عكس ما كان متوقعا. بدل تمتيعه بالبراءة كما طالب الحقوقيين بذلك في قضية "معتقل الفيس بوك"، وليد بايحمان، الذي سبق أن حكم عليه بسنة كعقوبة سجنية، علمت "فبراير. كوم" أن محكمة الإسئناف بسلا رفعت العقوبة من مدتها لتصل إلى السنة وست أشهر.. وفي النص المرفق تفاصيل القضية، كما يرويها خالد النبلسي وهو ناشط حقوقي من لجنة المطالبة بتحرير وليد. سأل عنه والده، واستفسر بائعي الخضار، واستقصى الأهل والناس، ويحاول أن يقربكم من حقيقة شاب ينفي عنه تهمة المس بشخص الملك. في آخر زيارة لسي "لحبيب بحمان" لولده في السجن بعد النطق بالحكم عليه، واجه الإبن والده بسؤال:"أ بابا، آشنو درت أنا؟"، مستغربا الحكم القاسي الذي صدر في حقه، وطلب منه بعد ذلك أن يحضر له شهادة مدرسية ليتسنى له متابعة دراسته داخل السجن (مستواه الدراسي سنة ثانية ثانوي)، كما يذكر الأب أن وليد يشارك في مباريات لكرة القدم ضمن فريق من السجناء.
إنه شعور بالظلم وبانعدام الأمان، ممتزج بالتشبث بالحياة والرغبة في الاستمرار رغم العوائق والصعاب.
إنني مؤمن ببرائة وليد الذي سيمثل يوم الثلاثاء المقبل 27 مارس أمام محكمة الإستئناف، وأعي أن ملف هذا الشاب المفعم بالحياة شائك ونقاشه من الناحية القانونية متروك للمختصين، لكن هناك جوانب أخرى متعلقة بالموضوع تستدعي منا الوقوف والتأمل.
يتابع الكثيرون باهتمام ملف الشاب وليد بحمان (18 سنة مزداد في شهر شتنبر 1993) الذي ألقي القبض عليه منذ 24 يناير الماضي، بعد أن قدم به شكاية أحد أصدقائه متهما إياه بنشر كاريكاتير وتعاليق "تمس بالمقدسات"، وهكذا حوكم يوم 16 فبراير بسنة سجن نافد ومليون سنتيم غرامة، من خلال تكييف القضية إلى "جريمة إلكترونية وسرقة الرقم السري لحساب الكتروني خاص".
إن تفاصيل هذه القضية لا يمكن أن تستقى من الصحافة لوحدها نظرا لتعقدها وتعلقها بموضوع المقدسات الشائك، لذا لا بد من تحري المعطيات والتثبت منها، ولقد تسنى لي الالتقاء بالأب السي "لحبيب بحمان" بائع الفواكه بسوق العكاري (الحي الاصلي لرئيس الحكومة)، وكذلك التقيت دفاعه، لكنني لم أتمكن من محادثة صديقه الذي قدم به شكاية "عبدالرحمان الدرديري" ، كما التقيت بعضا من أصدقاءه وكل من جاء لمساندته في جلسات المحاكمة، إذ يؤكد كل هؤلاء أن هذا الشاب بريء مما نسب إليه ويرون أنه على درجة من الانضباط، بعيد عن المخدرات والانحراف ولم يكن أبدا مكترثا بالسياسة، كما كان شغوفا بكرة القدم وقد لعب لفترة قصيرة مع فريق "الفتح الرياضي" وساعده في الانضمام إلى الفريق اللاعب الكبير "حسن أقصبي" بحكم تردده على والده كزبون لديه، إلا أن وليد لم يتمكن من الاستمرار في هوايته لأسباب مادية ولعدم قدرته على التوفيق بين الدراسة والرياضة. عائلة وليد تتميز بالبساطة وتعيش في حي شعبي الرباط "حي الاقواس يعقوب المنصور"، وتتظافر جهود العائلة من أجل تأمين العيش الكريم المرتبط في غالب الأمر بالسوق وبيع الخضر، وهو مجال صعب يحتاج إلى قدرة على الدفاع عن النفس للتمكن من أخذ مكان جيد في السوق وسط بعض الأقوياء وبعض المرتشين وبعض "البزنازة" المتنكرين، ولم يتمكن أي شخص من العائلة أن يحظى بمنصب هام يستطيع من خلاله حل المشاكل المالية للعائلة التي عانت ظروفا صعبة لمدة غير يسيرة، حيث اجتاز رب الأسرة "سي لحبيب" مؤخرا ضائقة مالية اضطر معها إلى يبيع سلعته مفروشة على الأرض، إلى أن تمت مساعدته من طرف صاحبة متجر بإيوائه مؤقتا.
نظرا لاجتياز وليد لمرحلة عمرية عصيبة في حي شعبي تتواجد فيه كل أنواع الانحراف (مخدرات، إجرام، سرقة، دعارة ...) كان الأب حريصا على أن يتابع أحوال ابنه رغم قرب هذا الأخير من أمه، إذ كان يحرص على اصطحابه إلى السوق ليدربه على التجارة وصعوباتها، ويشهد "سي لحبيب" أن ابنه كان أمينا على صندوق النقود وكان إذا احتاج مبلغا ماليا ولو كان قليلا كان يطلبه دون أن يمد يداه إلى ما ليس له. اشترى وليد حاسوبا ب 1500 درهم ولم يتمكن من اكمال ثمنه لشخص تعرف عليه حديثا وهو والحالة هاته "عبدالرحمان الدرديري" "ولد العوني"، وستبدأ المشاكل مع الحاسوب لعدم اشتغاله كما يجب، عند ذلك سيقع شجار وصل إلى الكوميسارية وتدخل الأهل لمعالجته بالصلح، إلا أنه بعد مدة ستقدم شكاية بوليد من طرف نفس الشخص يتهمه فيها بالقيام بقرصنة الكترونية واستعمال الصفحة الخاصة بالدرديري في نشر كاريكاتير وتعليقات يمس بشخص الملك، ومن الغريب أن يصطحب هذا الشخص في سيارته الخاصة رجال الأمن إلى منزل وليد ليتم القبض عليه، كما تذكر العائلة أن الشاب تعرض للضرب في مخفر الشرطة للإمضاء قسرا على محضر لم يكن أمينا لأقوال وليد. لقد طالبت هيئة الدفاع بخبرة تقنية للحاسوب موضوع النزاع مما كان سيطلع الجميع على حقيقة الوضع، لكن للأسف لم تتم الاستجابة لذلك، وينتظر بعد أن تخلت عن المحامي الأول والتجائها إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن تتم مراجعة كل ملابسات القضية وثغراتها في طور الاستئناف. ويتحرك كثيرون لدعم الشاب حتى يتمتع بالحرية (عائلة وأصدقاء وليد، أصدقاء الاب بائعو الخضر، الجمعية المغربية لحقوق الانسان، حركة 20 فبراير إلى جانب حملة في الانترنيت لمساندته من خلال صفحة على الفيسبوك "كلنا وليد بحمان" للمطالبة بإطلاق سراحه) نظرا لاقتناع الجميع ببرائته.