهود المغاربة من النازيين خلال الحرب العالية الثانية). "المغرب يحاول الحفاظ على أصوله"، يقول أنور بوخارص، محلل قضايا الشرق الأوسط، في مؤسسة "كارنيغي" للسلام الدولي، مضيفا :" إذا كنت تريد محاورا جيدا فالملك قد يكون مفيدا". اهتز النظام الملكي خلال هذا العام، على وقع مساندة إدارة الرئيس أوباما للمقترح القاضي بتوسيع مهمة بعثة الأممالمتحدة في الصحراء، لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. فالصحراء الغربية تظل محط النزاع مع الجارة الجزائر. وكرد فعل على المساندة الأمريكية لهذا المقترح، ألغى المغرب، خلال أبريل الماضي، المناورات العسكرية، التي كان من المقرر أن تضم 1400 جندي أمريكي. وكنتيجة لذلك لم يعرف هذا المقترح أي تقدم داخل أروقة الأممالمتحدة، لكن وقبل وصول الملك محمد السادس لواشنطن، طالبت منظمات حقوق الإنسان من الرئيس أوباما، الضغط على المغرب في مجال حقوق الإنسان، خلال اجتماع اليوم الجمعة. فمنظمة "هيومن رايتس ووتش" سبق لها وان أشارت إلى أن المئات من المعتقلين الإسلاميين، والعديد من المتظاهرين في الشوارع، ونشطاء قضية الصحراء، قد تم الزج بهم داخل السجون، بعد محاكمات غير عادلة، كما سجلت المنظمة أن السلطات المغربية تستعمل القوة المفرطة لتفريق المظاهرات، ونزع الاعترافات بالقوة . " مسلسل الإصلاح بالمغرب لازال متوقفا، على الرغم من الجعجعة التي تقال حول الإصلاح"، يؤكد "سارة ليا ويتسن"، مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في منظمة "هيومن رايتس ووتش". أما صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، فقد رد على الانتقادات التي توجه للمغرب في مجال حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن " المغرب قد قام باستفتاء دستوري في أعقاب الربيع العربي، وأسس مجلسا لحقوق الإنسان لمعالجة هذه القضية". وأضاف مزوار في تصريح لصحيفة "يو.اس.تودي" أن " المغرب أدرك ضرورة الرفع من وثيرة بناء الدولة الديمقراطية الحديثة".