كشف التقرير السنوي حول الحريات الدينية في العالم، الذي تصدره الخارجية الأمريكية، عن معطيات مثيرة حول المشهد الديني داخل المغرب. فرغم إقرار التقرير الجديد الذي كشفت عنه الإدارة الأمريكية أول أمس، بكون 99 في المائة من المغاربة هم مسلمون سنيون مالكيون، أوضحت فقرات من التقرير المفصل، عن معطيات بالغة الحساسية، من قبيل تقدير أعداد المسيحيين المغاربة والبهائيين ومعتنقي المذهب الشيعي. التقرير قدّر عدد اليهود المقيمين في المغرب ما بين 3000 و4000 نسمة، القسم الأكبر منهم يقيم في مدينة الدارالبيضاء، أي ما يناهز 2500 شخص. فيما تضم كل من مدينتي الرباط ومراكش، ساكنة يهودية تقدّر بمائة شخص في كل من منها. وتوقّف التقرير مطوّلا عند المقتضيات القانونية والدستورية التي تعترف بالوجود اليهودي في المغرب وتحميه من خلال التشريعات الخاصة بالطائفة اليهودية والمؤسسات التعليمية التي تحافظ على الموروث العبري... لكن الفقرات الخاصة بالانتماءات الدينية والمذهبية الأخرى، جاءت بمعطيات مثيرة ومفاجئة في حال صحتها، حيث تحدّث التقرير عن وجود ما يناهز 5000 مسيحي في المغرب، وهم أجانب موزعين بين كاثوليكيين وبروتسنانت. إلا أن المصادر المحلية التي ساقها التقرير واصفا إياها ب»القادة المسيحيين المحليين»، رفعت هذا الرقم إلى أكثر من 25 ألف مسيحي، جلّهم يعيشون في مدن الدارالبيضاءوطنجةوالرباط. لكن المثير في الشق المتعلق بالمسيحيين، هو حديث التقرير عن تقديرات متعلّقة بالمسيحيين المغاربة، حيث نقل التقرير عن «القادة المسيحيين المحليين»، حديثهم عما بين 4000 و8000 مسيحي مغربي، مضيفا أنهم يتحدرون أساسا من الأمازيغ، والذين قال التقرير إنهم يحضرون بانتظام إلى كنائس غير رسمية تسمى «المنازل»، لإقامة الشعائر والطقوس الدينية المسيحية. وسجّل التقرير بنبرة نقدية، استمرار المغرب في منع الأنشطة التبشيرية ومواجهة مظاهرها بكل صرامة، حيث تحدّث مثلا عن منع تداول النسخ العربية من «الإنجيل»، إلا في مكتبات محددة. كما قال التقرير إن السلطات المحلية بمدينة أكادير، منعت مجموعة من المسيحيين الأجانب من الاستمرار في عقد لقاءات بأحد المنازل، بمبرر الخوف من استهدافهم من طرف متطرفين، مما اضطرهم إلى نقل اجتماعاتهم إلى أحد الفنادق. من جانب آخر، قال التقرير إن المغرب يعرف وجود ما بين 3000 و5000 مسلم شيعي، جلّهم من الأجانب المقيمين فوق تراب المملكة، والمتحدرين من دول مثل العراق ولبنان، «لكن من بينهم عدد قليل من المواطنين المغاربة». وبعدما قال التقرير إن السياسة الرسمية تخصص معاملة تفضيلية لفائدة المذهب السني المالكي وتعمل على ترويجه وتشجيعه؛ كشفت الخارجية الأمريكية عما قالت إنه أول جنازة شيعية تسمح بها السلطات المغربية منذ سنوات طويلة، تمت في شهر مارس من العام 2012 بمدينة طنجة. ويتعلّق الأمر بجنازة عبد الله الدهدوه، المغربي الذي كان يقيم في الديار البلجيكية ويعتنق المذهب الشيعي، وتم قتله داخل المسجد الذي كان يتولى إمامته في العاصمة البلجيكية، بعد اختناقه جراء دخان قنبلة «مولوتوف» استهدفته. أما البهائيون، فقدّر التقرير الأمريكي الجديد أعدادهم في المغرب ما بين 350 شخصا و400. جلّهم يقيمون في مناطق حضرية من المملكة، حسب الخارجية الأمريكية، موضحا أن المغرب يعتبر هؤلاء مرتدين عن دين الإسلام، مما يجعلهم يُخْفون اعتقادهم، دون أن تكون هناك أي تهديدات لسلامتهم الشخصية.