هذا ما كشفت عنه الأرقام التي أعلن عنها المرصد المغربي للعنف ضد النساء «عيون نسائية»، في تقريره لهذه السنة. المرصد سجل، من خلال مراكز الاستماع التي تشرف عليها الجمعيات المنخرطة في المرصد، تزايدا في عدد النساء المعنفات، خلال سنة 2011، مقارنة مع السنة التي سبقتها، إذ بلغ 5245 امرأة معنفة، بزيادة في عدد الضحايا اللواتي زرن المراكز ب550 امرأة، مقارنة مع سنة 2010.
المطلقات أكثر تعنيفا كشفت الإحصائيات الوطنية للجمعيات النسائية أن النساء الشابات، اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 و38 سنة، أكثر الفئات التي يشتكين من العنف، بنسبة 74 في المائة من مجموع النساء ضحايا العنف الوافدات على المراكز. لكن من بين الفئات الاجتماعية التي تتعرض للعنف أكثر من غيرها، بحسب معطيات التقرير، هن النساء المطلقات. إذ يعانين، بالإضافة إلى العنف، من غياب الحماية بشكل بارز، وفق ما صرحت به 424 امرأة مطلقة من مجموع النساء المعنفات اللواتي توافدن على مراكز الاستماع المنخرطة في مرصد «عيون نسائية».
التقرير كشف أن هذه الفئة تتعرض للعنف النفسي والجسدي بنسب مرتفعة، كما تمت ملاحظته بالنسبة لباقي الفئات الاجتماعية للنساء. وأضاف أنهن أكثر عرضة للعنف الاقتصادي، حيث سجل التقرير تضرر المطلقات من 380 فعل عنف اقتصادي، بنسبة 18 في المائة من مجموع أفعال العنف التي صرحن بالتعرض لها. يضاف إلى ذلك العنف القانوني، والمقترن في أغلب الحالات بتطبيق مدونة الأسرة، بنسبة 13 في المائة، في حين أن النسبة لدى باقي الفئات هي 4,88 في المائة.
غير أن العنف لا يستهدف الشابات فقط، إذ سجل المرصد تصريحات 83 امرأة، تتراوح أعمارهن ما بين 60 و69 سنة تعرضن للعنف، كما لفت التقرير الانتباه إلى تصريح 7 نساء تجاوزت أعمارهن 70 سنة بتعرضهن للعنف.
أشكال العنف احتل العنف النفسي، الذي مورس على النساء الوافدات على مراكز الاستماع، المرتبة الأولى بنسبة 47 في المائة بما مجموعه 21870 فعل عنف نفسي، يليه العنف الجسدي بنسبة 32 في المائة يشمل 15070 فعل عنف جسدي، ثم العنف الاقتصادي بنسبة 14 في المائة، أي 6778 حالة عنف، أما العنف القانوني فقد سجل المرصد نسبة 5 في المائة، وذلك بمجموع 2324 فعل عنف. فيما سجل العنف الجنسي نسبة 3 في المائة بمجموع 1536 فعل عنف جنسي، حسب ما صرحت به النساء اللواتي زرن مراكز الاستماع.
وسجل تقرير المرصد أن النساء الشابات «يفتقدن إلى الحماية ويشكلن الفئة الأكثر تضررا من التحرش الجنسي والاغتصاب في أماكن العمل، وفي الطريق إليها، وأيضا في بيت الزوجية، كما أنهن يصطدمن بعراقيل الإثبات خلال لجوئهن إلى العدالة لمتابعة الجاني، أو بفراغ أو حيف قانوني، مما يجعلهن عرضة لعنف مؤسسي، ومضاعف أمام غياب آليات ناجعة ومناسبة للتعامل مع جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي».
العنف خلف الأبواب الموصدة معظم النساء المعنفات الوافدات على مراكز الاستماع هن متزوجات بنسبة 56%، أو أمهات عازبات بنسبة 20%، لكن النساء العازبات أيضا يتعرضن لأشكال مختلفة من العنف (14%). ولا تنجو منه الأرامل (حوالي 2%) والمطلقات (حوالي 8%). وتشكل المنازل التقليدية والشقق أحد أكثر الفضاءات التي يمارس فيها التعنيف ضد النساء. ووفق التقرير، فإن أغلبية النساء المشتكيات يقطن بمنازل تقليدية (42%)، أو بشقق (32%) لكونهن يفدن في معظمهن من أحياء شعبية أو متوسطة. لكن النساء الميسورات اللواتي يقطن الأحياء الراقية، ويقمن بالفيلات لسن بمنأى عن التعرض للعنف، كما تبين معطيات المرصد (1%). كما أن أغلبية النساء اللواتي صرحن لمراكز الاستماع بمختلف المدن بتعرضهن للعنف، ينتمين إلى المجال الحضري (80%)، فيما تأتي 11% من الزائرات من المجال الشبه حضري، بينما تأتي الفئة المتبقية منهن لزيارة المراكز التي توجد بالمدن، رغم أنهن يقطن بالبوادي والقرى البعيدة.
نساء غير مستقلات اقتصاديا تصل نسبة النساء المعنفات في صفوف ربات البيوت الوافدات على مراكز الاستماع إلى 46 في المائة، 12 في المائة، منهن عاطلات عن العمل، أي أن 58 في المائة هن بدون دخل، ولسن مستقلات اقتصاديا، وفق تعبير التقرير، الذي أكد أن فئة النساء النشيطات والممارسات لمهن مختلفة تنال نصيبها أيضا من العنف، حيث شكلت الموظفات والمستخدمات والعاملات الوافدات على المراكز نسبة 18 في المائة. لا فرق بين أمية ومتعلمة في العنف! بلغت نسبة النساء الأميات 32% من بين مجموع النساء المصرحات بالعنف لدى المراكز، مشكلة أعلى نسبة، تليهن النساء اللواتي لم يتجاوز مستواهن الدراسي المستوى الابتدائي بنسبة 25%. لكن هذا لا يعني أن العنف يستهدف فقط النساء الأميات، إنما المتعلمات أيضا لا يسلمن منه، حيث بلغت نسبة النساء المعنفات اللواتي بلغن مستوى الثانوي نسبة 13%، ونسبة الجامعيات 6% من مجموع زائرات المراكز، حسب معطيات المرصد.
آثار العنف على الأمهات والأطفال تبين إحصائيات المرصد أن توفر المرأة على أطفال لا يحميها من التعرض للعنف، إذ أن 72% من النساء المعنفات هن أمهات، منهن 54% لديهن ما بين طفل وطفلين وحوالي 2% لديهن أكثر من 6 أطفال. بينما ثلث النساء الوافدات على مراكز الاستماع ليس لهن أطفال، وهن في المعظم عازبات.
وسجل مرصد «عيون نسائية « 44908 أثر عنف على النساء اللواتي زرن مراكز الاستماع، خلال سنة 2011، حيث عبرت النساء عن حدة العنف النفسي الذي عانين من آثاره بنسبة تقارب 49 في المائة، مقارنة مع باقي الآثار التي تنعكس على صحتهن الجسدية، ووضعهن الاجتماعي والاقتصادي وعلى أطفالهن. وبلغت حدة العنف الموجه ضد النساء إلى حد المس بالحق في الحياة، حيث فقدت ست نساء الحياة، خلال 2011، وهن نساء سبق لهن زيارة مراكز الاستماع، ولجأن إلى المؤسسات العمومية بحثا عن الحماية، كما تم تسجيل أربع حالات لمحاولة قتل تعرضت فيها النساء للذبح أو الضرب بآلة حادة، كما رصد التقرير 37 حالة عنف جنسي نتجت عنها الإصابة بأمراض «خطيرة».