من يتأمل بعض الأخبار التي تخرج بين الحين و الآخر عن"تسوية بعض الملفات العالقة" نظير قضية "أصحاب الماستر" و "الدكاترة" و بشكل خاص "شريحة الأساتذة المجازين", يصاب بالإغماء بدل التفاؤل. لماذا هذه الإشاعات المتوالية من أطراف نقابية تبحث لنفسها عن مكان تحت الشمس, لإعطاء انطباع أن هذه النقابة أو تلك هي من ساهم في حل المشكل!! و الحقيقة أن العقيدة النضالية لدى بعض المناضلين لم تصل بعد حد النضج المطلوب, لكي تقوم بالدور الملقى على عاتقها في الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة, على الأقل في المغرب. فالنقابات إلى حدود الآن ترفض الاعتراف أن أنها قصرت كثيرا في واجبها إزاء الشغيلة. لقد أصبحت الأغلبية الساحقة تنادي بإنشاء أشكال فئوية كالتنسيقيات كبديل يلوح في الأفق لتعويض هذه النقابات «الهرمة» التي ترفض إجراء نقد ذاتي و إجراء تغييرات في صفوفها لمنح الفرصة لمن لهم الكفاءة و المصداقية للمضي قدما بالشأن النقابي بعيدا. حتى من يظن أن هذا الكلام محض غضب أو "زوبعة في فنجان" من لدن الدكاترة و المجازين و باقي الفئات المتضررة, فهو واهم. فمشاكل هذه الفئات و تراكمها بهذا الشكل غير المسبوق هو في حقيقة الأمر راجع إلى إهمال النقابات للمشاكل ذات الطبيعة المستعجلة و تنويمها. و إلا فكيف نفسر أن الفضاءات الاجتماعية ( كالفيسبوك و التويتر) أصبحت محج كل من يعاني من مشكل بل الأكثر من هذا فهذه الفضاءات الافتراضية أصبحت تعرف نقاشات جادة حول واقع الحال و الاختلال الفظيع الذي يعرفه العمل النقابي الميداني. وأصبحت بعض النقابات تشعر بحساسية مفرطة اتجاه اكتساح التنسيقيات و هذه يظهر جليا في ارتسامات بعض النقابيين الذين لا يتركون فرصة تمر دون القول "بلا جدوى هذه الفئوية" و أنه لا غنى عن الدور الريادي للنقابات. كلام مقبول على الأقل من زاوية نظر من يتشبث به. فهؤلاء النقابيون لازالوا يعيشون وهم الحاضر اعتمادا على انتصارات الماضي. هي مشكلة الإنسان المقهور يعالج أزمات الحاضر و انتكاساته باستحضار أمجاد الماضي. لابد لنا, في هذا المقام, من التنويه بالروح العالية التي أبانت عنها فئات الدكاترة و الأساتذة و المجازين في إعطاء دروس في النضال الحضاري الجدي الذي لا يعرف الاستكانة و الهزيمة. نضال نال إعجاب و ثناء من تتبعه من بدايته. بل قد لا نبالغ إذا قلنا, أن هذه الفئات كان لها شرف حمل هموم نساء ورجال التعليم و الدفاع عن كرامتهم. وبدل الانتقاص من شأن هذه الفئات و انتقادها على النقابات التفكير الجدي في كيفية استثمار نضالاتها و التصالح معها و إعادة المياه إلى مجاريها قبل فوات الأوان.