عبد اللطيف حموشي يبحث مع المديرة العامة لأمن الدولة البلجيكية التعاون الأمني المشترك    الرباط: تقديم كتاب 'إسماع صوت إفريقيا..أعظم مقتطفات خطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس'    نقابيو "الجماعة" يرفضون تنصل الدولة من واجباتها الاجتماعية وتفويت الخدمات العمومية للقطاع الخاص    النفط يصعد مع احتمال التوصل لاتفاق بين إسرائيل ولبنان    الدولار يرتفع بعد تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا والصين    ارتفاع ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي ب10% عند متم شتنبر 2024        انتخاب هلال رئيسا للمؤتمر السادس لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    مرشد إيران يطالب ب"إعدام" نتنياهو    توقيف مواطن فرنسي من أصول جزائرية يشكل موضوع أمر دولي بإلقاء القبض بمراكش    حقوقيون يحذرون من تنامي العنف ضد النساء في الفضاءات العامة ويطالبون بدعم الضحايا    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    اندلاع حريق ضخم في موقع تجارب إطلاق صواريخ فضائية باليابان    العالم يحتفل باليوم العالمي لشجرة الزيتون    ملتقى النقل السياحي بمراكش نحو رؤية جديدة لتعزيز التنمية المستدامة والابتكار    تطوان: اعتداء غادر بالسلاح الأبيض على مدير مستشفى سانية الرمل    بمناسبة الحملة الأممية لمناهضة العنف ضد النساء.. ائتلاف يدعو إلى المنع التام لتزويج الطفلات    تحقيقات هولندية تكشف تورط مغربي في اغتيالات وتهريب الكوكايين    استيراد ‬اللحوم ‬المجمدة ‬والطازجة ‬يدخل ‬مرحلة ‬التنفيذ..    ترقب لقرار إسرائيلي حول وقف إطلاق النار مع حزب الله ووزير الأمن القومي يعتبره "خطأ كبيرا"    وزير الأوقاف: أكدت لوزير الداخلية الفرنسي أن المغاربة علمانيون فصدم    إطلاق شراكة استراتيجية بين البريد بنك وGuichet.com    المحامي والمحلل السياسي الجزائري سعد جبار: الصحراء الشرقية تاريخياً مغربية والنظام الجزائري لم يشرح هوسه بالمغرب        صقر الصحراء.. طائرة مغربية بدون طيار تعيد رسم ملامح الصناعة الدفاعية الوطنية    لا شراكات على حساب الوحدة الترابية والسيادة الوطنية للمملكة المغربية    الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    تحرير محيط مدرسة للا سلمى من الاستغلال العشوائي بحي المطار        الجزائر و"الريف المغربي" .. عمل استفزازي إضافي أم تكتيك دفاعي؟    حقوقيون مغاربيون يحملون الجزائر مسؤولية الانتهاكات في مخيمات تندوف    الاتحاد الأوروبي يمنح المغرب 190 مليون أورو لإعادة بناء المناطق المتضررة من زلزال الحوز    الرجاء والجيش يلتقيان تحت الضغط    في سابقة له.. طواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية يعبر صحراء الربع الخالي    لاعبتان من الجيش في تشكيل العصبة    ليبيا: مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي يجدد التأكيد على أهمية مسلسلي الصخيرات وبوزنيقة    "البيجيدي": الشرعي تجاوز الخطوط الحمراء بمقاله المتماهي مع الصهاينة وينبغي متابعته قانونيا    «الأيام الرمادية» يفوز بالجائزة الكبرى للمسابقة الوطنية بالدورة 13 لمهرجان طنجة للفيلم    في لقاء عرف تفاعلا كبيرا .. «المجتمع» محور لقاء استضافت خلاله ثانوية بدر التأهيلية بأكادير الكاتب والروائي عبد القادر الشاوي    تكريم الكاتب والاعلامي عبد الرحيم عاشر بالمهرجان الدولي للفيلم القصير بطنجة    ريال مدريد يعلن غياب فينسيوس بسبب الإصابة    بعد رفض المحامين الدفاع عنه.. تأجيل محاكمة "ولد الشينوية"    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي        إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد 100 يوم:بنكيران وانتظارات المغاربة
نشر في فبراير يوم 17 - 04 - 2012

كان من الطيبعي أن تكون الانظار منصبة على حكومة بنكيران منذ يوم ولادتها، لأنها أول فريق حكومي يقوده حزب إسلامي في تاريخ المغرب. وكل المتتبعين يحاولون رسم الملامح الأولى لأداء فريق بنكيران بعد مرور 100 يوما على شروعه في تدبير الشأن العام. وفي هذه المقال يعود الباحث عبد العلي حامي إلى الظروف المحيطة بنشأة هذه الحكومة والتحديات التي عليها مواجهتها.




طبقا لأحكام المادة 88 من الدستور المغربي الجديد فإن الحكومة تعتبر منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم لصالح البرنامج الحكومي.
وهو ما حصل يوم 26 يناير 2012 عندما صوت مجلس النواب بأغلبية 218 صوتا على البرنامج الحكومي الذي تقدم به رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، يوم 20 يناير 2012، ولذلك فإن الحكومة الحالية لن تكمل مائة يوم من عملها من الناحية الدستورية إلا يوم 5 ماي القادم.

استعجال الحصيلة
في المغرب، هناك استعجال كبير من أجل معرفة حصيلة عمل الحكومة الجديدة حتى قبل أن تكمل ثلاثة أشهر من تعيينها، وهذا الاستعجال يبدو طبيعيا من طرف البعض الذي يتطلع بشغف كبير لمعرفة ما أقدمت عليه الحكومة من قرارات، لكنه يبدو غير طبيعي بالنسبة إلى البعض الآخر الذي يريد أن يحمل للحكومة في ظرف ثلاثة أشهر حل جميع مشاكل الدنيا، ومع ذلك فإن هذا الاستعجال يعكس حجم الانتظارات المعلقة على عاتق الحكومة الجديدة.
لكنه يعكس أيضا انزعاج البعض من كون حزب العدالة والتنمية استفاد من دينامية الربيع العربي رغم أنه لم «يساند» احتجاجات حركة 20 فبراير التي انطلقت في أعقاب الثورات العربية بكل من تونس ومصر.
وفي هذا السياق من المفيد التذكير ببعض المحطات الأساسية في هذا الباب، فالجميع يتذكر أن حزب العدالة والتنمية كان يعيش معركة شرسة ضد مجموعة من مراكز النفوذ، خصوصا بعد تفجيرات الدار البيضاء الإرهابية بتاريخ 16 ماي 2003، كما تعرض لضغوطات قوية من أجل الحد من حضوره السياسي، ترجم ذلك في الانتخابات البلدية ل2003 والانتخابات التشريعية ل2007 وتوج بتأسيس حزب السلطة»الأصالة والمعاصرة» الذي رفع منذ اليوم الأول شعار محاربة حزب العدالة والتنمية، قبل أن ينخرط في توجه هيمني واضح بعد تمكينه من الرتبة الأولى في الانتخابات البلدية ل2009.
وحينما اندلعت الثورات العربية في كل من تونس ومصر، ونزل شباب 20 فبراير إلى الشوارع للمطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد، وقع نقاش كبير داخل حزب العدالة والتنمية حول المشاركة في هذه المسيرات..وانخرطت مجموعة من القيادات الحزبية في مساندة مسيرات 20 فبراير وأصدرت بيانا توضح فيه للرأي العام أن مطالب 20 فبراير تتقاطع مع أطروحة النضال الديمقراطي لحزب العدالة والتنمية، ووضعت سقفا لنضالها الميداني وهو المتمثل في تحقيق ملكية دستورية برلمانية حقيقية، كما وقع مجموعة من القيادات الحزبية بيان «التغيير الذي نريد» رفقة مجموعة من الشخصيات السياسية والحقوقية المساندة لحركة 20 فبراير. للأسف حصل أن مجموعة من القوى السياسية يسارية وإسلامية رفضت الاتفاق على سقف محدد للمطالب ورهنت مشروعها السياسي بالدينامية الاحتجاجية للشارع بدون سقف سياسي واضح.

«نضال» بطريقة مختلفة

هذا المعطى هو الذي ساهم في إضعاف انخراط حزب العدالة والتنمية في احتجاجات 20 فبراير بشكل بارز، مفضلا النضال بطريقة مختلفة تمثلت في الحركية السياسية القوية التي خاضها بعد الإعلان عن الإصلاحات الدستورية، وقد كان لحزب العدالة والتنمية تأثير واضح في إقناع العديد من المغاربة ب»خيار الإصلاح في ظل الاستقرار» وهو ما تجاوب معه 45.5 في المائة من الناخبين المغاربة يوم 25 نونبر 2011 وبوؤوا حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى، مما مكنه من قيادة الحكومة لأول مرة في تاريخه السياسي.

رئيس فعلي للسلطة
إن المكانة التي يحتلها رئيس الحكومة في الدستور الجديد تجعل منه الرئيس الفعلي للسلطة التنفيذية إذا حرص على ممارسة مهامه الكاملة كما هو منصوص عليها دستوريا.
فقد أصبح مجلس الحكومة يقرر في السياسات العمومية والسياسات القطاعية وفي القضايا الراهنة المرتبطة بحقوق الإنسان وبالنظام العام وفي مشاريع القوانين وفي تعيين الكتاب العامين ومديري الإدارات المركزية في الإدارات العمومية، ورؤساء الجامعات والعمداء، ومديري المدارس والمؤسسات.
كما أن التعيين في بعض الوظائف داخل المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك ينبغي أن يتم في دائرة المقترحين من طرف رئيس الحكومة، وبمبادرة من الوزير المعني، وذلك في الوظائف المدنية التالية: والي بنك المغرب، والسفراء والولاة والعمال، والمسؤولون عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي، والمسؤولون عن المؤسسات والمقاولات العمومية الإستراتيجية.
كما أن تعيين والي بنك المغرب والولاة والعمال والسفراء ومديري المؤسسات العمومية الإستراتيجية لا يخرج عن دائرة الرغبة التي يعبر عنها رئيس الحكومة من خلال سلطة الاقتراح.
الحكومة مطالبة بممارسة سلطتها التنفيذية الكاملة فيما يتعلق بتحديد السياسة العامة للدولة، كما تتحمل مسؤوليتها الكاملة أمام البرلمان انسجاما مع قاعدة الربط بين تعيين رئيس الحكومة، ونتائج الانتخابات التشريعية لمجلس النواب، ومع قاعدة ربط المسؤولية العمومية بالمحاسبة ومع تقوية سلطة رئيس الحكومة على الوزراء بصفته رئيسا للسلطة التنفيذية، ويتولى المسؤولية الكاملة على الحكومة وعلى الإدارة العمومية ويتولى قيادة وتنفيذ البرنامج الحكومي، كما يوقع على الأعمال الملكية بالعطف طبقا لما يحدده للدستور، حتى يتحمل رئيس الحكومة مسؤوليته الكاملة باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية.

دعم ملكي
طبعا علينا أن نذكر أن الحكومة الحالية تشتغل في ظل الدعم الملكي المعلن لهذه التجربة وهذا شيء أساسي، سيساعد على ترسيخ تقاليد سياسية جديدة تتجاوز منطق التنازع لتؤسس لمنطق التفاهم والتعاون انطلاقا من احترام تام لمقتضيات الدستور الجديد.
إنجاح هذه التجربة ليس مسؤولية حزب العدالة والتنمية لوحده، وإنما هي مسؤولية الأحزاب المشكلة للتحالف، كما أنها مسؤولية جميع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين لأن المغرب اليوم اختار التعامل مع رياح الربيع العربي بطريقة مختلفة تماما عن البلدان العربية الأخرى وقد نجح في الشوط الأول، والجميع يترقب نتيجة الشوط الثاني لتأكيد أطرحة «الاستثناء المغربي»، والنتيجة الطبيعية لتأكيد ذلك هي نجاح التجربة الحالية، ووضع المغرب في سكة الديمقراطية الحقيقية وفي سكة الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي والقطع مع جذور الفساد والإفلات من المحاسبة والمراقبة.

مرحلة انتقالية
نحن الآن في مرحلة انتقالية، والجميع مطالب بالتكيف معها بالشكل الذي يخدم مصلحة البلاد والعباد، والمهم أن الحكومة الحالية تشتغل في سياق سياسي جديد مختلف تماما عن التجارب الحكومية السابقة.
لكن من الطبيعي أن هناك أطرافا معينة لا يروقها التحول الذي حصل في المغرب، وهناك أطراف كثيرة كان لها دور أساسي في إعاقة التحول الديمقراطي في السابق مع تجربة التناوب الأولى بقيادة شيخ الاشتراكيين عبد الرحمن اليوسفي، وليس من المتوقع أن تتراجع بسهولة عن منطقها الاستئصالي وإن كانت رياح الربيع العربي قد حدت من شراستها وأثرت في فعاليتها، وهناك اليوم محاولات لإعادة تموقعها في الساحة عبر تسويق «نظرية الفشل الحكومي» حتى قبل أن تكمل الحكومة شهرها الثالث، كما أن هناك من يسعى إلى تغذية الاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية وإلباسها لبوسا سياسيا لجر الحكومة إلى مواجهات ليست مسؤولة عنها، كما أن هناك عقليات داخل السلطة لم تتكيف بعد مع مستلزمات التحولات الجديدة من قبيل الإفراط في استخدام القوة ضد بعض التظاهرات بشكل سلمي.
لكن من اللافت أن تلتقي إرادة بعض المستفيدين من الوضع السابق مع رغبة بعض القوى الراديكالية الموجودة في الشارع حول برنامج واحد هو: إفشال الحكومة.
وهو أمر عجيب فالتطرف الموجود في الشارع يخدم، بحسن نية، التطرف الموجود داخل بعض مراكز النفوذ المتحصنة ببعض المؤسسات داخل الدولة.
في حلقة قادمة نرصد بالدراسة والتحليل حصيلة عمل الحكومة بعد استكمال مائة يوم من تاريخ تشكيلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.