خطف عبد الله العروي الأضواء في المحاضرة الافتتاحية، يوم الأربعاء، حين قال في تعليق على نقل حفل الولاء على وسائل الإعلام العمومي « هؤلاء المبايعون موالون وليسوا مواطنين ». وافتتحت الجمعية المغربية للمعرفة التاريخية، أشغال ندوتها الوطنية الدولية، المقامة بالمكتبة الوطنية بالرباط أيام 3، 4 و5 دجنبر 2014، بمناسبة ملتقيات التاريخ في دورته الثامنة، بمشاركة مؤرخين وفاعلين في الحقل التاريخي والفكري والتربوي والثقافي يمثلون مؤسسات وجامعات من المغرب وفرنسا وهولندا ولندن والولايات المتحدةالأمريكية. واستهل المفكر والمؤرخ عبد الله العروي، المحاضرة الافتتاحية، « المواطنة، مساهمة، مجاورة » بشرح المفاهيم، ففي محور المواطن استرسل العروي في شرح المواطنة لغة ثم مفهوما وبالتالي مساهمة ومجاورة، مشيرا إلى استعارة مفهومها من مصطلح citoyenne التي تعني المدينة أو المدنية، كما استعيرت مفاهيم عدة ومنها الديمقراطية والبرلمان.. من تم استحضرت مشروعا لغويا فكريا « الاستعارات التي بها نحيا » لمؤلفيه جورج لايكوف ومارك جنسون والذي جاء في فصله الأول المعنون بهذه التصورات التي بها نحيا، حيث بين المؤلفين أن الاستعارة لا ترتبط فقط بالخيال الشعري والزخرف البلاغي بل إنها تتعلق حتى بالاستعمالات العادية إذ أن الاستعارة ليست خاصية لغوية للألفاظ فقط بل هي مسألة تتصل بالتفكير بل بكل مجالات حياتنا اليومية، بل إن النسق التصوري اليومي الذي يسير أمورنا لا ينفك من الطبيعة الاستعارية. وعاد العروي، في جانب الاستعارة، إلى القرن 17، لتتبع سيرة المواطنة، التي لم تتشكل وتتطور إلا عبر جهد فكري واجتماعي، ونفس الأمر حصل في القرن 18 إلى حدود القرن 19 بحيث حصل التمازج بين النبلاء والتجار، واستفاد التجار من الحقوق التي كانت حكرا على النبلاء ليأتي مطلب الاستفادة من طرف العمال عبر نضالاتهم ومطالبتهم القوية وحصل لهم ذلك في إطار حقوق عامة، وذلك للتساوي في المواطنة، من هنا جاء مفهوم المواطن المساهم وليس المجاور، ويحيل مفهوم المواطن المساهم إلى مفهوم الدولة المواطنة، التي هي عبارة عن شركة تجارية، المواطن فيها صاحب سهم، وبذلك فحقوقه هي مؤهلاته، أما المعوز الذي لا يملك شيء في الشركة فهو الذي لا سهم له، ومن هنا جاء مفهوم المواطن النشيط والمواطن غير النشيط، من منظور أداء الضرائب. وخلص العروي إلى أن كل المفكرين ربطوا المواطنة بالتربية، إذ لا يمكن أن تكون هناك مواطنة مع الدناءة والخسة، إذ أن المواطنة هي الفضيلة والصدق والأمانة.