السعيديساهم قرار الحكومة القاضي بالاقتطاع من أجور الموظفين المضربين عن العمل في جعل النقابات تتخلى عن سياسة الإضراب للدفاع عن مطالبها، وتلجأ إلى أساليب بديلة، كما هو الشأن بالنسبة إلى النقابة الديمقراطية للعدل التي نظمت، السبت الماضي، وقفة أمام المجلس الاستشاري للحقوق الإنسان، ومسيرة باتجاه ساحة باب الأحد، فهل الاقتطاع من الأجور أجبركم على التخلي عن سياسة الإضراب للدفاع عن مطالبكم؟ أعتبر أن النقاش حول تراخي النقابات عن الدفاع عن مطالبها بسبب الاقتطاعات من أجور المضربين يحاول أن يضفي نوعا من المشروعية على قرار الاقتطاع من الأجور، الذي نعتبره قرارا غير دستوري، وإن كان في جوهره يخفي عمق الأزمة، ويظهر الطابع الانتقامي لوزارة العدل في مواجهة حركة النقابة الديمقراطية للعدل النضالية، لذلك نؤكد أن قرار الاقتطاع من الأجور بأثر رجعي سيزيد من حدة الأزمة عوض أن يساهم في حل المشاكل العالقة بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.لطالما أكد وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، أن كتاب الضبط تمتعوا بحقوق عدة، واستفادوا من الزيادات في الأجور بفعل النظام الأساسي لكتاب الضبط، ويعملون في ظل أوضاع مادية ومهنية مريحة، ورغم ذلك يحاولون الضغط على الوزارة، ويطالبون بأجور مقابل أعمال لم يقوموا بها لفائدة الدولة. (مقاطعا) مطالبنا في النقابة الديمقراطية للعدل نعتبرها مطالب مشروعة، ونجدد تأكيد أن هذه المطالب لن تكلف ميزانية الدولة درهما واحدا، والسيد وزير العدل بدل أن يتعامل مع النقابة الديمقراطية للعدل باعتبارها النقابة الأكثر تمثيلية في القطاع وتتصدر نتائج اللجن الثنائية في الوظيفة العمومية مع باقي القطاعات، عمد إلى إقصائها من جلسات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، وأمر بالاقتطاع من أجور الموظفين بأثر رجعي محاولا امتهان كرامتهم. ولأن من يزرع الريح يحصد العاصفة، فقد حصد الوزير نتائج قراراته، إذ أصبح يهاب الدخول إلى محاكم المملكة نهارا، بعد أن بدأ يشعر، أينما حل وارتحل، بأنه شخص غير مرغوب فيه أمام الغضب العارم لكتاب الضبط الذين يستقبلونه بالاحتجاجات في كل مكان. مع توالي الإضرابات في قطاع العدل سجل شلل في المحاكم مما أثر على سير حركة العدالة، ومس بحقوق متقاضين ضاقوا بدورهم ذرعا بإضرابات كتاب الضبط المتكررة. نحن واعون بالأمر، ولطالما أصدرنا بلاغات نعتذر فيها إلى المتقاضين عن الأضرار التي قد تحلقهم بسبب إضراب كتاب الضبط، لكن يجب تأكيد أن اختيارنا الإضراب عن العمل جاء بعد أن سدت أبواب الحوار في وجوهنا بشكل إقصائي. في السابق، كنا فقط نقوم بحمل الشارة أو نحتج لمدة ساعة أو ساعتين اعتقادا بأنه سيتم الانتباه إلى مطالبنا، لنقرر خوض أشكال نضالية أكثر تصعيدا، وحتى بعد لجوء الوزارة إلى الاقتطاع من أجور المضربين، فإننا سنبتكر طرقا احتجاجية أخرى، بما فيها تنظيم حلقات نقاش في الشارع العام أو جلسات استماع، مثل تلك التي سننظمها يوم السبت بقاعة سمية في الرباط.