هكذا علق عمر أحرشان القيادي في جماعة العدل والإحسان عبر صفحته في الفايسبوك تعليقا على احداث مصر: كل من تابع مشهد أمس في مصر لا يمكنه إلا الاستغراب والاندهاش للمجرى الذي آلت إليه انتفاضة الشعب المصري في 25 يناير 2011، حيث أصبحت إرادة الشعب رهينة أجهزة أمنية بمباركة من بعض ثوار 25 يناير وأخطاء البعض الآخر. النتيجة التلقائية أننا بصدد إنتاج نظام أسوأ من نظام مبارك، وهذه هي خطة بقايا هذا النظام وبعض القوى الإقليمية التي يسيئها استرجاع الشعوب لزمام المبادرة لتصبح مصدر السلطة. ما جرى في مصر أمس هو نوع من الدينامية المرتبكة التي تسم اللحظات الانتقالية التاريخية في تاريخ الدول والشعوب، وخاصة تلك التي تقدم على مراحل فاصلة في سيرورتها.. ومراجعة تاريخ الثورات الكبرى يؤكد أن المنحنى لا يكون جامدا ولا يكون بالضرورة متصاعدا ولكنه يتأرجح بين النجاح والإخفاق وبين الأمل والانتكاس وبين الصعود والهبوط وحتى الجمود، ولكن الأمور بخواتيمها، والخاتمة تثبت أن قطار الحرية إذا انطلق لا يستطيع أحد أن يوقفه وأن عقارب الساعة لا ترجع إلى الوراء. مشهد أمس ينبئ بخليط من الخلاصات المتداخلة والمكملة لبعضها البعض لتتضح صورة انقلاب عسكري بوجوه مدنية: 1- إعادة إنتاج سيء لشكل الدولة المرفوض من الجميع: تحالف الدولة البوليسية (جهاز الداخلية) والدولة العسكرية (المجلس العسكري) والدولة الدينية ( شيخ الأزهر وبابا الكنيسة) بمباركة القوى المدنية وفي شكل يعيد إنتاج عصور الظلام؛ 2- تدشين ميثاق الشرف الإعلامي بحجب قنوات تعرض الرأي الآخر بقرارات أمنية بعيدا عن الأحكام والقرارات القضائية ( مصر 25 والحافظ والناس والجزيرة مباشر مصر وقال لي بعض الأصدقاء أن فرانس 24 على النيل سات تعرضت كذلك لقطع البث لأنها عرضت مقتطفات من خطاب مرسي الأخير بعد عزله) وبالمقابل فتح الباب لباقي القنوات التي كانت نسخة مكررة لبعضها البعض يسود فيها الرأي الواحد بنشوة الشماتة في الغير؛ 3- تدشين عهد الحريات بالتوسع في الاعتقالات وإصدار مذكرات الاعتقال في حق جل المعارضين بدون وجه حق، وبهذا دشنت المصالحة الوطنية باستعداء طرف واسع من الشعب؛ 4- تعطيل الدستور الذي وافق عليه الشعب بأغلبية تفوق الثلثين وفتح الباب للإعلانات الدستورية الفوقية التي لا سند شعبي لها، الغريب أن قادة الانقلاب سرعان ما تداركوا في نفس البيان تشكيل لجنة لمراجعة بعض بنوده المختلف بشأنها وهو ما يبين أن هناك إقرارا بأنه دستور جيد باستثناء بعض بنوده الخلافية والتي لا تتجاوز العشرين في أقصى الحالات؛ 5- استهداف تجمعات مؤيدة للرئيس المعزول والتضييق عليها وتفتيش الراغبين في الانضمام إليها وتصوير ذلك على القنوات لتخويف فئات عريضة من الشعب وهو ما يعني أن الأجهزة الأمنية و العسكرية تنحاز وتقوي طرفا على آخر؛ 6- ترك حالة من الغموض بخصوص المرحلة الانتقالية ومدتها ومقتضياتها وهو ما يدخل البلاد في نمط التدبير المزاجي ويربط الشعب بحكامه الجد بعقد لا يختلف عن عقود الإذعان في أي شيء شكلا ومضمونا؛ 7- مسارعة بعض الدول بالمباركة تؤكد أنها كانت ضالعة في هذا الإخراج وداعمة له. نكتفي بهذا القدر حتى لا أطيل ونكمل في ما بعد إن شاء الله وحتما سنتكلم عن إيجابيات وسلبيات كل أطراف هذا المشهد