هل تعلمون ما معنى المخاض؟ من منكم جرّبه؟ من جرّبت من الأمهات أو الآباء إنجاب ولد كتفاه عريضان، وقد حملت جفونه أرقا عمره يربو عن الأسبوع.. ؟ أن تلد ولدا تحول اسمه إلى رمز أجمعت أصوات بنات وأبناء بلده، على أن لا يكون الشماعة التي تعلق عليها الدولة كل أخطاءها؟ هكذا بدت والدة العمراني لحظة انتظار مصطفى بزقاق متواضع بالحي الحسني في مدينة بنسليمان. بخجل وأنفة باديتين استعارت هاتف « فبراير.كوم »، لتتصل بولدها، لأن رصيد هاتفها قد نفذ، قالت له بالحرف والشوق يلتهمها: « أويلي أوليدي سعيد فين هو خوك مصطفى.. جيبو صافي ؟ » كان البيت يغلي.. الأطفال يصرخون: » بغينا عمي مصطفى.. واش بصح خرجوه من الحبس... حلفوا بالله ».. الأم والخالة والجيران والأصدقاء كلهم ينتظرون اللحظة التي سيصل فيها مصطفى البيت عائدا من السجن ليعانقوه، ليعزونه في أبنائه الإحدى عشرة، الذين قضوا في فاجعة واد الشراط.. ولأن مصطفى سيتأخر إلى غاية الثانية فجرا، فقد ارتبك الجميع.. حان وقت نوم الأطفال لكنهم رفضوا أن تفوتهم لحظة استقبال الأستاذ مصطفى، بعد استفادته من السراح المؤقت ومغادرته للسجن الذي قبع فيه لأزيد من أسبوع، إثر متابعته بتهمة القتل الخطأ، لذلك تحولت محاولة بعض الأمهات ثني أبنائهن عن الانتظار وإرغامهن على النوم، إلى بكاء وحزن دفينين. قال الأطفال ل »فبراير.كوم » في بيت العمراني كما ستتابعون بالصوت والصورة: » مخصهمش يعتقلوه.. هو ما دار والو.. هو بريء » وتسابقت الأمهات في الثناء على الأستاذ، وحده تذكر أم فدوى التي رفضت أن تصادق على تنازل يخلي ذمة الأستاذ من مسؤولية وفاة ابنها، ذكر الحاضرين أن ثمة غصة في الحلق. وأخيرا وصل الأستاذ، وانهالت عليه القبل والدموع واستقبلته والدته بالتمر والحليب، وبدا المشهد حزينا وهو يردد السؤال الذي كاد يدمره على حد تعبيره « علاش شدوني.. أش كندير في الحبس واش أنا هو البحر؟ علاش انا مشدود؟!»