سيكون على بعض المسؤولين المغاربة، لاسيما الذين يتربعون على عرش القرار الأمني والاستخباراتي في المغرب، أن يجيبوا عن سؤال:كيف قضى رئيس المخابرات الليبي السابق اياما في المغرب، وغادره دون أن يلقى عليه القبض، مع العلم أنه متابع من طرف المحكمة الدولية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية؟ فمن يكون عبد الله السنوسي؟ إنه العميد الملاحق من طرف المحكمة الجنائية الدولية والذي اوقف نهاية الاسبوع في موريتانيا, عماد نظام معمر القذافي واحد ابرز منفذي سياسته القمعية اثناء الانتفاضة الشعبية ضده في 2011.
عمره (62 عاما) زوج اخت صفية فركاش الزوجة الثانية للزعيم الليبي الراحل، كان ضمن الدائرة المقربة جدا من القذافي وادار لفترة طويلة جدا الاستخبارات العسكرية الليبية "احد اجهزة النظام القمعية الاكثر قوة وفاعلية"، بحسب تعبير المحكمة الجنائية الدولية.
وقبل اسابيع من بداية الثورة على القذافي في شباط/فبراير 2011, اعلنت حركة التمرد اقالة السنوسي غير انه لم يتم تاكيد الخبر من النظام حينها.
ويعود آخر ظهور علني له الى 21 آب/اغسطس يوم دخول الثوار العاصمة الليبية بعيد قصف مقر اقامته في طرابلس في غارة للحلف الاطلسي.
وقدم السنوسي في ذلك اليوم للتحدث الى الصحافيين الاجانب في فندق ريكسوس واتهم حينها "المخابرات الغربية والحلف الاطلسي بالعمل جنبا الى جنب مع تنظيم القاعدة لتدمير ليبيا" مؤكدا ان "ليبيا لن تحكمها عصابات ارهابية".
اما ما قام به بعد ذلك فيبقى غير مؤكد. ففي تشرين الاول/اكتوبر قالت مصادر امنية نيجرية ومالية انه دخل من النيجر الى مالي مع عدد قليل من رجاله.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر اعلنت السلطات الليبية اعتقاله في منطقة سبها جنوب ليبيا حيث معقل قبيلة المقارحة النافذة. غير انها تراجعت عن هذا الاعلان لاحقا.
والسنوسي موضع مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية منذ 27 حزيران/يونيو 2011 بتهمة القيام "من خلال جهاز الدولة الليبية وقوات الامن الليبية" بارتكاب "مجازر وعمليات تنكيل بحق مدنيين تشكل جرائم ضد الانسانية" منذ بداية الثورة وخصوصا في طرابلس وبنغازي ومصراتة اكبر مدن ليبيا.
وجاء في مذكرة التوقيف "هناك اسباب معقولة للاعتقاد انه بين 15 شباط/فبراير 2011 و20 شباط/فبراير 2011 على الاقل وخصوصا في بنغازي, كان الاهالي المدنيون ضحية اعمال لاانسانية ارتكبتها قوات الامن بامرة عبد الله السنوسي".
كما اشير الى السنوسي باصبع الاتهام في ما يعرف بمجزرة سجن ابوسليم بطرابلس حيث كان اعتقل العديد من السجناء السياسيين وقتل اكثر من الف منهم بالرصاص في 1996.
اما في الخارج فالسنوسي محكوم عليه غيابيا في 1999 بالسجن المؤبد من قبل القضاء الفرنسي لدوره في اعتداء 10 ايلول/سبتمبر 1989 الذي كان استهدف رحلة يو تي ايه 772 وقضى فيه 170 شخصا.
ونظريا يمكن ان يحاكم مجددا في فرنسا وحضوريا هذه المرة.
لكن السلطات الليبية تقول ان السنوسي سيحاكم في ليبيا مثل سيف الاسلام نجل القذافي الذي تم اعتقاله في تشرين الثاني/نوفمبر في ليبيا والملاحق بدوره من قبل المحكمة الجنائية الدولية. وكالة المغرب العربي للأنباء التي أوردت خبر اعتقاله، لم تكشف عن خلفيات اعتقاله عائدا من المغرب عبر مطار محمد الخامس في الدارالبيضاء. فهل هذا معناه أن عيون المخابرات المغربية لم تتوصد رئيس المخابرات الليبية السابق الذي كان يتحرك بجواز سفر مالي مزور؟ إنه السؤال المحرج الذي يوجد على طاولة المخابرات المغربية.