بعد النجاحات المتكررة التي حققتها حركة 20 فبراير بطنجة، وبدأت تظهر قوتها التنظيمية والعددية، وقدرتها على فرض أشكالها النضالية رغم قمع السلطات، أصبحت التجربة تثير فضول المواقع الأخرى، وبعض الأشخاص راهنوا على الحركة من أجل مواجهة الفساد والحد منه أو من أجل الاختباء وراءها وتصفية الحساب مع النظام وأجهزته التي ربما قد حرمته من بعض امتيازاتهم لسبب أو لآخر. التودد الى الحركة بطنجة بدا مباشرة بعد صمود 6 مارس الذي أرغم السلطات المحلية على سحب قواتها من ساحة التغيير، بدا صيت الحركة يملأ أفق المدينة، وصارت مسيرات ووقفات الحركة حديث الناس في المقاهي وسيارات الاجرة والاسواق الشعبية. حزب العدالة والتنمية تعامل مع الحراك في طنجة بنوع من الترقب والتتبع، الكثير من قيادات الحزب كانوا إلى حدود شهر مارس وأبريل، يتواصلون مع بعض أعضاء التنسيقية الداعمة، بينما بعض شبابهم ينزلون يوم الأحد في الاشكال النضالية لكنهم لا يحضرون الجموعات العامة للحركة ولا يقومون بالتعبئة للأشكال النضالية، حيث جرت العادة أننا كنا نقوم بحملات تعبوية يومية بداية من الساعة السادسة مساء، وكل يوم نخصصه لحي ما أو جهة من المدينة. ذات اجتماع بين منتدبي شباب حركة 20 فبراير وأعضاء التنسيقية الداعمة، كان الاجتماع مخصصاً لوضع اخر الترتيبات لمسيرة 20 مارس، بينما نحن في الإجتماع، سيرنّ هاتف أحد أعضاء التنسيقية، وسيكون المتصل الكاتب المحلي لحزب العدالة والتنمية، وسيبلغ في مكالمته عضو التنسيقية أن شخصاً لا يريد ذكر اسمه، يقترح أن يموّل المسيرة بالماء الصالح للشرب، وردّ عضو التنسيقية على الكاتب المحلي للبيجيدي بأن ينتظر قليلا ريثما يتداول في الموضوع مع التنسيقية والشباب. بعض الشباب وعضو العدل والاحسان في التنسيقية، فهموا القصة وما وراءها بسرعة والتقطوا ما وراء المكالمة، اتصال الكاتب المحلي للبيجيدي لم يكن مصادفة انه اتصل بعضو التنسيقية في وقت الاجتماع الحاسم لتقرير اخر ترتيبات المسيرة، بل في الغالب كان يعرف موعد الاجتماع، لذلك اختار أن يتصل في ذات التوقيت بالضبط، وهذا الشخص الذي يريد أن يتصدّق بالماء على المسيرة لم يكن سوى الملتحق بحزب البيجيدي حينئذ عمدة طنجة السابق سمير عبد المولى، الذي لم يمض سوى أشهر قليلة على ازاحته من عمودية طنجة ومن حزب الأصالة والمعاصرة، فخرج ليحتمي بحزب البيجيدي، وسمير لم يبلع الطريقة المهينة التي « طُرد » بها من البام، لذلك حاول التقرّب من الحركة لردّ الدين والانتقام لنفسه. المهم بمجرّد ما أخبرنا عضو التنسيقية بفحوى الاتصال، مباشرة عرف أغلبنا من المتصل ومن الشخص الذي يريد أن يتصدّق دون ذكر اسمه، كان ردّنا مختصراً، دون لفّ ولا دوران، قلنا لرفيقنا أن يردّ على الكاتب المحلي للبيجيدي بكون الشباب والتنسيقية يرحبون بكل من أراد ان يشارك أو يساهم في مسيرات الحركة، من أراد أن يوفر الماء، نشكره على ذلك، ونحيله على ساحة التغيير يوم الأحد المقبل في موعد انطلاق المسيرة لتوزيع الماء على المشاركين في المسيرة، بغير هذا فنحن نرفض أية بهرجة أو حملات تسويقية لغرض في نفسها، نحن لن نمنع الناس من التصدق لكن نرفض أن يتم استغلال ذلك لمآرب سياسية بئيسة. وبالفعل يوم الاحد 20 مارس عندما التحقنا بساحة التغيير، وجدنا حمولة شاحنة صغيرة من ماء « عين سلطان » المملوكة لرجل الاعمال المغربي ميلود الشعبي قد تم وضعها بجانب مكان انطلاق المسيرة، وثمة بعض الاشخاص يقومون بتوزيع قناني المياه على المواطنين. كما أن سمير عبد المولى نفسه جاء ليتتبع عملية توزيعه للمياه، وظهر في محيط ساحة التغيير مع انطلاق المسيرة، رغم اصراره القبلي على عدم الكشف عن اسم من قدّم المياه للمتظاهرين.