كشفت الاعتداءات الإجرامية الخطيرة التي شهدتها مدينة فاس في الآونة الأخيرة، عن أن التعاطي المفرط للمخدرات، من الأسباب الرئيسية لاقتراف تلك الاعتداءات، بعد أن ثبت تورط جناة وهم في حالة هيجان، أو في غياب تام عن وعيهم. وأورد المتهمون في تصريحاتهم عقب ارتكابهم تلك العمليات الإجرامية، أنهم أفرطوا في تناول حبوب الهلوسة، وأنواع مختلفة من المخدرات، بعد أن حصلوا عليها من مهربين وتجار معروفين بالمدينة، أو تمكنوا من الحصول على بعض العقاقير المخدرة عن طريق الوصفات الطبية من الصيدليات، ومن المستشفى العمومي الوحيد بالمدينة المتخصص في الأمراض العقلية والنفسية. وذكر مصدر أمني في هذا السياق، أن السوق المحلي "يعج بأنواع مختلفة وبكمية كبيرة من المواد المخدرة، بعد أن تم تهريبها انطلاقا من الحدود الشرقية والشمالية للبلاد، فضلا عن اتساع ترويجها لدى بائعي السجائر بالتقسيط وعدد من بائعي الخمور والمخدرات"، لدرجة أن أصحاب بعض الأكشاك والمحلات التجارية البسيطة "يعمدون إلى إمداد زبائنهم بهذه المادة في كامل السرية"، يقول أحد المدمنين، مضيفا أن من تقنيات تسويق هذه المواد المحظورة، لجوء تجارها إلى الاستعانة بعدد من القاصرين لترويجها، أو على الأقل إشعارهم عن بعد، من أجل تفادي الوقوع في يد رجال الأمن خلال الحملات التطهيرية. ومن أشهر المواد المخدرة، الموجودة في متناول فئة واسعة من المدمنين، هناك"المعجون" والقرقوبي" و"السيليسيون" و"الحشيش" فضلا عن تركيبات أخرى، عبارة عن مزج المشروبات الغازية ببعض أقراص تهدئة آلام الرأس و"الديليو". وغالبا ما يفضل المدمنون تعاطي هذه المخدرات، بالنظر لكونها لا تكلفهم ماديا الشيء الكثير، وكذا سهولة الحصول عليها في أي وقت وفي أي مكان، فضلا عن إمكانية استهلاكها في الفضاءات العامة دون إثارة انتباه الآخرين. وبحسب معطيات سابقة لمصلحة الشرطة القضائية بفاس، فإن حوالي 1500 شخص، من بينهم حوالي 350 قاصر يتم إحالتهم سنويا على العدالة بتهمة الضرب والجرح والسرقة الموصوفة والنشل والضرب والجرح... يكون الدافع الأساسي إلى اقترافها ناتجا عن إفراطهم في استهلاك المخدرات، أو بسبب رغبتهم في الحصول على نقود لأجل تلبية حاجياتهم من هذه المواد المخدرة ، كما أن حوالي 1000 قضية تنظر فيها محاكم فاس سنويا، يكون أغلب المتابعين فيها على صلة بتهريب وترويج المخدرات بفاس والنواحي. ويخلِّف الإدمان على هذه الأنواع من المخدرات، حسب الدكتور تيسير بنخضراء، مدير مستشفى ابن الحسن للأمراض العقلية والنفسية بفاس، عدة مآسي وأمراض، أبرزها الانحراف وتدمير القوة العقلية وحصول أمراض عضوية ونفسية لامتناهية، خاصة إذا كان هذا المخدر انتهت صلاحية استهلاكه أو تم الإفراط في الكمية المُستهلكة، مما يؤدي إلى إصابات خطيرة تصل أحيانا إلى حد الموت. وتقدر جهات طبية عدد المدمنين على المخدرات، ومنها العقاقير الطبية شديدة الفعالية، وبالعاصمة العلمية وحدها بنحو 5000 مدمن، أغلبهم من الفئات الشابة والمعوزة. وقال مصدر من مستشفى ل"فبراير.كوم"، أن هناك حالات كثيرة من المرضى المدمنين على "القرقوبي" تتوافد على المستشفى، وهناك مرضى آخرون يأتون لطلب الحصول على العقاقير المهدئة ثم ينصرفون.