صدر مؤخراً في اليمن، الرواية الثانية للروائي والشاعر علي المقري "اليهودي الحالي" بعد عام على صدور روايته الأولى "طعم اسود... رائحة سوداء"، المرشحة ضمن قائمة جائزة البوكر العربية 2008- 2009. وتحكي الرواية الصادرة عن دار الساقي في بيروت في 152 صفحة، قصة حب بين امرأة مسلمة ويهودي، في أجواء عاصفة من تاريخ اليمن خلال القرن ال17 وبداية ال 18، الفترة التي سادت فيها علاقات متوترة بين أتباع اليهودية والإسلامية. ويظهر المقري عبر هذه القصة، ومن خلالها، الكثير من الأحداث عن صراع الآباء "اليهود والمسلمين" في الدين، وغرام الأبناء في الحب، وتبرز في الجانب السياسي والاجتماعي أحداث وقعت في تلك الفترة تتأسس عليها الرواية، إذْ يظهر التوتر بين من يدعون لتهجير اليهود وبين من يريدون بقائهم، فيما اليهود كانوا قد تولّهوا وأشتد شوقهم إلى أورشليم استجابة للمسيح المخلص الذي كان قد ظهر حينها واسمه سبتاي زيفي. ووسط هذه الأجواء أراد اليهود أخذ حقهم في المُلك أو السلطة، حسب التعاليم الشرعية لديهم المصاحبة لظهور المخلّص، فيذهب أحدهم إلى نائب الحاكم في صنعاء ويطلب منه تسليم الحكم. وإذْ لم يتحقق لهم ذلك، تبدأ مرحلة أخرى من المواجهة، فتصدر ضد اليهود عقوبات شديدة، وينفى كبارهم إلى جزيرة سقطرى اليمنية، ويتم زيادة الجزية الضريبية عليهم وتهديم كنسهم لتبنى مساجد عليها، وأشهرها مسجد "الجلاء". المأساة لدى يهود اليمن هي، أنّهم في الوقت الذي كانوا فيه يتعذّبون جرّاء أحلامهم بمسيحهم المخلّص، يكون هذا المخلّص نفسه (سبتاي) قد أسلم هو وزوجته، ولا يسمع اليهود عن إسلامه إلاّ بعد أن يكون أكثرهم قد راح في أحلامه ودفع ثمنها حد الألم والموت. ومن المتوقع أن تحدث تفاصيل الرواية جدلاً واسعاً في اليمن وقد يتعرض مؤلفها للسخط والنقد اللاذع من قبل التيار المتشدد خاصة، حيث كان ذلك شأن، روايته الأولى التي تناولت قضية شريحة كبيرة في المجتمع اليمني ذات البشرة السوداء ويُطلق عليهم رسمياً "المهمشين"، واجتماعيا يعرفون ب"الأخدام". وقبلها تعرض للتكفير من قبل وزير سابق للأوقاف والإرشاد وأشهر خطباء اليمن بسبب كتاب أصدره عن "الخمر والنبيذ في الإسلام".