عودة الاحتجاجات على ارتفاع فواتير الماء والكهرباء بعد مرحلة كمون استمرت أكثر من ستة أشهر، عادت الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية ضد ارتفاع القيمة المالية لفواتير استهلاك الماء والكهرباء للظهور من جديد أمام مقرات الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء (راديما) بمختلف أحياء مدينة مراكش، طيلة الأسبوع المنصرم. الاحتجاجات، التي أخذت في التصاعد منذ شهر نونبر من السنة المنصرمة، تشتد ثم تنفرج، قبل أن تعود إلى سابق عهدها. سكان الأحياء الشعبية بمراكش، خاصة حيي سيدي يوسف بنعلي والدواديات، يقولون إن احتجاجاتهم عفوية لا تحركها أية خلفيات سياسية، «لا يحركنا سوى مواجهة سيف الفواتير المسلط على رقابنا»، يقول أحد المحتجين، ويضيف: «مطالبنا محددة. نطالب بمراجعة فواتير الاستهلاك الأخيرة، وإلغاء نظام الأداء بالأشطر، وتخفيض سعر بعض الخدمات كالتطهير السائل، وتمليك العداد الذي نؤدي مقابل ربط منزلنا به 7000 درهم، قبل أن نفاجأ بأن راديما تقصفنا شهريا بضريبة تأجيره وصيانته». المتظاهرون، الذين رددوا شعارات من قبيل: «الشعب يريد إسقاط راديما» و«جوج بيوت وكوزينة.. الماء والضو غالي علينا» و«فيق فيق يا مسكين.. دار الضو دارت جنحين» و«علاش جينا واحتجينا.. الماء والضو غالي علينا»، يحملون المسؤولية لإدارة الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، ويطالبون بالتحقيق ومحاسبة المسؤولين عما يعتبرونه «سوء تدبير مالي وإداري تعيشه الوكالة منذ سنوات»، فضلا عن مطالبتهم بالتحقيق في ارتفاع فواتير الاستهلاك الأخيرة، وتنديدهم بفرض الذعائر على المتخلفين عن الأداء، وبالانقطاعات المتكررة دون سابق إشعار. ويرجع المحتجون ارتفاع قيمة الفواتير إلى عملية احتساب الاستهلاك الشهري، والتي تتم في الغالب عن طريق التقدير، بسبب الخصاص في الموارد البشرية العاملة بالوكالة، وهو الخصاص الذي يجزم المتظاهرون بأنه يُؤدى من جيوب سكان مراكش. ويضع المراكشيون أيديهم على قلوبهم متوجسين من أن تتكرر أحداث فاتح مارس المنصرم، حين اندلعت موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات ضد ارتفاع فواتير الماء والكهرباء واجهتها القوات الأمنية بتدخل عنيف، كما لا يزال شبح أحداث 26 من الشهر نفسه يطل برأسه، حين نشرت القوات الأمنية المئات من عناصرها أمام مقرات الوكالة بأحياء: أزلي، قشيش، المسيرة، سيدي يوسف بنعلي، وهو الإنزال الأمني الذي لم يكن سوى مقدمة لتدخل أسفر عن إصابة العديد من المحتجين بجروح متفاوتة الخطورة. وبينما يؤكد المحتجون أن راديما لم تلتزم ببنود الاتفاقية التي تعهدت بها أمام ممثليهم، خلال شهر مارس الفارط، تحت إشراف الوالي السابق للجهة، محمد امهيدية، يشدد بعض مسؤوليها على أنها قامت بمنح عدادات إضافية للمنازل التي تقطنها عدة أسر، نافين تحديد قيمة الفواتير على أساس عملية تقدير الاستهلاك الشهري، مؤكدين أن معاينة دقيقة تقوم بها الوكالة شهريا لجميع العدادات، ومرجعين ارتفاع الفواتير الأخيرة إلى تزامنها وفصل الصيف والشهر الفضيل. هذا، ويطالب المتظاهرون بالتزام راديما بما تعهدت به سابقا، في بلاغ مشترك مع ولاية الجهة، من خلال مراجعة الفواتير المرتفعة، ومنح تسهيلات في الأداء بتقسيطها على 12 شهرا، مع تخفيض لمبلغ غرامة إعادة الربط، وتمكين السكان من الربط الاجتماعي في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإحداث خلايا على مستوى فروع الوكالة تتلقى الشكايات وتقدم الحلول في آجال لا تتجاوز 48 ساعة.