جهاد الخازن فى رسالة مفتوحة ل"الشيخ تميم" على صفحات "الحياة اللندنية": قَوّم ما أعوج من تغطية "الجزيرة" أخبار مصر.. القناة تعادى الشرعية وتخدع جمهورها.. وتروج ل"الإخوان" دون موضوعية دعا الكاتب الصحفى الكبير جهاد الخازن الشيخ تميم بن حمد، أمير دولة قطر، إلى إصلاح ما أفسدته قناة الجزيرة فى تغطيتها للأحداث الدائرة فى مصر منذ اندلاع ثورة 30 يونيو، وقبلها، مؤكداً فى مقاله اليومى، بصحيفة الحياة اللندنية، أن تغطية القناة تعادى الشرعية الشعبية فى مصر وتخدع الجمهور وتروج للإخوان دون موضوعية.. وفيما يلى نص المقال. تليفزيون "الجزيرة" باللغة العربية يمثل الإخوان المسلمين فى مصر، ويعكس وجهة نظرهم، ويروّج لهم، لا موضوعية البتة فى نقل «الجزيرة» أخبار مصر، وإنما التزام كامل بالجماعة، بعد أن كادت هذه فى سنة واحدة أن تدمر ما بقى من اقتصاد البلاد واللحمة الوطنية. فى لندن، حيث أقيم، أكتفى من محطات الأخبار بمتابعة «بى بى سى» و»سى إن إن»، غير أننى على سفر نصف الوقت، وفى البلدان العربية أتابع مع المحطتين البريطانية والأمريكية محطات الأخبار العربية من كل بلد، خصوصاً «الجزيرة» و»العربية». مقالى اليوم كدت أكتبه قبل شهر وقبل سنة، إلا أننى لست محارباً ولا أحب المواجهة. غير أننى عدت إلى لندن قبل يومين من جولة شملت البحرين والشارقة ودبى تابعت فيها الأخبار عبر المحطات العربية، وانتهيت إلى قناعة خلاصتها أن «العربية» والمحطات الأخرى أكثر موضوعية فى تغطية أخبار مصر من «الجزيرة» التى يبدو أنها تضم فريقاً إخبارياً «إخوانجياً» حتى العظم. أزعم أننى أعرف مصر كأهلها، أعرف الناس جميعاً من رئيس الجمهورية حتى سائق التاكسى، وكل مَنْ بينهما. قضيت العمر فى حب مصر وأهلها، وأرجو أن أكون موضوعياً وأنا أقول إننى وصلت إلى يقين هو أن «الجزيرة» تمثل وجهة نظر واحدة فى مصر إلى درجة أن تتستّر على أخطاء الإخوان المسلمين وخطاياهم، فالمعلومات الأكيدة، لا الآراء الذاتية، تقول إنهم إذا لم يمارسوا الإرهاب فهم يشجعون عليه، وتاريخهم فى الحكم وخارجه دليل قاطع، وعندما يُقتَل شرطيان فى الإسماعيلية والدكتور محمد مرسى يُحاكَم، فالمسؤول عن القتل هم الإخوان وتحريضهم. لم أرَ شيئاً من هذا فى «الجزيرة»، وإنما كان الكلام عن تظاهرات «حاشدة» وأنظر وأرى بضع عشرات أو بضع مئات، ولا إشارة إطلاقاً فى حينه أو أمس إلى 30 مليون مصرى تظاهروا لإسقاط الرئيس مرسى، هذه الملايين هى الشرعية المصرية، وهى ألغت أى شرعية ربما كانت لرئيس من الإخوان المسلمين أثبت كل يوم على مدى سنة أنه لا يعرف الحكم، ويقدم الجماعة على شعب مصر، فيصدر دستور 2012، وهو أسوأ دستور فى تاريخ مصر، إذ يعفى الرئيس من كل مساءلة قانونية ليستطيع تسليم الإخوان مرافق الدولة كلها، مقدماً الولاء على الخبرة كالعادة. الإخوان المسلمون سرقوا الثورة من شبابها فى مصر، ودمروا فى سنة واحدة كل أمل لهم فى البقاء فى الحكم أو العودة إليه، هم «خبر أمس» كما يقولون بالإنجليزية، وإذا اقتنع إخوان «الجزيرة» بهذا، وهم مستوردون وليسوا قطريين، فهم سيعيدون إلى المحطة المصداقية التى كانت لها فى أواسط التسعينيات عندما انطلقت وتابعتها الجماهير العربية. لا يسرنى أن أكتب هذا الكلام، فليست لى قضية شخصية ضد أحد، وإنما عندى قضية وطنية تبدأ بمصر وتنتهى بها. وأجد أن «الجزيرة» تخدع جمهورها بالدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه، فأخبارها عن مصر تحمل وجهة نظر الإخوان وحدهم رغم الفشل السياسى والإرهاب المرافق، كله طلع من تحت عباءة الإخوان المسلمين، ومَنْ ينكره ينكر ضوء شمس الظهيرة. ختاماً، وقبل أن يقوم الغيارى ليقدموا «بلاغاً» يتهمنى بالخيانة العظمى، أقول إننى انتقدت فى هذا المقال «الجزيرة» فى موضوع واحد محدد هو تغطية أخبار مصر، لم أنتقد تغطية المحطة أخبار سوريا أو العراق أو أى بلد آخر، ولم أنتقد أخبارها الاقتصادية، انتقدت أخبارها عن مصر فقط ولا غير، وحتماً، أنا لا أنتقد حكومة قطر أو أى سياسة لها، وقد كانت لى دائماً علاقة طيبة مع الشيخ حمد بن خليفة، (أسألوه)، وهنأت الشيخ تميم بن حمد بالإمارة وشكرته على خطابه فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكتبت مؤيداً فى هذه الزاوية. وقبل هذا وذاك، دافعت دائماً عن الشيخة موزا المسند، فهى سيدة فاضلة تعمل لخير بلدها والأمة كلها، ورأيى عنها مسجل فى هذه الزاوية أيضاً، فأنا أعرفها كما لا يعرفها المنتقدون، وأتابع عملها وأشكرها عليه، كل ما أريد هو أن يعمل الشيخ تميم لتقويم ما اعوج من تغطية «الجزيرة» أخبار مصر.