يوم الاثنين تطفئ حركة 20 فبراير شمعتها الأولى، وهنا نقترح أن تكون هذه الشمعة الأولى والأخيرة، وأن تصدر الحركة «بيانا ختاميا» تعلن فيه توقفها عن الخروج إلى الشارع كل أسبوع، واستمرارها كفكرة. وهذه أسباب الدعوة إلى توقف شباب الحركة عن النزول إلى الشارع وفتح صفحة جديدة وأسلوب جديد لاستكمال الألف ميل. أولا: وزن الحركة أصبح خفيفا، ووهجها الجماهيري أصبح خافتا، ولم يعد ينزل إلى الشارع كل أسبوع سوى عدد قليل جدا من أنصار الحركة، وهذا الكم القليل لا يساعد على وصول رسائل الحركة إلى أحد... لقد أثر انسحاب حركة العدل والإحسان من صفوف الحركة، كما أن قطاعات واسعة من الطبقات الوسطى، التي أيدت الحركة في البداية ودعمتها، انتقل رهانها الآن من الشارع إلى الحكومة الملتحية. الناس ينتظرون ماذا سيحقق بنكيران وفريقه من وعود قطعوها لهم، خاصة وأن حزب المصباح، الذي يقود الحكومة اليوم، كان أكبر مستفيد من حركة 20 فبراير التي خلخلت المياه الراكدة، ودفعت بالمملكة إلى الانخراط في موجة الربيع العربي. ثانيا: لقد بدأت العديد من الشعارات الراديكالية تخرج من وسط الحركة، مثل الدعوة إلى إسقاط النظام، أو التهجم الشخصي على ملك البلاد. وهذه الشعارات، بغض النظر عن حق أصحابها في رفعها أم لا، لا تعبر عن جوهر الحركة الذي ولد مع انطلاقتها يوم 20 فبراير من السنة الماضية. منذ البداية، كان مشروع الحركة هو: ملكية برلمانية، ودستور ديمقراطي، وانتخابات حرة ونزيهة، وخطة لمحاربة الفساد والاستبداد، ومشروع لحفظ كرامة المغاربة، أي التغيير في ظل النظام القائم... هذا معناه أن 99% من الذين خرجوا في تظاهرات 20 فبراير، في أكثر من 45 مدينة وإقليما وعمالة، كانوا يخرجون من أجل هذا البرنامج. وإذا كانت هناك قوى أخرى، سواء من اليسار أو وسط الإسلاميين، تريد تغيير البرنامج في الطريق، فما عليها إلا أن تنزل من حركة 20 فبراير، وأن تعتلي حركة أخرى بأهداف واضحة ومحددة. التأطير السياسي والتنظيمي ضعف، واحتمال اختراق الحركة من قبل «التيارات الراديكالية»، كما من قبل بعض «أجهزة السلطة»، وارد، ولهذا، ولكي تبقي الحركة على صورتها الجميلة وفكرتها الجذابة وروحها الديمقراطية، عليها أن تعلن انتهاء مرحلة وبداية مرحلة أخرى في حياتها. ثالثا: مقصد «النضال» ومبتغى «الحراك الديمقراطي»، لم يعد اليوم هو المطالبة في الشارع بالملكية البرلمانية والدستور الجديد، ومحاربة الفساد. صار هدف المعركة هو تتبع أداء حكومة بنكيران، ومراقبة التنزيل الديمقراطي للدستور، والذهاب بعيدا في محاربة الفساد، ومحاكمة المتورطين في هدر المال العام، والضغط على الحكومة لاحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير، وتطوير النظام السياسي لتصبح رحمه قابلة للتخصيب «sémination» بجنين ديمقراطي موعود، وعدم اختصار مهمة الحكومة في تدبير مشاكل العهود السابقة، وتنظيف المطبخ الداخلي للسلطة في انتظار عودة حليمة إلى عادتها القديمة... حركة 20 فبراير كانت وستبقى فكرة وليست تنظيما ولا حزبا، وإذا توقفت اليوم، فإنها غدا ستظهر في أشكال جديدة. لقد أحيت الشارع، وأعادت جزءا من الشباب إلى السياسة، وأرسلت إشارات إنذار بشأن خطورة العودة إلى مشروع الاستبداد القديم ولو بأشكال ناعمة، فالاستبداد ملة واحدة.