أيها الحاقدون المتضررون من الوحدة الفلسطينية، ومن عودةالمياة الوطنية الفلسطينية إلى مجاريها الطبيعية، أياً كنتم، عرباً أو عجماً،فلسطينيين أو إسرائيليين، غرباً أو شرقاً، موتوا اليوم بغيظكم، ولتأكل الحسرةنفوسكم، وليحرق الحقد قلوبكم، وليفتت الكره أكبادكم، فإننا عازمون على الوحدة،وماضون في تنفيذ الاتفاق، والالتزام بالمصالحة، فقد قررنا أن نتفق ونتحد، وأن تكونلنا حكومةٌ واحدة، وسلطة واحدة، وأن تتحد أهدافنا ضد العدو الإسرائيلي المحتللأرضنا، الغاصب لحقوقنا، وألا نلتفت إلى الوراء إلا بما يحقق لشعبنا المزيد منالأمن والاستقرار، وبما يخفف عنهم المعاناة، ويحقق لهم العيش الآمن الحر الكريم،ولن يكون بعد اليوم في سجوننا مكانٌ لغير المجرمين والعابثين بأمن الوطن والمواطنينوسلامة ممتلكاتهم، ولن يكون في السجون الفلسطينية معتقلون على خلفياتٍ سياسية، أوبسبب إنتماءاتهم الحزبية، وأراءهم الداعية لاستمرار المقاومة والصمود إلى حينتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى للشعب الفلسطيني. أيها الحاقدون الكارهون لشعبنا، والعابثون بمقدرات أمتنا، يامن تسعون لتحقيق مكاسب شخصية، ومنافع فئوية، ولا تهمكم مصالح شعبكم، ولا ثوابت قضيتكم،ولا قيم أمتكم، أيها الخائفون على مصالحكم، القلقون على ما في جيوبكم، وقد هددت الوحدةوالمصالحة الوطنية ما بنته أيديكم من منافع ومكاسب غير مشروعة، اعلموا أننا ماضونفي طريق الوحدة والاتفاق، ولن نلتفت إلى مساعيكم المخربة، ولا إلى جهودكم المفسدة،فإنكم والإسرائيليين سواء، قد أغاظتكم المصالحة، وأضرت بكم الوحدة، وهددت مصالحكم صدقيةالاتفاق، نعلم أنكم لن تقفوا أمام المصالحة مكتوفي الأيدي، ولن تحترموا إرادةشعبكم، ولن تقبلوا بأن يقود الخيرون والصالحون من شعبكم مسيرة الوطن، وستتواصلمساعيكم لإفساد ما قد تم التوصل إليه، ولكنا قررنا البناء، وعزمنا على الاتفاق،وستكون لنا الغلبة، ولشعبنا النصر. ولكن المصالحة لا تتحقق بالخطابات الرنانة، ولا بالكلماتالعامة، ولا بالابتسامات أمام الكاميرات، أو المصافحات وتبادل الكلمات أمام وسائلالإعلام، أو بالتوقيعات والشهادات والمصادقات، كما أنها لا تتحقق بالأماني ولابالتهاني والاحتفالات، ولا برفع الرايات والأعلام، ولا بتوزيع الحلوى والمشروبات،ولا بالخروج إلى الشوارع والطرقات، وإطلاق العنان لأبواق السيارات، وهتافاتالشباب، فهذه كلها مظاهرٌ كنا نتوق ونتطلع إليها، لتعبر بصدق عن عميق فرحتناللمصالحة التي اشرأبت لها أعناقنا طويلاً. ولكن المصالحة التي تكيد الأعداء، وتغيظ الخصوم، وتفرحالأصدقاء، وتدخل البهجة والمسرة في قلوب المواطنين، وتحقق رغبات ودعوات الشبابالذين نادوا بالمصالحة والوحدة وإنهاء الإنقسام، تتطلب نوايا صادقة، وجهوداً خيرة، وعملاًحثيثاً، وإيثاراً لافتاً، واستعداداً للتضحية، وتجرداً حقيقياً، وتفانياً مثمراً، وتناسياًللذات، وتقديماً للعام على الخاص، وللوطني على الحزبي. المصالحة الحقيقية تتطلب تطهيراً للقلوب، وصفاءاً للنفوس،وتطبيقاً أميناً لبنود الوحدة والمحبة والتفاهم واللقاء، فلا نتربص بأنفسناالدوائر، ولا نكيد لبعضنا، ولا نحاول الخداع ولا التآمر، ولا الكذب والتدليس، ولاالمماطلة والتأخير، ولا نسعى لكسبٍ فئويٍ على حساب الآخر، ولا نصغي السمع لإسرائيلوأبواقها، ولا نأمن مكرها، ولا نسمح لها ولعملاءها بإفساد اتفاقنا، وتخريبمصالحتنا، وتفتيت جهودنا، وتمزيق وحدتنا، وذهاب كلمتنا، فهي غاضبة من الاتفاق، ومنزعجةمن المصالحة، وقد هددت باسقاطه، ودعت رئيس السلطة الفلسطينية إلى التراجع عنه، وخيرتهبين شعبه والانحياز إلى عدوه، وإلا فستجوع الشعب، وستحاصر المدن والقرىالفلسطينية، وستؤلب المجتمع الدولي على السلطة الفلسطينية، وستدعوه لسحب الاعترافبأي حكومةٍ فلسطينية، ما لم تعترف بإسرائيل، وتقر بكل الاتفاقيات والمعاهداتالموقعة معها، لذا فلا نعود من القاهرة التي جمعت كلمتنا، ووحدت صفنا، ومكنتنا منالاتفاق تحت ظلالها، فنفسد بالتطبيق ما قد فرحنا بالتوقيع عليه، وتعاهدنا بالمضيفيه. فحتى تكون المصالحة حقيقية وجادة لا بد من الإسراع في تنفيذبديهياته الأولى التي ينتظرها الشعب الفلسطيني كله، والتي لا يمكن الانطلاقبدونها، ولا المضي في تنفيذ المصالحة بغيرها، وهي الإفراج عن جميع الأسرىوالمعتقلين في السجون الفسطينية، على خلفياتٍ سياسية وأمنية، وتقييد يد الأجهزةالأمنية، ومنعها من التصرف في حقوق وحريات المواطنين، ومحاسبة المخالفين منهم،ومعاقبة الذين أجرموا منهم في حق الشعب الفلسطيني، والسماح بحرية التنقل من بينغزة ورام الله، ووقف كافة حملات التراشق الإعلامي والسباب والإهانات المتبادلة، التيشوهت صورة شعبنا ونضالاته التاريخية، وإعادة جميع الموظفين المعزولين إلى وظائفهموأعمالهم، وإعادة الرواتب المقطوعة، والحقوق المسلوبة، وتمكين كل الأطراف من حريةالعمل والتأطير والتنظيم، واستعادة مقراتهم ولجانهم وجمعياتهم وأموالهم المصادرة،ورفع القيود المفروضة على نشطاءهم ورموزهم، وتمكينهم من إحياء مناسباتهم وعقداجتماعاتهم واحتفالاتهم، فهذه الحريات والأحاسيس والحاجات الخاصة التي فقدت يحتاجإليها الفلسطينيون قبل المباشرة في تشكيل الحكومة، أو الإعداد للإنتخابات أو غيرهامما تم الاتفاق عليه، لأنه بدون تحقيقها ستفشل كل الأهداف الأخرى، وسنعود إلى نقطةالبدء، وسيكون مصير القاهرة كمصير مكة لا فرق. عامة الفلسطينيين في الوطن والشتات هم أكثر الناس فرحاًبالإتفاق، وهم الذين خرجوا إلى الشوارع والميادين العامة للاحتفال بالمصالحة، ورجمالإنقسام بكل حجارة الوطن، وتشييعه بكل لعنات المخلصين من أبناءه، آملين أن تكونمرحلة الإنقسام ذكرى لا تعود، وأزمة لا تتكرر، فهم أكثر المستفيدين من المصالحةوالاتفاق، كما كانوا هم أكثر المتضررين من الفرقة والانقسام، فهم اليوم فرحونومبتهجون، وبعالي صوتهم يصرخون، أيها الإسرائيليون ومن والاهم، موتوا اليوم بغيظكم،فقد عرفنا الطريق، والتزمنا المنهج، وعزمنا على المسير، فيا أيها المفاوضون منأبناء الوطن، لا تخيبوا رجاء شعبكم وأمتكم، ولا تقتلوا الفرحة التي سكنت قلوبهم،ولا تغتالوا البسمة التي رسمت على شفاههم، ولا تحيلوا آمالهم إلى آلام، وأفراحهمإلى أحزان، ولا تمكنوا العدو من الشماتة بكم وبشعبكم، وكونوا جميعاً يداً واحدة،وصوتاً واحداً، وتعالوا على حساباتكم وحزبياتكم وتنظيماتكم، وباشروا في تنفيذالاتفاق، ولكن بما نلمس ونحس، وبما نرى ونسمع، وبما نكون عليه شهوداً نؤيد وندافع. دمشق في 6/5/2011