كل من قرأ العنوان المثير الذي اختاره مؤرخ المملكة السابق السيد «حسن أوريد» لرده المنشور في جريدة «الصباح» على ما كتبناه بصدد ثروته والممتلكات التي أصبح يتوفر عليها أفراد من عائلته فجأة، اعتقد أن الرجل سيخصص رده لتوضيح الملابسات التي حصل فيها «آل أوريد» على كل هذه الممتلكات والعقارات والأراضي التي تحدثنا حولها في عمودنا السابق الذي يحمل عنوان «صكوك الثورة». لكن الرجل، في الواقع، فضل الاحتماء بالإنشاء عوض وضع النقط على الحروف وتقديم الدليل الواضح على مصادر ثروته الكبيرة، والتي يسجل جزءا كبيرا منها بأسماء أفراد من عائلته. يستطيع السيد حسن أوريد أن يستشهد بكل شعراء وروائيي الأدب العالمي، فهذا لن يجعل سكان مكناس ينسون اللقب الذي أطلقوه عليه عندما غيروا اسمه من «حسن أوريد» إلى «حسن أويد». وعندنا نحن الشلوح فكلمة «أويد» تعني آتِني، أي «جيب». وهذا اللقب لم يخترعه سكان مكناس من فراغ، بل لأن مقاوليهم ومستثمريهم كانوا يعرفون أن الرخص الاستثنائية التي تمنحها الولاية، والتي «مخمخ» فيها حسن أوريد، لا يمكن الحصول عليها دون أن يأتوا معهم بالإتاوة. وقد كنا ننتظر كل شيء من جانب السيد «حسن أويد» إلا أن ينحط في رده إلى مستوى الكلام السوقي المخل بالحياء، جامعا، في مقام واحد، ما بين دين محمد، عليه أزكى الصلاة والسلام، وما بين النبيذ وفحش الكلام. فأن يتساءل استنكاريا مؤرخ المملكة السابق والناطق السابق باسم القصر الملكي «ما قولك في من تتعفف عن تقديم مقدمتها إبقاء لبكارة مزعومة وتبذل مؤخرتها»، يجعلنا نتساءل هل كتب «حسن أويد» ما كتبه وهو صاح أم إن قنينات نبيذ صديقه المكناسي «الحاج زنيبر»، التي تصله إلى فيلته بالهرهورة في المناسبات بانتظام، لعبت برأسه. لن ندخل مع السي «حسن أويد» في مهاترات لغوية ومراوغات إنشائية حول فض البكارات في الليالي الملاح، كما لن ننجر نحو الإسفاف الأخلاقي الذي يجعله يقحم المؤخرات في حديث خطير وجدي حول الممتلكات والاغتناء غير المشروع.. هذا الاغتناء الذي يخلط إمساكه عن الحديث حوله برغبته في الحفاظ على أسرار الدولة، وكأن الممتلكات الخاصة للسي حسن أصبحت ضمن الملفات السرية للدولة التي لا يجب الحديث حولها خوفا من استغلالها من طرف أعداء الوطن. لن ندخل عالم السيد «حسن أويد» السري، فهو خبير كبير في جلسات «الإمتاع والمؤانسة» إياها، مع الاعتذار إلى الصوفي أبو حيان التوحيدي، خصوصا بجنان الماس وأجدير في نواحي خنيفرة بصحبة صديقه «شويحات» عامل الإقليم، الذي تفرغ لسهراته مع الوالي وترك فقراء أنفكو يموتون من البرد، إلى أن فضحت الصحافة قوافل الأطفال الذين ماتوا بسبب الإهمال والمرض، فأصدر الملك قرارا بإعفائه. كما أنه خبير كبير في جلسات المسامرة التي تنتهي بتوقيع التراخيص للاستفادة من أراضي الدولة، كما حدث مع شركة اسمها ABR عندما أعطى صاحبَها الركراكي أملاكا خاصة تابعة للدولة، منها الملك رقم 12940 الذي تبلغ مساحته أربعة هكتارات في مفترق الطرق بين فاسوالرباط، بعدما نزعوها من مستثمر كان يتوفر على الموافقة المبدئية، أو مثلما حدث عندما حوّل السيد «حسن أويد» حيا إداريا تابعا لملك الدولة الخاص إلى حي سكني في إفران لصالح الشركة المحظوظة نفسها. وبما أن المجال لا يتسع لنظم الشعر وقرض القوافي، كما يحب السي حسن ذلك، فإننا سنعطي الأرقام والأسماء لعل المعني بالأمر يتحلى بالشجاعة الأدبية ويقدم ما ينفي عنه التهمة. هل يستطيع السيد «حسن أويد» أن ينفي منحه لصديقته مريم عبابو، ابنة الكولونيل الانقلابي محمد عبابو قائد المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد الحسن الثاني في قصر الصخيرات، لبقعة أرضية مساحتها 93 مترا مربعا في منطقة «ويسلان» بعمالة مكناس، والمسجلة في المحافظة العقارية «المنزه» تحت رقم TF107826/05، بينما كانت هذه البقعة الأرضية مخصصة أصلا لفائدة أحد قدماء لاعبي «الكوديم» الذي يعرفه «أويد» جيدا بحكم أنه طلب من رئيس النادي، القادري، التنحي لصالح صديق أوريد الحميم زنيبر «مول الروج»، فرفض هذا الأخير. وعندما جاءت انتخابات مجلس المستشارين، طلب «حسن أويد» من القادري عدم الترشح، وكان آنذاك برلمانيا ورئيس الغرف الصناعية ورئيس غرفة التحضير للمعرض الفلاحي، فرفض القادري الامتثال لطلب الوالي، وترشح ونجح، فبادر «أويد» إلى الطعن فيه وأزيل من منصبه. وهكذا استطاع الاستفراد بمعية صديقه الحميم الملياردير زنيبر، «ملك النبيذ»، بصفقة إعداد المعرض الفلاحي، وشرع يفاوض المشاركين حول أمكنة العروض ولائحة المرشحين للجوائز، إلى أن انتفض أحد «كبار» المقربين من دوائر القرار، وفضح المستور، فكان ذلك أحد أسباب التعجيل بالإطاحة بالوالي من جهة مكناس تافيلالت. ولعل الفضيحة الكبرى في قضية الأرض التي منحها «حسن أويد» للسيدة «مريم عبابو» هي أن هذه البقعة الأرضية تم اقتناؤها من طرف صديقة السي حسن، بثمن لا يتعدى 18.600 درهم، وبيعت في الأسبوع نفسه بسعر وصل إلى 250.000 درهم، أي أن السيدة ربحت بفضل كرم وجود السي «حسن أويد» ربحا صافيا قدره 230.000 درهم في ظرف أسبوع. وإذا كان سعادة الوالي قد حرم لاعبا سابقا من لاعبي «الكوديم» المكناسي من الاستفادة من بقعة أرضية لصالح صديقته، فإن حارس غابة زرهون الجنوبي في الواجهة المطلة على مكناس، فقد مسكنه الوظيفي بسبب جشع وطمع السي «حسن أويد». ومن سوء حظ هذا الحارس الذي قطن منزلا غابويا جميلا بقي من حقبة الاستعمار الفرنسي، يوجد فوق هضبة مخضرة ويتوفر على شبكة الهاتف والكهرباء وبه عين مائية لا تنضب صيفا أو شتاء، أن السيد «حسن أويد» أخذ علما بوجود هذا البيت الجبلي الجميل الذي يشبه بيوت الغرب الأمريكي. وهكذا قرر السي حسن إخراج الحارس ومساعده وإبعادهما نحو قرية بعيدة عن الغابة التي يحرسانها، من أجل تحويل المنزل إلى منتجع لقضاء عطل نهايات الأسبوع مع أصدقائه المخلصين. لكن يبدو أن نية هذا الحارس كانت أقوى من مكر «حسن أويد»، فلم يكد يجمع الحارس ومساعده أغراضهما لكي يغادرا البيت حتى كان «حسن أويد» يجمع «قلوعه» من ولاية مكناس ويلتحق بفيلته الشاطئية بالهرهورة. وإلى حدود كتابة هذه الأسطر، لازال المنزل التابع للمياه والغابات فارغا ومغلقا، فلا «حسن أويد» سكن البيت الغابوي الجميل ولا هو ترك الحارس ومساعده يستفيدان منه. وبما أن السيد «حسن أويد» يقول إنه «ليس فوق المساءلة وفق شروط موضوعية ومهنية»، فلماذا لم يترك بلاغته السفسطائية جانبا ويجبْنا عن ملف النقط السوداء لتدبيره العمراني عندما كان واليا على مكناس؟ لماذا لم يجبنا عن موضوع صفقات المناطق الخضراء التي ظل يفوتها إلى زوج أخته المقاول؟ لماذا ضرب صفحا عن الحديث عن التراخيص الاستثنائية التي كان يوقعها «بالعرام» في مكتبه بالولاية؟ وبما أن الرجل لديه استعداد للمحاسبة، فليسمح لنا بأن نبدأ معه من الأول، وخصوصا في اليوم الذي حط فيه رجله بولاية مكناس، وكان أخوه لا يملك أكثر من محطتين للتزود بالوقود. هل يستطيع السيد «حسن أويد» أن يشرح لنا لماذا كان يفرض على كل المستثمرين في محطات توزيع الوقود أن تحمل محطاتهم اسم «إينوفا» شركة أخيه؟ وهل يستطيع أن ينكر أن عدد المحطات التي شيدت في عهده يبقى قياسيا مقارنة بالمدن الأخرى، وكيف انتقل عدد هذه المحطات من محطتين إلى 35 محطة اليوم، أغلبها في جهة مكناس تافيلالت، دائرة نفوذه السابقة؟ وبما أن السيد «حسن أويد» يحب الحديث عن أجهزة المخابرات، تلك التي يعتقد أنها هي من يزودنا بملفاته التي يكفي التنقل إلى المحافظات العقارية للحصول عليها، فإننا سنذكره بموضوع له علاقة بمخابرات السي الحموشي، الذي يبدو بالمناسبة أنه وقع في غرام هواتفي إلى درجة أنه ترك كل ملفاته الحساسة وتفرغ للتلصص عليها. هل يستطيع السيد «حسن أويد» أن ينفي أن أخاه، الذي يدير خمارة ومطعما في شارع الأطلس بحي أكدال بالرباط اشترى عمارة «الديستي» المقابلة للخمارة لكي يقيم فيها فندقا، فرفضوا منحه الترخيص رغم تدخلات الوالي المتكررة، فاتجه نحو تحويلها إلى عمارة للشقق المفروشة، تحتها سوق ممتاز؟ هل يستطيع السيد «حسن أويد» أن ينفي تفويته للشقة، التابعة للأحباس والتي كان يتخذها مقرا لمؤسسة طارق بن زياد، إلى أخ زوجته الذي يستغل هذا السكن بسومة كرائية لا تتعدى 200 درهم؟ هل يستطيع أن ينفي أن المقر الجديد للمؤسسة نفسها يوجد في شقة تابعة هي الأخرى للأملاك المخزنية؟ هل يستفيد من كل هذه المقرات «المخزنية» لله في سبيل لله أم لأنه كان واليا سابقا ومؤرخا للمملكة؟ وكيف يستفيد هو، بكل هذه السهولة، من شقق الأملاك المخزنية والأحباس في الوقت الذي لا يستطيع فيه الفقراء وذوو الدخل المحدود ذلك؟ هل يستطيع أن يشرح لنا لماذا يوجد المقر الاجتماعي لمؤسسة طارق بن زياد، التي تخلص من بعض موظفيها بطريقة مخجلة بدون تعويض، في الرباط، بينما حسابها البنكي يوجد في وكالة منسية بجرسيف؟ ولماذا لا يقدم أي تفاصيل حول الحساب المالي لهذه المؤسسة التي تأخذ الدعم وتحظى بالاحتضان؟ هل يستطيع السيد «حسن أويد»، الذي أعطى الانطباع بأنه جاء إلى مكناس لتصفية رئيس المجلس بلكورة، أن ينفي أنه سمح لهذا الأخير بالاستفادة من مياه واد يأتي من جهة «أكوراي»، وذلك من أجل سقي ضيعة مساحتها 30 هكتارا ببحيرة يملؤها من الوادي الذي أقام عليه سدا بعلم الوالي وموافقته؟ «واش نزيدك أسي الفيلسوف ولا باركة عليك. وسير كون تحشم شوية». شوف تشوف