كشف التقرير السنوي الثالث للمرصد المغربي للعنف ضد النساء «عيون نسائية» عن أرقام مخيفة حول تجليات العنف القائم على النوع الاجتماعي بالمغرب، وذلك اعتمادا على خلاصات وإحصائيات مراكز الاستماع، التي تشرف عليها 12 جمعية نسائية منخرطة في المرصد بعدد من المدن المغربية، حيث سجلت الإحصائيات التي قدمها المرصد خلال اللقاء التواصلي الذي نظمته جمعية «السناء النسائية» صبيحة أول أمس السبت بالجديدة عن 37632 فعل عنف مورس ضد 4695 امرأة زرن مراكز الاستماع خلال سنة 2010، حيث عرف التصريح بأفعال العنف ارتفاعا بنسبة 44 في المائة مقارنة بالسنة الماضية، كما سجل التقرير السنوي للمرصد تزايد عدد ضحايا العنف من النساء بنسبة 16 في المائة، كما سجل التقرير تعرض المرأة الواحدة إلى (8) «أفعال عنف» تخلف (7) آثار عنف لدى كل امرأة، تتوزع بين آثار على الوضع الاجتماعي والاقتصادي على النساء ضحايا العنف وعلى أطفالهن. وكشف التقرير السنوي للمرصد عن كون فئة الشابات من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 و 40 سنة يعتبرن أكثر الوافدات على مراكز الاستماع بنسبة 70 في المائة من مجموع النساء ضحايا العنف، هذا بالإضافة إلى تعرض نسبة مهمة من النساء اللواتي يفوق سنهن 60 سنة للعنف كذلك، كما تعتبر نساء الوسط الحضري الأكثر زيارة لمراكز الاستماع بنسبة 80 في المائة، فيما تراوحت نسبة الوافدات من المجال شبه الحضري والقروي مابين 9 و11 في المائة. وتأتي النساء المتزوجات في مقدمة ضحايا العنف بنسبة 56 في المائة، تليهن الأمهات العازبات بنسبة 33 في المائة ثم المطلقات والعازبات والأرامل. واستنادا إلى نتائج التقرير السنوي للمرصد لسنة 2010 فإن 36 في المائة من النساء المعنفات اللواتي يقصدن المراكز هن أميات، فيما تصل نسبة الجامعيات إلى 6 في المائة من مجموع زائرات المراكز، كما تحتل النساء الوافدات على المراكز من الأحياء الشعبية أو المتوسطة نسبة كبيرة من مجموع النساء المشتكيات، وأغلبهن من ربات البيوت والعاطلات عن العمل وكذا الموظفات والعاملات. ويحتل العنف النفسي الصدارة في النتائج الإحصائية لتصريحات النساء بالعنف، إذ بلغ عدد الأفعال المصرح بها في هذا الشأن 17849 فعل عنف مورس ضد 4023 امرأة، تختلف بين الإهانات والتبخيس والتهديد بالضرب أو بالطرد أو بالتعدد أو الطلاق، وتصل إلى حد التهديد بالقتل أحيانا، وهي أفعال تؤدي حسب التقرير بالنساء المعنفات إلى الإصابة بأمراض نفسية قد تؤدي إلى الانتحار أو التفكير فيه. ويأتي العنف الجسدي في المرتبة الثانية، حيث تتعرض النساء للضرب والخنق والجر والدفع والتقييد وغيرها من أشكال الاعتداء على الجسد، ثم العنف الاقتصادي والعنف القانوني والعنف الجنسي. اللقاء التواصلي، الذي خصص لتقديم التقرير السنوي للمرصد حضره قضاة وحقوقيون وأطباء نفسانيون ومختصون في خلايا الإنصات وممثلو بعض الجمعيات، كان مناسبة كذلك للنقاش حول القضايا التي ترتبط بالأساس بمساطر التقاضي، خاصة بين الأزواج في حال تعرض الزوجات للتعنيف من طرف أزواجهن وصعوبة إثبات وقائع العنف في ظل غياب الشهود في أغلب الحالات، إضافة إلى الصعوبات التي يجدها عدد من النساء اللواتي يعانين من العنف الجنسي الممارس من طرف بعض الأزواج دون أن تستطيع الزوجات إثبات جرم الاعتداء عليهن. وكذا لجوء أغلب النساء المشتكيات إلى التنازل عن متابعة أزواجهن في آخر المطاف لعدة اعتبارات، على رأسها الخوف من انتقام الزوج في حال متابعته قضائيا. ووجه التقرير السنوي الثالث لمرصد عيون نسائية رسائل إلى الحكومة المقبلة، ضمنها ضرورة اعتبار قضية العنف ضد النساء قضية شأن عام وإدراجها في السياسات العمومية وبرنامجها السياسي، وكذا ملاءمة القوانين الوطنية لمقتضيات الدستور الجديد عبر تحمل المؤسسات المنتخبة لمسؤولياتها بوضع برامج محلية وجهوية خاصة لحماية النساء ضحايا العنف، وتخصيص الوسائل المادية و البشرية لإنجازها، كما أوصى المرصد بمراجعة مجموعة من القوانين المتعلقة بالحماية من العنف القائم على النوع، مع تسهيل ولوج النساء للعدالة وإيلاء العناية الخاصة للنساء ضحايا العنف على كافة المستويات، وأوصى المرصد كذلك بتفعيل الميثاق الوطني لتحسين صورة المرأة المغربية في الإعلام وإدراج معايير لتتبع ومراقبة انتهاكات حقوق النساء وترويج الصور النمطية المهينة للمرأة ضمن عمل الهيئة العليا للسمعي البصري.