لم يكن قرار وقف إصدار جريدتي الاتحاد الاشتراكي وليبيراسيون ليمر بشكل عابر على صحافيي المؤسستين والعاملين بها، تجمعات هنا وهناك، وترقب مشوب بالحذر لما سيؤول إليه الوضع، ومن المدير، وهل ستصدر الجريدتين غدا أم لا، كلها أسئلة ظلت تؤرق بال العاملين في الصحيفتين، اللتين تشهدان صراعا حول من له أحقية إدارتهما، بعد قرار المكتب السياسي إقالة عبد الهادي خيرات من مهامه كمدير للنشر. صحافيون غادروا مقر الجريدة، باكرا، بعد علمهم بقرار مدير النشر وقف الصدور مؤقتا، وآخرون تجمدوا عند حواسيبهم وهم يتابعون الأخبار التي تكتب عنهم، وهم يتحسرون ألما، وبقية أخرى تشتغل كخلية نحل من أجل تنفيذ قرار المدير، فيما تجند ثلة من العاملين لتنفيذ تعليمات المكتب السياسي، متوعدا بعض العاملين بمصير غير رحيم بعد تسلم قيادة الجريدتين. في زيارة لمقر الجريدتين، عاشت « فبراير. كوم » أجواء القرارات المتضاربة الصادرة من هذا الطرف والطرف الآخر، وسط ذهول الصحافيين، وحتى العاملين، الذين لم يستوعبوا بعد ما يحدث، رغم أن كل الإرهاصات كانت تسير في اتجاه أن يقع ما وقع. تعليمات صارمة تلقاها العاملون في الجريدة بعدم إصدار اليوميتين، حيث تلقى المسؤولون عن التحرير، وتقنييو الطباعة الأولية (الفلاش)، وعمال المطبعة بمغادرة مقرات العمل، وعدم إصدار الجريدتين. وفي الوقت الذي يجتمع أعضاء لجنة الإعلام الحزبية في الطابق الخامس، ظل الصحافيون يترقبون قراراتهم، ويجهلون ما يطبخ هناك، حيث بدأ الجميع يستفسر عن مصيرهم ومصير المؤسسة التي اشتغلوا بها لعقود من الزمن. غاب المسؤولون وتاه الصحافيون والعاملون، حيث يتأملون في واقع لا يد لهم فيه، صراع داخل الحزب، بين صقوره، وهم لا يفكرون سوى في مصيرهم، هناك من يحدث عن سيولة لرواتب جميع العاملين لمدة ستة أشهر، وثمة من يقول إن الإعلام لا يهم المتصارعين، وأن جوهر الصراع هو العقارات التي أسالت لعاب البعض. وفي غياب المسؤولين وحضور أعضاء لجنة الإعلام رابض أعوان السلطة وعناصر المخابرات، من استعلامات عامة، والشؤون العامة، وأعوان السلطة، وقائد المقاطعة، الذي أحضر الغذاء إلى المرابضين أمام مقر المؤسسة الإعلامية لحزب القوات الشعبية يتتبعون تفاصيل التفاصيل الداخل والخارج. وهكذا ومنذ صدور أول عدد من جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 14 ماي 1983، بعد غياب جريدة « المحرر »، التي أوقفتها السلطات المغربية عام 1981، داومت الاتحاد الاشتراكي عن الصدور اليومي، ولم تغب عن الأكشاك، حيث سيسجل يوم 22 يناير 2015، غياب الصحيفة الإرادي عن الصدور، إذ لن تؤثث الأكشاك بيوميتي الاتحاد الاشتراكي وليبيراسيون بعد قرار عبد الهادي خيرات بعدم إصدارهما، بسبب ما اعتبره « احتلال » لمكتبهما من طرف أنصار لشكر، من أعضاء بالمكتب السياسي ورئيس اللجنة الإدارية الحبيب المالكي. وتأكدت « فبراير. كوم » رسميا بعدم صدور الجريدتين، رغم محاولات المالكي، المدير الجديد، الذي عينه إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، خلفا لخيرات، إصدارهما، بعد اتصالات متكررة بالمشرفين على التحرير، وعلى آلة طبع « فلاش » صفحات الجريدة قبل طبعها بالمطبعة. وأشار عضو قيادي بالحزب إلى أن المكتب السياسي أقال أمس، في اجتماعه الأسبوعي، عبد الهادي خيرات من منصبه كمدير للجريدة. وكان عبد الهادي خيرات قد قال، في تصريح خاص ب »فبراير. كوم »، إن إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي بعث بمفوض قضائي إلى منزله ليخبره بأنه لم يعد مديرا لنشر الجريدتين. وأكد خيرات أنه أعطى أوامره بعدم صدور الجريدتين، غدا الخميس، بعد « احتلال » محسوبين على لشكر، يتزعمهم الحبيب المالكي، لمكاتب الجريدتين. ويراود العاملين في الجريدة عودة صدور اليوميتين في اليوم الموالي، ويمكن أن يطول التوقف عن الصدور.