خديجة الروكاني الناشطة في الحركة النسائية ل"فبراير.كوم": المكتسبات الدستورية في خطر. تقلص عددهن من سبع وزيرات في حكومة عباس الفاسي إلى وزيرة يتيمة في حكومة عبد الإله بنكيران هي بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الإجتماعية. فأية مقارنة بين الحكومات التي سبقت حكومة بنكيران، تبين حجم التراجع، ويكفي أن نذكر بالوزيرات اللواتي تقلدن مناصب في الحكومة السابقة وأهمية المسؤوليات التي تقلدنها كي يتضح الفرق: وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة: أمنية بنخضرا. وزيرة الصحة: ياسمينة بادو. وزيرةالشباب والرياضة: نوال المتوكل. وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن: نزهة الصقلي. وزيرة الثقافة: ثريا جبران قبل أن يعوضها وزير الثقافة بنسالم حميش. كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون: لطيفة أخرباش. كاتبة الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي المكلفة بالتعليم المدرسي: لطيفة العابدة. وقبلها كانت قد برزت أسماء وزيرات سواء على عهد الملك الرحل أو الملك محمد السادس من أمثال:نزهة الشقروني، زليخة نصري، أمينة بنخضراء، نوال المتوكل، عزيزة بناني.. لذلك اعتبر الحضور الباهث للمرأة في حكومة بنكيران تراجعا ونكوصا. بسيمة الحقاوي لم تتمالك نفسها مباشرة بعد تعيين الحكومة اتجاه هذا الوضع، حيث عبرت عن انزعاجها من أن تكون الوزيرة الوحيدة في أول حكومة بعد أول دستور فصله التاسع عشر يتحدث عن المساواة في أفق المناصفة. وقد توجهت بالنقد والتقريع إلى الأحزاب المشاركة معها في الحكومة على عدم ترشيح وجوه نسائية لتولي حقائب وزارية في حكومة بنكيران، التي عينت أمس الثلاثاء. إذ قالت الوزيرة في تصريح للقناة الأولى:« بقدر ما أنا سعيدة بوجودي في الحكومة، بقدر ما أنا منزعجة من غياب نساء إلى جانبي في هذه الحكومة..على الاحزاب ان تتوقف عن سياسة تفضيل النساء على الرجال..» ربما نست بسيمة الحقاوي أن تقول أن حزب التقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال كلاهما اقترحا اسمين نسائيين للاستوزار، لكنهما رفضتا من قبل القصر. هل هذا معناه أن الوزيرة فطنت وهي أمام عدسات الكاميرا إلى أن ثمة أسوار عالية لا يمكن بلوغها أو تخطيها، ولذلك لجأت إلى حائط الأحزاب الذي يعتبر الأقصر؟ بهذا الصدد صرحت لموقع "فبراير.كوم" خديجة الروكاني المحامية بهيئة الدارالبيضاء والناشطة داخل الحركة النسائية:«أخشى أن يكون تعيين بسيمة الحقاوي في الحكومة تكليفا نمطيا لأدوار نمطية ولاهتمامات نمطية ما دامت وزارة التنمية والأسرة لا تعدو أن تكون وزارة تقليدية بتصور تقليدي لقضايا المرأة القانونية والاجتماعية... إن بعض المكتسبات الدستورية في خطر. الحكومة فشلت في أول امتحان بهذا الخصوص من خلال الموقف الذي عبرت عنه تشكيلتها من المساواة والمناصفة، وترجمته بحقيبة وزارية وحيدة لامرأة، وزارة واحدة لجميع نساء حزب العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية وحزب الحركة الشعبية وحزب الاستقلال... على الحركة النسائية والحركة الحقوقية الاستعداد للقيام بعمل دفاعي شاق عن المشروع المجتمعي الديموقراطي الحداثي الحقيقي.» وأضافت الروكاني عضو الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء:«تشكيلة الحكومة لا تعكس أهداف الإصلاح الدستوري، خاصة الانسجام بين مكوناتها، فهي لم تكتف بضم أحزاب بمرجعيات مختلفة وبرامج متباينة، بل كرست وزارات السيادة، وأبقت على استوزار التكنوقراط وشرعنت بلقنة العمل السياسي وخرق مقتضيات قانون الأحزاب وغيره من القوانين التي تمنع الترحال السياسي، من خلال التحايل عليها بتقديم استقالة بعض أعضائها من حزبه الذي اصطف في المعارضة ليتمكن من الإستجابة لدعوة استوزاره مع حكومة العدالة والتمية. ويتوجس بعض من مكونات الحركة النسائية من أن يكون لوصول حكومة عبد الاله بنكيران وتعيين رئيسة منظمة نساء العدالة والتنمية، أي أثر سلبي على المكتسبات التي حققتها المرأة المغربية، بما في ذلك التخوف من أي تراجع عن قرارات سبق وأن اتخذتها الحكومة السابقة، من قبيل رفع التحفظات على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، لاسيما وأن الشريط الذي عمم لبسيمة الحقاوي على الفايس بوك، مباشرة بعد تعيينها، وهي تهاجم الحكومة السابقة التي اتخذت هذا القرار، تعتبره بعض من مكونات الحركة النسائية مؤشرا مقلقا. الأكثر من هذا، ذهبت بعض الجمعيات داخل الحركة النسائية حسب ما علمت "فبراير.كوم" إلى التفكير في مقاطعة الوزارة الوصية على الأسرة والتضامن والتنمية الإجتماعية، كما جاء على لسان ناشطة حقوقية:« إننا نفكر في مقاطعة الوزارة من حيث التعاون والشراكات..» هذا في الوقت الذي يختلف العديد من مكونات الحركة النسائية مع هذا الطرح، حيث أكدن ل"فبراير.كوم":«مخطئ من يعتقد أن بسيمة الحقاوي ستحتفظ بنفس المواقف المتشددة في قضايا المرأة. وضعها الآن مختلف. إنها في الحكومة لا في المعارضة. والحكومة معناها أغلبية ودستور وتوابث أمة ومكتسبات ضمنتها أعلى سلطة في البلاد ولا يمكن التراجع عليها..» اتصلت "فبراير.كوم" بوزيرة المرأة والتنمية الإجتماعية لأخذ رأيها في كل هذه الملفات التي ستطرح عليها، لكنهاأغلقت هاتفها المحمول مباشرة بعد تعيينها وزيرة، لانشغالها باجتماعات ماراطونية كما أكد لنا مقربين منها. من الواضح أنهن لا يقرأن جميعهن الإتفاقيات الدولية بنفس النظارات والتصور ذاته، بل حتى مدونة الأسرة لا يأولنها ولا يفتحن صفحاتها بنفس الطريقة، الشيء الذي يحمل معه بوادر قراءات متعددة لفصولها ولتأويلات الفصل 19 نفسه من الدستور، ومآزق ستعيشها الحكومة المقبلة لا محالة.