ساعات معدودة تفصل فرنسا عن الدورة الأولى من انتخابات الأقاليم …و بالرغم من رهاناتها الجهوية و ابعادها الإقليمية يتابع الرأي العام الفرنسي هذا السباق و كأنه امتحان و طني لليسار الحاكم بزعامة الرئيس فرانسوا هولاند ورئيس الحكومة مانويل فالس …ما يعطي لهذا الاستحقاق نكهة خاصة كون معظم استطلاعات الرأي تؤكد على الاختراقات الانتخابية المنتظرة للجبهة الوطنية بزعامة النجمة الصاعدة في المشهد الفرنسي مارين لوبين ذلك على حساب الحزب الاشتراكي الذي تتنبأ له معاهد دارسة الرأي بنكسة وطنية جديدة تثقل ملفه الانتخابي و مع اقتراب هذا الموعد حاول رئيس الحكومة مانويل فالس تعبئة الفرنسيين و استنهاض هممهم للوقوف سدا منيعا اما صعود اليمين المتطرف …مانويل فالس ينطلق من قناعة ان التطرّف السياسي الذي تجسده الجبهة الوطنية هو نتيجة مباشرة لعزوف الفرنسيين عن العمليات الانتخابية ومقاطعتهم لصناديق الاقتراع و ان المجتمع الفرنسي الذي تحكمه فلسفة الجمهورية و نظام التعايش السلمي بين مختلف مكوناته يرفض تماما النبرة العنصرية الاقصائية التي ترفعها كشعار سياسي مارين لوبين و حلفاؤها … و قد حاول مانويل فالس عبر خطب ملتهبة القاها امام البرلمان الفرنسي و عبر مشاركته برامج تلفزيونية دق ناقوس الخطر و الإعلان بقوة ان المعادلة السياسية التي تعيشها فرنسا على ضوء هذه اللامبالاة تجعل اليمين المتطرف يقف على أبواب السلطة و انه يجب الأخذ على محمل الجد إمكانية ان يصل نفوذه الى قصر الاليزي …مانويل فالس تعرض لانتقادات قوية من طرف اليمين بزعامة نيكولا ساركوزي الذي وجه له سهاما لاذعة تشكك في قدرته على ضبط النفس و السيطرة على الأوضاع …. الرئيس فرانسو هولاند كان قد استبق هذه الهزيمة المرتقبة و أكد ان العبرة التي سيستخلصها يجب ان تبقى على المستوى المحلي و انه كيفما كانت النتيجة فالواقع الجديد لا يفرض عليه اي تغيير حكومي كما جرى ذلك عندما أرغم على التخلي عن جان مارك ايرولت بعد هزيمة الانتخابات البلدية ..لكن يجمع المراقبون على اعتبار ان حجم الهزيمة و وقوة الاختراق الذي يمكن ان تحققه الجبهة الوطنية ستخلق اجواء سياسية جديدة سيكون لها الأثر الأكبر على الأداء الحكومي لليسار و مصداقيته و قدرته على جمع صفوفه لخوض ما يسمى في فرنسا بأم المعارك الانتخابية اي السباق الرئاسي لعام ألفين و سبعة عشر .. فكيفما كانت النتيجة لهذه الانتخابات هي بمثابة امتحان عسير يمر به فرانسو هولاند و فريقه الوزاري و حزبه الاشتراكي لدرجة دفع بالبعض بالاعتقاد ان هزيمة قوية في الاقتراع قد تعصف بحياة الحزب و تقلص من قدرته على التواجد والاستقطاب لانها ستحرمه من من قاعدة شعبية ثمينة تساعده على الاستمرار في خوض المعارك الانتخابية المقبلة و ربحها…