نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب    وزارة الاقتصاد والمالية: المداخيل الضريبية بلغت 243,75 مليار درهم عند متم أكتوبر 2024        في لقاء مع الفاعلين .. زكية الدريوش تؤكد على أهمية قطاع تحويل وتثمين وتسويق منتجات الصيد ضمن النسيج الإقتصادي الوطني    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    الذهب يواصل مكاسبه للجلسة الرابعة على التوالي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    استئنافية ورزازات ترفع عقوبة الحبس النافذ في حق رئيس جماعة ورزازات إلى سنة ونصف    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    مقتل 22 شخصا على الأقل في غارة إسرائيلية على غزة وارتفاع حصيلة الضربات على تدمر السورية إلى 68    ترامب ينوي الاعتماد على "يوتيوبرز وبودكاسترز" داخل البيت الأبيض    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    كيوسك الخميس | 80 في المائة من الأطفال يعيشون في العالم الافتراضي    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية        اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    الفتيان يواصلون التألق بالفوز على ليبيا    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    بوريطة يستقبل رئيسة برلمان صربيا    الحكومة تتدارس إجراءات تفعيل قانون العقوبات البديلة للحد من الاكتظاظ بالسجون        ولد الشيخ الغزواني يهنئ الملك محمد السادس بمناسبة عيد الاستقلال    العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية تقرر تغيير توقيت انطلاق ديربي البيضاء    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الأربعاء    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية    تفاصيل نجاة فنانة مصرية من الموت        نادال مودعا ملاعب التنس: " أريد أن يتذكرني الناس أنني كنت شخصا طيبا قادما من قرية صغيرة قرب مايوركا"    تلاميذ مغاربة يحرزون 4 ميداليات في أولمبياد العربية في الراضيات    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    فعاليات الملتقى الإقليمي للمدن المبدعة بالدول العربية    أمزيان تختتم ورشات إلعب المسرح بالأمازيغية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    روسيا تبدأ الاختبارات السريرية لدواء مضاد لسرطان الدم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«صحوة» الاشتراكيين الفرنسيين مستمرة و«تقدم» مخيف لليمين المتطرف
الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية حملت عدة مفاجآت أهمها: النسبة المرتفعة للامتناع عن التصويت واحتمال اندحار بايرو
نشر في المساء يوم 14 - 06 - 2012

بعد خمسة أسابيع على انتخاب فرانسوا هولاند، سابع رئيس للجمهورية الخامسة، جاءت نتائج الدور الأول من الانتخابات التشريعية
والتي نظمت في العاشر من هذا الشهر، لتؤكد رغبة الفرنسيين في تعزيز التغيير والإصلاحات التي دعا إليها رئيس الجمهورية. وجاءت النتيجة لصالح اليسار، الذي حصل على 49 % . وتتشكل الخارطة الانتخابية لليسار على النحو التالي: الحزب الاشتراكي وحلفاؤه من الحزب الراديكالي: 34,4 % . الخضر: 5,46 % . جبهة اليسار: 6,91 % وإن أضفنا بعض الأحزاب الإقليمية واليسارية المتطرفة فإن مجموع قوى اليسار بلغ 49 % . أما أحزاب اليمين ( الاتحاد من أجل حركة شعبية والأحزاب الموالية لها)، فقد حصلت على نسبة 34,6 % في الوقت الذي حصل فيه اليمين المتطرف على 13,79 %.
مع انتهاء الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية التي كرست التقدم الكبير للاشتراكيين، مع تقدم ملحوظ لليمين المتطرف، من المرتقب أن ترسخ الجبهة الوطنية خلال الدور الثاني قاعدتها وتضمن بعضا من المقاعد في حظيرة مجلس النواب بعد أن تغيبت لمدة 26 عاما. كما أنه من المرتقب أن يفوز اليسار أو بالأحرى الحزب الاشتراكي خلال الدور الثاني بالأغلبية المطلقة، وهذا ما ناشده فرانسوا هولاند ووزيره الأول، جان-مارك إيرو. والحصول على الأغلبية المطلقة بالبرلمان معناه توفر الحكومة على هامش مريح قد يساعدها على إنجاز الإصلاحات التي قطعها الرئيس على نفسه أمام الفرنسيين والتي تضمنها برنامجه الانتخابي. كما قد توفر له هذه الاغلبية فرصة للتنسيق بين مجلس الشيوخ، ( الذي يتحكم فيه أيضا اليسار)، بين الحكومة والبرلمان لفتح الأوراش الاقتصادية والاجتماعية الكبرى. وقد انتخب 36 نائبا منذ الدور الأول، من بينهم 22 نائبا اشتراكيا. وبالنظر إلى مواقعهم والنسب التي حصلوا عليها، فإن أغلب وزراء حكومة جان-مارك إيرو، قد يجتازون الدور الثاني، مما قد يبعد سيناريو تغيير الطاقم الوزاري الحالي، أو السيناريو الثاني الأكثر كارثية وهو سيناريو التعايش مع اليمين. يبقى المبدأ الذي سطره رئيس الدولة ورئيس الحكومة ساري المفعول: هو أن كل من انهزم من الوزراء في الاقتراع التشريعي إلا وعليه التخلي عن كرسي الوزارة. ويجب انتظار الدور الثاني لمعرفة التشكيلة النهائية لحكومة إيرو الثاني.
مفاجآت الدور الأول
لكن الدور الأول حمل العديد من المفاجآت. أهمها: النسبة المرتفعة للامتناع عن التصويت والتي بلغت 42,77% وهي نسبة استثنائية في تاريخ الجمهورية الخامسة. ويفسر العديد من المراقبين عزوف الناخبين عن الانتخابات التشريعية بسبب قربها زمنيا من الاقتراع الرئاسي. خصوصا وأن الدور الأول والثاني يجرى يوم الأحد وهو يوم عطلة، وهي الفرصة التي ينتهزها الفرنسيون للخلود إلى الراحة. وينسب فرديريك دابي، مدير قسم الاستطلاعات بمعهد الإيفوب، هذا العزوف إلى سنة 1993. وقد ارتفعت نسبة الامتناع عن التصويت بثلاث نقط، مقارنة مع انتخابات 2007 التي بلغت فيها النسبة إلى 39,6% . ويضيف أن الرئاسية تبقى الاقتراع الذي يحظى باهتمام الفرنسيين. أما باسكال يان، أستاذ القانون العام بمعهد العلوم السياسية بمدينة بوردو فيعتبر أن الناخبين لم يتوجهوا بكثرة إلى صناديق الاقتراع، لأنهم اعتبروا أن اللعبة قد انتهت وحسم الاقتراع لصالح الاشتراكيين، وبالتالي لا داعي للتوجه إلى صناديق الاقتراع، وهذا خطأ يشير الباحث، لأن السياسة التي سطرتها الحكومة يتوقف إنجازها على أغلبية برلمانية. التهميش الذي أصبحت تعاني منه الانتخابات التشريعية دفع ببعض النواب السابقين إلى الدعوة إلى المزاوجة وفي نفس اليوم بين الانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية. لكن هذه الفكرة قد تطرح سلسلة مشاكل قانونية وتنظيمية كما تتطلب إعادة النظر في القانون الدستوري.
المفاجأة الثانية هي ترشح اليمين المتطرف، في شكله العائلي والعشائري ( ترشح كل من ابنة جان-ماري لوبين، حفيدته، صهره)، في المشهد السياسي الفرنسي. وقد أعطت رئيسة هذا التنظيم العنصري الدليل على أنها قادرة على غواية واستمالة الناخبين بتلويحها بالتخويف من الأجانب وبخاصة من المغاربيين. وجاء فوزها بالضربة القاضية على جان-ليك ميلنشون في بلدة هينان-بومان، ليؤكد ويرسخ هذه الاستراتيجية الشيطانية. فقد نجحت بفضل أطراف وأياد خفية، في تشويه سمعة رئيس جبهة اليسار، الذي اعتقد وبكل سذاجة أنها ستواجهه بأياد عارية، فيما لبست قفازات من حديد لتهشيم صورته أمام قاطنة هينان-بومان. وقد سرب بعض أنصارها منشورات نسبوها إليه كتبت باللغة الفرنسية وبعربية مليئة بالأخطاء تردد بعضا مما جاء في خطاباته في قضية الاعتراف بالمغاربيين والدعوة إلى التعايش معهم. وكانت هذه المنشورات بمثابة قنابل موقوتة نفرت العديد من الناخبين. المهم أن جان-ليك ميلنشون الذي دفع بالموجة الحمراء في أكثر من منطقة يجد نفسه اليوم مجبرا على التصويت لصالح المرشح الاشتراكي الذي تبدو حظوظه جد ضئيلة أمام مارين لوبين. وفي الوقت الذي شددت فيه هذه الأخيرة على رغبة حزبها في الحفاظ على مرشحيها، يشرع الاتحاد من أجل حركة شعبية وخاصة مرشحيها الذين يوجدون في عين الإعصار في مغازلة ناخبي الجبهة الوطنية، بالعزف على نغمات كلاسيكية سمعناها سابقا وبالأخص إخراج بعبع « دفاع اليسار عن حق المهاجرين في التصويت في الانتخابات البلدية» والتنديد بهذا المطلب الذي يشكل في نظرهم خطرا على «قيم الجمهورية. هكذا شرع اليمين في إنعاش الأطروحات التي أطلقها بشكل هيستيري نيكولا ساركوزي خلال حملته للرئاسية من نوع أن الحزب الاشتراكي متحالف مع اليسار المتطرف الذي يعتبر نظام فيديل كاسترو نظاما ديمقراطيا. فلماذا لا نتحالف مع اليمين المتطرف؟ يقول أقطاب اليمين. حصان الهجرة ركبته هذه المرة رشيدة داتي لتخاطب الجميع بنبرة باهتة سبق أن عزف عليها كلود غيان وغيره: «لا يمكن لفرنسا أن تستقبل المزيد من المهاجرين». الواضح أن حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية يرغب في إنقاذ ما يمكن إنقاذه مع السعي إلى الحيلولة دون حصول الحزب الاشتراكي على الأغلبية المطلقة. ثم يسعى كذلك إلى إرسال إلى تحت قبة البرلمان لنواب ساركوزيين من الطينة الخام من امثال نادين مورانو أو جان فرانسوا كوبيه، كلود غيان أو هنري غينون الذين سيقومون بدور مكبرات صوت داخل البرلمان للتشويش والضجيج. وستكون المنافسة بينهم وبين مارين لوبين في حالة صعودها إلى البرلمان حامية الوطيس.
فرانسوا بايرو يؤدي الثمن
المفاجأة الثالثة التي يمكن استخلاصها من الدور الأول هو احتمال اندحار فرانسوا بايرو، رئيس حركة الديمقراطيين، في الدور الثاني أمام المرشحة الاشتراكية. في الوقت الذي أبان فيه الرجل عن نزاهة سياسية بتصويته لصالح فرانسوا هولاند، في الوقت الذي ناضل من أجل تخليق الحياة السياسية، لم يجد أدنى مكافأة أو اعتراف، بل بالعكس أشعره الناخبون بأنه أخطأ الهدف وبالتالي عليه تأدية الثمن. علاوة على أن الحزب الاشتراكي لم يقم بأي التفاتة تجاهه، بسحب مرشحته والالتفاف من حوله. وكان حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية أول المتشفين. وما زاد الطين بلة هو انتخاب هيرفي موران عن حزب الوسط منذ الدور الأول. وكان هذا الأخير قد بايع ساركوزي.
قوائم سوداء
إن كانت الجبهة المتطرفة تطمح إلى العودة إلى رحاب مجلس النواب بعد غياب دام 26 عاما، فإنها وبالموازاة تريد معاقبة بعض الشخصيات المنتمية إلى الاتحاد أو إلى الحزب الاشتراكي وذلك بإخراجها من السباق التشريعي للدور الثاني. ولهذا الغرض أعدت مارين لوبين قائمة سوداء بالمرشحين الذين ستعمل على إسقاطهم في الدور الثاني. وبذلك تتبوأ لا فحسب موقع الحكم بل «صانعة الملوك». وخلال الندوة الصحافية التي عقدتها الجبهة بمقر الحزب وزعت مارين لوبين النقاط، الإيجابي منها والسلبي على مرشحي الحزب الاشتراكي وحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية. بعد أن اكدت أن جميع مرشحي الجبهة الوطنية، سواء منهم من احتل الصف الأول أو الثاني، سيتقدمون للدور الثاني، في 61 مقاطعة، أشارت إلى أن الجبهة ستتنازل لصالح بعض المرشحين. لكنها طالبت برؤوس 8 مرشحين ينتمون إلى اليمين واليسار والخضر، بحجة سعي الجبهة إلى «تخليق الحياة السياسية، فيما تصرفات هؤلاء المرشحين تتعارض مع هذه القيم. هذه الشخصيات هي: مانويل إيشليمان ( الاتحاد من أجل حركة شعبية)، جورج ترون ( من نفس الحزب) المتورط في فضائح التحرش الجنسي. جاك لانغ ( عن الحزب الاشتراكي)، غزافييه بيرتران ( عن الاتحاد من أجل حركة شعبية)، سيغولين نوفي ( عن الحزب الاشتراكي)، وسليمان طير ( عن الخضر).
من جهته، أعطى الحزب الاشتراكي تعليماته لإلحاق الهزيمة بناتالي كوزيوسكو موريزي، الناطقة الرسمية سابقا باسم الحملة الانتخابية لساركوزي. يلتقي الحزب الاشتراكي والجبهة الوطنية عند نفس الرغبة. «بما أن كوزيوسكو موريزي أعربت عن رغبتها سابقا في التصويت لصالح المرشح الاشتراكي في حالة مواجهته لمرشح من الجبهة، فإننا سنرد لها الصاع صاعين اليوم، وسنصوت بدورنا لصالح المرشح الاشتراكي» تقول مارين لوبين. أما جمعية SOS racisme فطرحت بدورها ما أسمته ب»قائمة العار». تشمل هذه القائمة أسماء لعدة مسؤولين من اليمين واليسار. على رأس القائمة تأتي طبعا نادين مورانو، التي أبدت استعدادها للتحالف مع الشيطان للحفاظ على منصبها النيابي. وتعتبر الجمعية أن تصريحاتها في موضوع القيم والأجانب هي شتيمة في حق الديمقراطيين. المرشح الثاني الذي نعتته المنظمة هو رولان شاسينغ ممثل الاتحاد من أجل حركة شعبية والذي أعرب جهرا عن القواسم المشتركة التي تجمع حزبه وحزب الجبهة الوطنية المتطرفة.
برفضها للتنازل عن ترشيحها لصالح مرشح يميني يناهض الجبهة الوطنية، ستساهم كاترين آركيلوفيتش، المرشحة الاشتراكية في فوز مرشحة اليمين المتطرف. الشيء الذي اعتبرته الجمعية خيانة للمبادئ الديمقراطية.
انشقاقات
لم تسجل انشقاقات داخل اليمين التقليدي وحسب بل عرف الحزب الاشتراكي بدوره تصدعات داخلية دفعت بالحزب إلى طرد بعض العناصر المنشقة مما أثر سلبا على أداء المرشحين الرسميين. ومن بين الحالات العصيبة التي تحولت إلى قضية حزبية، بل إلى فضيحة يتواجه فيها رمزان من رموز الحزب، المواجهة التي تجمع سيغولين رويال وأوليفييه فالورني الذي رفض التنازل باسم الديمقراطية، لسيغولين رويال. وقد أخذت المواجهة بينهما أبعادا غير مرتقبة. في الوقت الذي هب فيه الحزب لمناصرة سيغولين رويال، خرجت فاليري تريفايلير، رفيقة الرئيس فرانسوا هولاند، على التويتير، لتقديم دعمها لأوليفييه فالورني، فيما ساند فرانسوا هولاند سيغولين رويال. الشيء الذي فسره البعض بانفجار الحرب الخفية مجددا بين زوجة فرانسوا هولاند سابقا ورفيقة دربه حاليا، وهي حرب لن تخدم لا الحزب الاشتراكي ولا سيغولين رويال التي تطمح إلى رئاسة مجلس النواب.



«حسابات النساء» تربك الاشتراكيين
تدخلت سيدة فرنسا الأولى بشكل مفاجئ في الحياة السياسية معلنة دعمها لمنافس سيغولين روايال في الانتخابات التشريعية، موجهة بذلك طعنة أنثوية لشريكة حياة الرئيس فرنسوا هولاند السابقة وأم أبنائه.
ففي تغريدة من 22 كلمة على موقع «تويتر» كان لها وقع القنبلة أيدت فاليري تريرفيلر الاشتراكي المنشق أوليفييه فالورني الذي حل ثانيا في لاروشيل، والذي قد يخرج سيغولين روايال من الجولة الثانية لهذه الانتخابات بدعم ضمني من نواب اليمين.
ففي الوقت الذي أطلقت فيه إدارة الحزب الاشتراكي ورئيس الدولة عملية إنقاذ للمرشحة السابقة للرئاسة في انتخابات عام 2007، كتبت فاليري تريرفيلر: «تحية لأوليفييه فالورني الذي لم يقصر في النضال إلى جانب أبناء لاروشيل منذ سنوات في جهد مترفع».
وفي البداية بدا هذا الموقف ضد من كانت لنحو 30 عاما شريكة حياة فرنسوا هولاند وأم أبنائه الأربعة وكأنه غير متصور إلى حد أن اعضاء مكتب زعيمة الحزب الاشتراكي مارتين أوبري كانوا مقتنعين بأن الرسالة مزورة. لكن ما لبث الأمر أن أثار استنكار وغضب البعض في اليسار. وقال جان لوي بيانكو، نائب الحزب الاشتراكي المقرب من سيغولين روايال: «لقد انتخبنا فرنسوا هولاند وليس فاليري تريرفيلر التي لا أعرف لماذا تتدخل في ما لا شأن لها به».
وقال نائب حزب الخضر دانيال كوهين بنديت: «هذا شيء مرفوض. فلا مجال هنا للحديث عن استقلالية، إنها ضربة غير لائقة. فروايال هي والدة أبناء هولاند الأربعة فهل نسيت فاليري تريرفيلر ذلك؟».
وقد سبق أن خرجت فاليري تريرفيلر (47 سنة) عن المألوف معلنة رغبتها في مواصلة عملها كصحافية، وهو ما اعتبره البعض لا يتناسب مع وضعها كشريكة حياة رئيس الدولة.
فقد أوضحت قبل وبعد انتخاب فرنسوا هولاند في السادس من ماي الماضي أنها ستبتكر وضعا جديدا، وقالت محذرة إن «السيدة الأولى مجرد دور ثانوي ويجب النظر إليه على هذا الأساس»، لكنني «لن أكون مجرد إناء خزفي للزينة».
وبتوجيه هذه الطعنة لسيغولين رويال، تكون فاليري تريرفيلر قد فعلت ما يمكن اعتباره «تجاوزا»، فقد خرجت عن التحفظ المفروض للسيدة الأولى بالتدخل في الحقل السياسي. وهذا التدخل يتعارض مع الدور الباهت لزوجة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، عارضة الأزياء السابقة كارلا بروني، التي كانت هي الأخرى قد ابتعدت عن الصورة التي أعطتها زوجة ساركوزي السابقة سيسيليا كشخص شديد الاهتمام بالشؤون العامة.
وسرعان ما رأى اليمين في هذا الحدث هدية من السماء. وقال نائب حزب التجمع من أجل حركة شعبية إريك كيوتي معلقا: «الدراما الكوميدية تدخل الإليزيه»، فيما قال جوفروي ديدييه، المستشار الإقليمي: «هذا الصباح أصبحت الرئاسة «العادية» في حكم الميتة نهائيا. فما نشاهده الآن في الإليزيه هو مسلسل «دالاس»، في إشارة إلى الرئيس العادي الذي يريد أن يجسده فرنسوا هولاند على نقيض رئاسة سلفه المفرطة. كما أعرب أوليفييه فالورني، الذي يؤاخذ على سيغولين روايال هبوطها ب«المظلة» على هذه الدائرة بهدف وحيد هو انتزاع رئاسة الجمعية الوطنية ورفضها العنيد سحب ترشيحها، عن «سعادته» ب«رسالة المحبة والدعم الشخصي الجميلة» هذه التي جاءت لمؤازرته بصورة غير متوقعة وضد الكل تقريبا.
وقد نشرت سيغولين روايال دعما خطيا لها من رئيس الدولة في الجولة الثانية، جاء فيه أنها «المرشحة الوحيدة للأغلبية الرئاسية التي تحظى بدعمي وتأييدي».
كما حصلت روايال على دعم زعيمة الحزب الاشتراكي التي توجهت إلى لاروشيل حيث قالت: «أعرف كم تمثل من أهمية بالنسبة للكثيرين.. نحن في حاجة إلى صوت سيغولين روايال وتصميمها»، وذلك رغم أن اوبري خاضت منافسة حامية مع روايال في سباق زعامة الحزب الاشتراكي عام 2008.
ومساء أول أمس الثلاثاء قال رئيس الوزراء جان مارك إيرولت إنه هو شخصيا وفرنسوا هولاند يدعمان «إلى أقصى حد» ترشيح سيغولين روايال، مؤكدا أن ما عدا ذلك أمور «عابرة»، في إشارة إلى هذه التغريدة المدوية.
ولهذا الحدث وقع شديد القسوة على سيغولين روايال، لاسيما وأنها كانت منذ شهور قليلة فقط تحلم بانتزاع ترشيح الحزب الاشتراكي من جديد لانتخابات الرئاسة، فإذا بها تأتي في المركز الرابع في هذه الانتخابات التمهيدية التي تصدرها شريك حياتها السابق لكن مع امرأة أخرى في ذراعه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.