نطرح في هذا البحث مفهومين متناقضين في الظاهر هما: 1 شعب الله المختار؛ وهو مفهوم اخلاقي ديني "قومي"... توراتي؛ و 2 استخدام الدولار؛ وهو مفهوم اقتصادي سياسي لا علاقة له نظريا بأي "دين" (ونحن نضع هنا عبارة "دين" بين اقواس مزدوجة لاننا نشكك تماما في اعتبار اليهودية دينا او ديانة على غرار الاديان الاخرى، وهذا موضوع آخر)؛ ولا نستغرب ان يستغرب البعض ربطنا بين هذين المفهومين. الا اننا نؤكد ضرورة الربط بين المفهومين، ونرد على استغراب ذلك بما يلي: 1 ليأخذ اي منا الدولار من فئة الدولار الواحد (وهو ما يراد به التذكير بالاله الاوحد) نجد على وجهه عبارة (انكليزية طبعا) تقول “IN GOD WE TRUST” ؛ ان معرفتنا باللغة الانجليزية هي هزيلة. وبالرجوع الى القاموس نجد ان هذه العبارة تعني "اننا نثق بالله" او "اننا نؤمن بالله" او "اننا نتكل على الله"؛ وهذه طبعا عبارة اخلاقية دينية، لا علاقة مباشرة لها لا بالاقتصاد، ولا بالسياسة، ولا بالاقتصاد السياسي؛ وعلى وجه الدولار الواحد ذاته توجد رسمة هرم، فوقه عبارة Annuit cœptis (باللغة اللاتينية القديمة، وبالرجوع الى "غووغل"، فإن هذه العبارة تقدم لنا مزيجا من ثلاثة معان: "انه يفي لنا العهد!"؛ و: "انه يبارك مسعانا!"؛ و: "انه معنا!"). وفي رأس هذا الهرم رسمة عين ساهرة محاطة بهالة من الاشعة النورانية، التي نجدها في العديد من الصور الدينية على اختلافها؛ ويمكن لاي تلميذ مدرسة ابتدائية ان يستنتج ان الهرم هو تعبير عن الوجود كله، او على الاقل المجتمع البشري كله، وان العين الساهرة المقدسة المعروضة في اعلى الهرم، هي رمز العناية الالهية او العين الساهرة لله العلي القدير؛ أي ايضا اننا امام رمز ديني واضح كل الوضوح؛ وهذان العبارة والرمز الدينيان على وجه الدولار الواحد، هما اساس المفهوم الاخلاقي الديني الذي يسيّر السياسة الاقتصادية والسياسة برمتها، الاميركية. ويمكن لأي كان ان يفترض ان هذا المفهوم الاخلاقي الديني الدولاري الاميركي هو مفهوم مسيحي، او حتى اسلامي (ومن ثم فهو مفهوم متسام ٍ sublime )؛ ولكن الصحيح ان هذا المفهوم هو مفهوم اخلاقي انحطاطي، اي مفهوم يهودي حصرا. لماذا؟ على ذلك نجيب في النقاط التالية: اولا ان الاسلام لا يستخدم الرسوم والرموز المرسومة ويصر على استخدام الخط وفي الغالب العبارة التأسيسية الاسلامية (لا اله الا الله، ومحمد رسول الله). وثانيا لو ان الاسلام والمسلمين هو وهم من يمسك بدفة الدولار الاميركي، فإن ذلك لم يكن ليحدث الا بمعركة سياسية فكرية ايديولوجية دينية، تقوم لها الدنيا ولا تقعد، وهو ما ليس له اي اثر في التاريخ الاميركي برمته. ثانيا تفيدنا التجربة التاريخية انه من الممكن نظريا وعمليا ان يكون "مسيحيون" مشاركين رئيسيين في اللعبة الاحتكارية المالية والبنكية الاميركية، ولكن بمقدار ما ان تكون هذه المشاركة واقعية، فإنها مشاركة "مسيحيين" مبتعدين عن "المسيحية"، اي بمقدار ما ان هؤلاء "المسيحيين" هم مشاركون في اللعبة الاحتكارية المالية والبنكية فهم "مسيحيون لامسيحيون" او "مسيحيون مبتعدون عن المسيحية" او "مسيحيون معادون للمسيحية". ذلك ان المسيحية تنفي مثل هذه المشاركة المالية الاساسية (ونحن نكرر: اننا هنا طبعا نتكلم ليس عن الممارسة العملية للمسيحيين، بل عن الممارسة الدينية للمسيحية) فالمسيح يقول "مملكتي ليست من هذا العالم" و"اعط ما لله لله وما لقيصر لقيصر" و"اسهل للجمل ان يدخل من خرم الابرة، من ان يدخل غني ملكوت الله"، وهو اي المسيح دخل الهيكل وقلب طاولات الصيارفة صارخا "لا تجعلوا بيت ابي مغارة لصوص". اي ان المسيحية ترفض كليا التجارة بالمال، او ما يسمى مهنة الصيرفة، او المهنة او الاعمال البنكية. ثالثا وهو الاهم، هو ان الاحتكاريين الماليين اليهود هم الذين يسيطرون فعلا وواقعيا على النبك المركزي الاميركي، او كما يسمى "نظام الاحتياط الفيدرالي"(U.S. Federal Reserve System)، وهو ما نقاربه فيما يلي: 2 ان (U.S. Federal Reserve System)، وسنسميه اختصارا "الفيديرال ريزيرف"، هو المؤسسة الاميركية التي تقوم بدور بنك الاصدار المركزي او البنك المركزي الاميركي، الذي يعود له وحده اصدار العملة الاميركية، التي هي العملة الوطنية الاميركية، وفي الوقت نفسه عملة التسعير، وعملة الاحتياط، وعملة الدفع، الرئيسية، عالميا. وبمراجعة لنص موسوعة ويكيبيديا (ونحن نعتمد النص البلغاري) وغيره من النصوص المطبوعة او الالكترونية، نتأكد وبدون اي خلفية "سامية" او "لاسامية" لا سمح الله ان هذا البنك، ومنذ تأسيسه بشكل تآمري وفي مؤتمر سري عقد قبل سنة 1913، هو مؤسسة بنكية خاصة تعمل اسميا، بشروطها هي، في خدمة مصالح الدولة الاميركية نظريا، وبإشراف صوري للدولة الاميركية؛ اما عمليا فهي، تحت اسم العمل لمصلحة الدولة الاميركية، تعمل فعليا لمصلحة الطغمة المالية العليا اليهودية وشركائها الماسونيين الانغلو ساكسون. لمحة تاريخية: ان (U.S. Federal Reserve System) هو مؤسسة تسيطر عليها البنوك والشخصيات الكبرى البنكية والمالية، اليهودية بالاغلب. واذا كانت هذه الشخصيات اليهودية ستتصرف، وتفرض على الدولة الاميركية التصرف، عملا بالمفاهيم الاخلاقية الدينية، فإنها ستتصرف عملا بالمفاهيم الدينية اليهودية، وليس بالطبع "المسيحية" او "الاسلامية". اذ انه من الثابت بالتجربة العالمية انه يمكن ان نتصور شخصيات مسيحية، او شخصيات اسلامية، تتصرف تحت تأثير العلاقات والمصالح والمفاهيم اليهودية والصهيونية؛ ويمكن ان نتصور شخصيات يهودية تتخلى عن او تعارض المفاهيم اليهودية والصهيونية (وتدخل حينذاك في تعريف "اليهودي اللايهودي")، ولكن لا يمكننا ان نتصور شخصيات يهودية يهودية تتصرف تحت تأثيرات "مسيحية" او "اسلامية"، لانها لو فعلت ذلك لخرجت من نطاق "يهوديتها" ودخلت في نطاق "المسيحية" او "الاسلام" او "اللادينية". وبالتأكيد ان الشخصيات اليهودية المسيطرة على المؤسسة الخاصة التي تقوم بدور البنك المركزي الاميركي، هي من عتاة الشخصيات اليهودية الصهيونية، والمفاهيم التي تطرحها على الادارة الاميركية وتدفع الادارة الاميركية لممارستها هي المفاهيم اليهودية الصهيونية. من هنا تأكيدنا ان المفهوم الاخلاقي الديني الذي تعبر عنه العبارة والرسمة الدينيتان على الدولار الاميركي هو مفهوم اخلاقي ديني يهودي. وقد اطلقنا عليه في العنوان الصفة التوراتية. لماذا؟ لنأت الى النظر في هذا المفهوم عن قرب: بأي "الله"، وعلى اي "الله"، وبوحي اي "الله"، يؤمن، ويثق، ويتكل، ويتصرف، اليهود المسيطرون على "البنك المركزي" الاميركي؟ واذا كانوا هم "شعب الله المختار"، فأي "الله" هم "شعبه المختار"؟ اننا نجد الجواب على هذا السؤال في التوراة تحديدا. ان اللاهوت المسيحي لا يفيدنا بشي على هذا الصعيد. اما اللاهوت الاسلامي فهو يقول لنا ان اليهود حرفوا التوراة، اي ان التوراة التي هي في التداول العالمي هي توراة "محرفة" و"غير حقيقية" ومن ثم هي "غير يهودية حقيقية". ولكن هذا الحكم اللاهوتي الاسلامي هو في نظرنا على الاقل مفهوم ديني اسلامي للتوراة واليهودية، وليس مفهوما توراتيا او يهوديا. وبعبارة اخرى هو مفهوم اسلامي لا علاقة له باليهودية الموجودة. واللاهوت الاسلامي والواقع الاسلامي لا يقدم لنا ولم يستطع طوال اكثر من 14 قرنا ان يقدم لنا لا "توراة" اخرى ولا "يهودا" آخرين. وفي الواقع اننا نعيش ونتعامل مع "اليهود" الماثلين امامنا، والتوراة الماثلة امامنا. وحتى اذا كان يوجد ولكن اين؟ توراة اخرى ويهود آخرون؛ فهي وهم لا يعنونا بشيء، لان النقاش هو مع اليهود الذين هم ماثلون امامنا، ومع التوراة التي هي في التداول العالمي الراهن. وحتى لا يتهمنا احد بالتحريف والتزوير، فنحن نشير مسبقا اننا نعتمد نص التوراة الوارد في نسخة "الكتاب المقدس"، المطبوعة بموافقة مطران بيروت في حينه، سيادة المطران اغناطيوس زيادة، (الكتاب المقدس، بيروت 14 كانون الثاني 1983، منشورات "دار المشرق"، توزيع "المكتبة الشرقية"). تحكي لنا التوراة (على الاقل التوراة التي بين ايدينا، والتي نحن متأكدون انها التوراة المعتمدة من قبل يهود العالم) ان اسحق (ابن ابرهيم او ابرام) حينما شاخ وأحس بدنو الاجل، اراد ان يمنح بركة البكورية لابنه البكر عيسو. وكان عيسو اشعر. وكانت رفقة زوجة اسحق تميل الى ابنها يعقوب. وكان أملس. فعمدت رفقة ويعقوب الى حيلة لسرقة البركة الابوية من عيسو ومنحها الى يعقوب. وتروي لنا التوراة كيف حدث ذلك: جاء في "سفر التكوين" الفصل 27 الفقرة 14 وما بعدها عن حكاية منح البركة الابوية ليعقوب (الذي سمي لاحقا "اسرائيل"، واليه ينتسب "بنو اسرائيل" و"شعب اسرائيل"، اي "شعب الله المختار" ما غيرو!)، جاء ما يلي حرفيا "واخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الاكبر الفاخرة التي عندها في البيت فألبستها يعقوب ابنها الاصغر... وكست يديه وملاسة عنقه بجلد المعز... فدخل على ابيه وقال يا ابت. قال ها أنذا من انت يا بني. فقال يعقوب له انا عيسو بكرك.... فتقدم يعقوب الى اسحق ابيه فجسه، وقال اسحق: الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو". وبهذه الخدعة حصل يعقوب (= اسرائيل) على بركة ابيه اسحق، بدلا من اخيه البكر عيسو. وبعد هذه البركة المسروقة يأخذ تاريخ اسرائيل وشعبه مجراه "الطبيعي"؛ ولا تقول لنا "هذه" التوراة اليهودية الواقعية ان "الله" التوراتي اعترض بصورة من الصور على هذه الخديعة، ونبه اسحق الشيخ الذي اصبح نظره ضعيفا ولم يعد يميز بين ابنيه الا بالتحسس والسماع، ومن هنا قولته الشهيرة "اليدان يدا عيسو، والصوت صوت يعقوب". والاستنتاج المنطقي البسيط الذي يمكن لاي انسان ان يستنتجه، ان "الله" التوراتي "طنش" عن الخديعة، ووافق على ان ينال يعقوب (=اسرائيل) البركة ولو بالغش والخديعة، تجاه حتى الاب والاخ الاكبر. اي ان هذا "الله" التوراتي يؤيد ممارسة الخديعة و"يبارك" القائمين بها من بني اسرائيل. وان "الاب الروحي" الاول والاكبر لبني اسرائيل، اي يعقوب، الذي سرق البركة من اخيه هو غشاش ونصاب ومحتال من اول الطريق. وان اليهودي اليهودي، ذي الاخلاقية الدينية التوراتية هو بالضرورة غشاش ونصاب ومحتال، والا لا يكون "يهوديا صادقا" مع ذاته؛ وذلك على قاعدة: "اذا كان رب البيت بالدف ضاربا، فشيمة اهل البيت كلهم الرقص". واخيرا لا آخر ان الاس الاساسي للاخلاقية التوراتية ل"شعب الله المختار" هو الغش والنصب والاحتيال. من هنا تأكيدنا ان الرموز الدينية على وجه الدولار هي رموز "يهودية" تلمح وتصرح في آن واحد، بأن السياسة الاقتصادية، والسياسة عامة، التي تسير عليها وتنتهجها الدولة الاميركية، بالتوجيه اليهودي، هي الاخلاقية التوراتية. وبهذه الصفة فهي، بالضرورة، تمارس سياسة الغش والنصب والاحتيال على شعبها الخاص، وعلى شعوب ودول العالم قاطبة، اصدقائها قبل اعدائها. والاخلاقية التوراتية التي يتسير بها الدولار هي اخلاقية منفلتة لا رابط لها، من الزوايا والابعاد المتعارف عليها في السلوك الانساني. فالتوراة اليهودية تقدم لنا نماذج لاأخلاقية مختلفة، طبعا بقالب مقدس، مما هو قدوة لليهودي. ونعرض فيما يلي بعض هذ النماذج (وطبعا نحن لا نأتي بشيء من عندنا، تفضلوا وراجعوا التوراة): القوادة على القريبات: تقول التوراة اليهودية ان ابرام اليهودي حينما وصل الى مصر مع زوجته ساراي، وكانت جميلة، قال لها "لا تقولي انك زوجتي، فيقتلونني بسببك؛ بل قولي انك اختي، فأستفيد منك". ويبدو ان ساراي التوراتية تقبلت دورها وتقلبت جيدا في احضان علية المصريين، وصولا الى الفرعون. وبفضل "خدمات" ساراي عاد ابرام بها من مصر ومعه هدية ثمينة من فرعون في شكل ثروة من الدواب والماشية والذهب والفضة والجارية المصرية هاجر. زنى المحارم: تقول التوراة اليهودية ان نوحا التوراتي كان لديه ابنتان غير متزوجتين. فتآمرتا لاسكار والدهما بالخمرة، ومضاجعته ليلة بعد اخرى، كي تحملا منه ويكون له ولهما نسلا. وهذا يسمى عادة زنى المحارم؛ الا ان التوراة اليهودية تبرره وتعطيه طابعا مقدسا. إذ يجوز ل"شعب الله المختار" ما لا يجوز لغيره. الاحتكار والتجويع والاستعباد: تروي لنا التوراة اليهودية ما فعله التاجر الاحتكاري يوسف التوراتي بأهل مصر. فهو كان يشتري فائض القمح في سنوات الخصب ويخزنه ويحتكره لسنوات الجدب، وحينذاك يبيعه باسعار عالية، فاستولى في بعض سنوات الجدب على كل ما يملكه المصريون من ذهب وفضة، مقابل حفنة من الحنطة بما يقي الناس من الموت جوعا، وفي بعض سنوات الجدب الاخرى استولى على ما يملك الناس من دواب ومواش، وتسنى له اخيرا ان "يشتري" من الناس ابدانهم ويحولهم الى عبيد لسيده فرعون. وتمجد التوراة اليهودية عمل هذا اللص الاحتكاري المسمى يوسف التوراتي وتحويله اهالي مصر الكادحين الاحرار الى عبيد لفرعون بحجة انه انقذهم من الموت جوعا. الديماغوجيا والكذب وقلب الحقائق: وتروي لنا التوراة اليهودية ان بني اسرائيل كانوا "في الاسر" في مصر، وهم يحتفلون بالخروج من مصر بوصفه "عيدا للتحرير" وبأن "الله" خلصهم من الاسر في مصر. فعن اي اسر يتحدثون؟ ان الصحيح هو عكس ذلك تماما. فإن عميل فرعون يوسف التوراتي عندما استطاع استعباد اهل مصر لصالح فرعون، اصبح هو نفسه "عزيز مصر" والحاكم مطلق الصلاحية فيها، فاستدعى اباه واخوته اولا، ثم بقية شعب اسرائيل، وعينهم نظارا على العبيد اهل مصر. فهل ان نظار العبيد كانوا في الاسر ام كانوا هم سجاني وجلادي اهل مصر؟ وهل كان الاسرائيليون "تحت يد" اهل مصر، ام العكس ان اهل مصر كانوا "تحت يد"وسياط الاسرائيلين، وذاقوا منهم الويلات؟ ومن المرجح ان دور بني اسرائيل كمحظوظين لدى فرعون، الذي كان ينظر اليه كإله، ووظيفتهم كنظار للعبيد، هو ما وحى لهم او ولّد لديهم واغراهم ومن ثم اطلق ورسخ لديهم فكرة "شعب الله المختار" التي تحولت مع الزمن الى نظرية متكاملة كرستها فيما بعد التوراة التي كتبت بعد مئات السنين. اي ان بني اسرائيل لم يذهبوا الى مصر ويعملوا نظارا للعبيد بوصفهم "شعب الله المختار"، بل على العكس هم عملوا نظارا للعبيد بفضل الاحتكاري يوسف "عزيز مصر"، وبفضل المركز المميز لوظيفتهم نظارا للعبيد "طلعت معهم" لاحقا نظرية "شعب الله المختار". وبعد عقود وقرون من العذابات والاحتمال، نفد صبر الشعب المصري وبدأ يواجه "نظار العبيد" (اي "شعب الله المختار") ويتصدى لهم ويقاومهم. وفي عهد موسى التوراتي، قام شخصيا بقتل احد المصريين غدرا وخسة، في دعوة صريحة للاسرائيليين لخنق المعارضة الشعبية المصرية عن طريق قتل المصريين. ولكن هذه المهمة، التي تحمل في طياتها مخاطر المواجهة المباشرة، كان من المحتمل ان تؤتي نتائج معاكسة على الاسرائيليين لانه شتان بين قتل فرد وقتل شعب ف"قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر... وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر". واضطر موسى التوراتي الى الهرب الى مدين، حيث لبث سنوات، ثم عاد ونفسه تجيش بالحقد على المصريين، وهو يحمل "خطتين": الاولى خطة الانتقام من المصريين، بعد ان صار من الصعب التحكم برقابم كما في السابق. والثانية خطة الهرب الجماعي من مصر. وبدأ تنفيذ الخطة الاولى، بشن حرب جرثومية (ربما هي الحرب الجرثومية الاولى في التاريخ) ضد المصريين، بتسميم المياه بواسطة رمي الجثث فيها، وباستخدام القمامة ل"تربية" و"تخصيب" شتى انواع الحشرات الضارة واطلاقها على السكان الغافلين. والملفت للنظر تماما ان هذه الآفات لم تكن تصيب الاسرائيليين والكهنة والقواد وحاشية وعائلة فرعون. اي ان العصابات المدربة لموسى التوراتي كانت تتعمد اطلاق حشراتها في الاحياء المصرية الفقيرة. كما نظم موسى وعصاباته حملات قتل جماعي، حيث طلب موسى من الاسرائيليين نظار العبيد، والذين، بحكم وظيفتهم كانوا يعيشون في احياء العبيد او بالقرب منها، طلب منهم دهن عتبات بيوتهم بعلامات دموية متفق عليها (بحجة ان يستطيع "الله" ان يراها ليلا!!)؛ وفي الليل كانت تمر عصابات موسى على البيوت لتقتل كل بكر، وتجتاز عن بيوت الاسرائيليين حينما ترى العلامة المتفق عليها على عتبات بيوتهم. والخطة الثانية نفذها موسى، بناء على دراسة حركة المد والجزر في البحر الاحمر، حينما كان في مدين. وكي يكمل ابناء "شعب الله المختار" معروفهم مع اهل مصر، طلب منهم موسى، عشية الهرب، ان يقترض كل واحد وواحدة منهم ما يستطيعون من المصريين: دوابا، آنية، دراهم، البسة، اقمشة، حبوبا ، اطعمة؛ اي ان موسى التوراتي اشرف على تنظيم عملية سرقة واسعة للمصريين قبل الهروب. وهذا ما يكذب تماما انهم فروا من "الاسر". بل هم قد فروا لانهم ظالمون وقتلة ولصوص وسفلة وغدارون. واريد ان اقول هنا لمن يؤمن من اليهود، بأن كل ذلك كان "مشيئة الهية"، ولم يكن فيه اي رجس: لكم كل الحق في ان تؤمنوا بينكم وبين انفسكم بأنكم "شعب الله المختار" المغفورة كل ذنوبه، وبأن هذه الجرائم هي "مشيئة الهية". ولكن انا كانسان عادي يحق لي ان احكم على الافعال كما هي واقعيا، واسمي الاشياء باسمائها كما هي فعليا. ولا يهمني قلامة ظفر، من زاوية نظر انسانية بحت، اي تفسير ديني لتبرير هذه الارتكابات الشنيعة واضفاء الطابع المقدس عليها. فاذا كان لسان حالكم يقول: "هذه هي "مشيئة الله!!!" ونحن ننفذ مشيئته لاننا "شعب الله المختا" وطز بسائر البشر!!!"؛ فلا بأس من ان نجيبكم: "طز ب"إلهكم" اذا كان من هذا الطراز، وطز ب"شعبكم" اذا كان هذا هو "شعب الله المختار"!!!" XXX الاخلاق التوراتية من ابرام الى "الفيديرال ريزيرف": من ابرام القواد على امرأته، الى نوح الزاني ببناته، الى يوسف مستعبد المصريين، الى موسى قاتل المصريين وسارقهم... هذا هو "الله" التوراتي وهذا هو "شعب الله المختار" التوراتي، وهذه هي الاخلاق والمناقبية والوجدانية التوراتية. وهذه الاخلاق هي التي يأخذ بها ويطبقها، عن سابق تصور وتصميم، اليهود واعوانهم، الماسكين بزمام الدولار في "الفيديرال ريزيرف" الاميركي. فمن السذاجة الى درجة الاسفاف ان يعتقدن احد ان الكتلة المالية الدولارية التي يطلقها "الفيديرال ريزيرف" انما هي مجرد كتلة مالية "محايدة" (وكما يقال: المال لا رائحة له، ولا مبدأ ولا دين ولا سياسة له!) تسير بدون هدف ، تبعا لاحوال السوق واهواء الجمهور عامة والجمهور الرأسمالي خاصة. العكس تماما هو الصحيح: ان الجمهور عامة، والجمهور الرأسمالي خاصة، وقطاعات الانتاج، والاسواق والبورصات، والبرلمانات، والحكومات، والجيوش، والكتل والتيارات والاحزاب السياسية، واجهزة الاعلام والاتصالات العامة، والمافيات وبؤر الجريمة المنظمة، واعظم جنرالات اميركا واتفه جرذ في احقر قبو فيها، انما تتحكم بها، بواسطة الدولار، الكتلة المالية اليهودية التي تمسك بزمام الدولار، والتي تتوجه وتعمل بموجب الاخلاق التوراتية التي تؤمن بها. XXX الاخلاق التوراتية في التطبيق الدولاري: ان الذين طبعوا الشعارات اليهودية على الدولار لم يكونوا سذجا، بل ارادوا منذ بداية الطريق ان يقولوا للجميع: "هذا هو "إلهنا" ربكم الاعلى، هو المبتدأ والمنتهى، وها نحن ذا "شعبه"، "شعب الله المختار": سادتكم وأولو الامر فيكم. وما انتم سوى "جوييم"، اشباه بشر، حلال علينا استحماركم واستغلاكم وقتلكم عند اللزوم. ومن يعصانا يعصى "الله" الذي هو ملك يميننا، ونحن "شعبه المختار"! اصحاب الدولار، واصحاب الجنة والنار!" والممارسة العملية والواقعية الاميركية، في القطاع البنكي والعملوي والمالي هي تأكيد وتطبيق حذافيري لأخلاقية الغش والنصب والاحتيال واللصوصية والإجرامية اليهودية. وهذا ما نلمسه حينما ننظر في "السياسة الدولارية" التي مارستها الدولة الاميركية، وهي نموذج صارخ لسياسة الغش والنصب والاحتيال على ما يسمى "الشعب الاميركي" ومن ثم على جميع شعوب ودول العالم، بموجب الاخلاقيات التوراتية، التي تستجيب تماما لمصالح الاحتكارات الامبريالية الصهيونية العالمية. ولننظر الى ذلك في سياقه التاريخي، بأقصى ما نستطيع من الموضوعية (ونلفت نظر القارئ ان غالبية الوقائع المتعلقة بالفيديرال ريزيرف، الواردة في هذا البحث، استقيناها من النسخة البلغارية للانسيكلوبيديا الالكترونية ويكيبيديا): كيف نشأ "الفيديرال ريزيرف"؟ بعد حرب الاستقلال الاميركية (1775 1783)، مرت الولاياتالمتحدة الاميركية بمرحلة طويلة من الفوضى في السوق المالية؛ وكانت تتردد بين تطبيق صيغة اطلاق حرية اصدار اوراق البنكنوت لمختلف البنوك الكبيرة، وبين منح ترخيص لبنك اصدار رئيسي، يضطلع بدور بنك مركزي للدولة، دون ان يكون هو نفسه ملكا للدولة. وفي 1829، وبمجيء الرئيس اندريو جاكسون نصير الصيغة الليبيرالية، رجحت كفة الاتجاه الليبيرالي الذي يرى ضررا في الترخيص لبنك مركزي بالتحكم باصدار العملة. وفي تلك السنة (1829) ألغى جاكسون الترخيص الممنوح لبنك الاصدار. وحينذاك صرح السيناتور توماس بينتون بما يلي، معبرا عن الميول الليبيرالية "انا احتج على تجديد الترخيص لبنك الولاياتالمتحدة الاميركية، لانني انظر اليه بوصفه مؤسسة كبيرة جدا وجبارة، بحيث لا يجوز التسامح معها من قبل حكومة تقوم على القوانين المبنية على الحرية والمساواة. ان قدرة هذه المؤسسة تتأتى من النقود القوة، التي هي اكبر جبروتا من السيف". وقد اشتهرت المرحلة اللاحقة بأنها "عصر البنوك الحرة". وفي حين كان يوجد في الولاياتالمتحدة في 1797 24 بنكا فقط، اصبح عددها بعد سنة 1840 اكثر من 700 بنك. وكانت تلك بنوكا غير مستقرة؛ واصبحت الافلاسات البنكية شبه يومية، وصار متوسط عمر البنك 5 سنوات فقط. وعمت فوضى الاسعار والازمات الاقتصادية المتتالية طوال ما تبقى من القرن التاسع عشر. وعلينا ان نلاحظ هنا ان المتمولين والصيارفة ورجال البنوك، اليهود، قد استفادوا اكثر من غيرهم من حالة الفوضى السائدة، لانهم في الاغلب كانوا يعملون ككتلة مالية منتشرة الا انها متعاونة وشبه موحدة. وفي هذه المرحلة اصبح بنك الاحتياط في نيويورك، الذي يسيطر عليه اليهود، اقوى بنك خاص يصدر البنكنوت في اميركا. وفيما بعد تحول بنك الاحتياط في نيويورك ليصبح لاحقا هو العمود الفقري للفيديرال ريزيرف (بنك الاحتياط الفيدرالي) الذي سينشأ بعد فترة وجيزة ويضطلع بدور البنك المركزي الاميركي. في عام 1907 وقعت ازمة اقتصادية اكبر من سابقاتها، فعم الذعر والبلبلة في الاسواق المالية، وطفت على السطح مشاكل السيولة لدى البنوك، التي اصبحت مهددة لدى اقل ازمة مع عدم وجود بنك تسليف كبير كملاذ اخير. وامام هذا الوضع طالب رجال البنوك بصوت واحد باجراء اصلاحات مالية، وتغلبت من جديد فكرة انشاء مصرف موحد لكل الولاياتالمتحدة الاميركية لا يكون ملكا للدولة، ولكنه يختص بآلية اصدار العملة الاميركية. ومع تنامي السوق الداخلية الاميركية، ولا سيما فيما بين مختلف الولايات، في مطلع القرن العشرين، وبعد الازمة المالية الاقتصادية في 1907، وُضعت السلطات المالية الاميركية امام تحدٍ مفصلي هو: ضبط الفوضى في سوق الاوراق المالية واصدار البنكنوت، لمنع السوق المالية من الانهيار التام بفعل المزاحمة العشوائية؛ ويرتبط تكوين "الفيديرال ريزيرف" بحدث سري، ينفيه الكثير من المعاصرين. الا ان التحليل النزيه للاحداث اللاحقة يدفعنا نحو استناجات اخرى حول اهمية هذا الحدث، بالنسبة لتكوين "الفيديرال ريزيرف". ونعني بهذا الحدث انه في هذه الظروف عقد اجتماع سري لعدد من رجال البنوك، يعتبر مفصلا في التاريخ الاميركي والعالمي، وان كان يتم انكاره رسميا. وبعد ست سنوات من انعقاد الاجتماع يكتب عنه الصحفي المالي بيرتي فوربس (مؤسس مجلة فوربس) ما يلي: "هناك لوحة عن اجتماع لعدد من اكبر رجال البنوك في البلاد، الذين انسلوا تحت جنح الظلام في رحلة سرية بقطار خاص من نيويورك، انطلق بهم مئات الاميال نحو الجنوب، وتوقف في جزيرة سرية، كانت قد اخليت من جميع من فيها، ما عدا بعض الخدم، وبقي المجتمعون هناك مدة اسبوع، محاطين بسرية تامة، الى درجة ان اسماءهم لم تذكر امام احد، حتى لا يكشف احد الخدم امام العالم عن هذه السفرة الاكثر سرية والاكثر غرابة في تاريخ المالية الاميركية". كان اليوم هو 22 تشرين الثاني 1910، والمكان هو جزيرة دجيكيل، ولاية جورجيا، والحضور هم: السيناتور اولدريتش، رئيس لجنة الاصلاحات البنكية في الكونغرس، والسكرتير الثاني في وزارة المالية، وفرانك فاندرلوب رئيس ناشيونال سيتي بنك في نيويورك، وهنري دافيدسون المبعوث الخاص ل ج. ب. مورغان، وبول ووربيرغ وهو مهاجر الماني وممثل البنك اليهودي "كون، لويب وشركاهم" وكذلك احدى اشهر العائلات اليهودية في نيويورك. ويكتسب هذا الاجتماع السري الاستثنائي صفتين مزدوجتين: الاولى انه يمثل اهم الشخصيات البنكية؛ والثانية انه يمثل اهم الشخصيات المالية اليهودية لا الاميركية وحسب، بل والاوروبية ايضا (من خلال بول ووربيرغ وعلاقاته بالمعسكر الالماني، ومورغان وعلاقاته باخطبوط روتشيلد في اوروبا وعلاقاته بالمعسكر الانجليزي الفرنسي). وتقرر في هذا الاجتماع السري، بناء لما سمي مشروع اولدريتش، انشاء البنك المسمى "نظام الاحتياط الفيدرالي"، قبل ان يبحث هذا الموضوع في مؤسسات الدولة الاميركية. وفي 1913 تأسس رسميا (U.S. Federal Reserve System)، كي يقوم بدور البنك المركزي الاميركي، وصدر القانون الخاص بال"فيديرال ريزيرف" من قبل الكونغرس وصادق عليه الرئيس وودروو ويلسون. ونشأ "الفيديرال ريزيرف" كمؤسسة خاصة تماما، ليس لملكيتها اي علاقة بالحكومة الاميركية، ولكن يشارك في مجلس ادارته مندوبون عن الحكومة الاميركية؛ وهو يتشكل من عدد من بنوك مختلف الولايات الاميركية ذات الحجم "الوطني"، اي متجاوز الولاية. ويمتلك "الفيديرال ريزيرف" حق اصدار الدولار الاميركي. وباعتباره ملكية خاصة فإن "الفيديرال ريزيرف" يؤمن للحكومة الفيديرالية الدولارات البنكنوتية مقابل حصوله على فائدة سنوية. وهو يعمل بنظام داخلي ونظام تسليف معقد ومرن في آن واحد، تبعا لاحوال السوق وحجم الودائع. وعمليا فإن هذه المؤسسة الخاصة هي التي تحكم فعليا الحياة الاقتصادية للبلاد، ومن ثم تتحكم في الحياة السياسية ايضا. وقد وصف النائب رالف بيتمان هذا الوضع بالقول "لدينا اليوم في الولاياتالمتحدة الاميركية حكومتان"، احداهما دستورية، والثانية في الظل. ولاعطاء فكرة اوضح عما جرى حينذاك، نذكر ان وودرو ويلسون حاكم ولاية نيوجرسي والمدير السابق لجامعة "بريستون" تحول هو نفسه الى داعية لمشروع اولدريتش. واثناء حالة الذعر التي عمت سنة 1907 اعلن ويلسون "كل هذه المتاعب كان يمكن ان تختفي فيما لو امكننا ان نعين لجنة مكونة من 6 – 7 اعضاء من الشخصيات المشغولة اجتماعيا كالسيد دجي. ب. مورغان كي تتولى معالجة اعباء الدولة". ولكن بعد تقديم المشروع الى الكونغرس، فإن تصريح النائب ليندبرغ يعطينا وقعا مختلفا، حيث يقول "ان نظامنا المالي هو مختلط ويمثل عبئا كبيرا على الناس. انا اؤكد انه يوجد تروست مالي، ومشروع اولدريتش هو مخطط موضوع لمصلحة هذا التروست". وبهذا الصدد نشير الى ان السيناتور لافوليت، احد معارضي مشروع اولدريتش، اعلن على الملأ، انه يوجد تروست مالي مؤلف من 50 رجلا يضع الولاياتالمتحدة الاميركية تحت اشرافه. وحينما سأل بعض الصحفيين جورج بيكرن شريك دجي. ب. مورغان الاب، عن صحة هذا الادعاء، اجاب بأن السناتور يرتكب خطأ كبيرا، لانه حسب معلوماته هو شخصيا (اي بيكرن) فإنه يعلم بالتجربة انه ليس هناك اكثر من 8 رجال هم الذين يديرون البلاد. فما الذي حدث بعد وقوع الازمة وانشاء بنك "نظام الفيديرال ريزيرف"؟ تم ابراز وودرو ويلسون الذي اصبح فيما بعد رئيسا للدولة. وصوره برنامجه السياسي الذي اعطي اسم "الحرية الجديدة" بأنه المرشح والمدافع عن "الناس الصغار"، الذين عانوا من الهزات. الا انه على ارض الواقع كان يقف خلفه شخصيات مثل: مورغان، شيف، فارتبورغ، فاندرلوب وغيرهم. وكان "يقود" الرئيس بشكل مباشر ماندل هاوس وبرنارد باروخ، اللذان اصبحا بمثابة "كارديناليه" او مستشاريه الماليين الاقربين. وقد تمت الموافقة على تكوين "نظام الاحتياط الفيدرالي" بحجة عدم السماح بنشوب الازمات المماثلة في المستقبل. اي عكس الواقع تماما. ونتوقف هنا عند نقطة تفصيلية، ولكنها تعبر عن مدى تحكم الطغمة المالية اليهودية ب"الفيديرال ريزيرف"، وعبره بالمالية والاقتصاد الاميركي برمته. فحينما بحث الكونغرس مسألة هل يكون مدراء "الفيديرال ريزيرف" معينين ام منتخبين، اصر السيناتور اولدريتش ان يكونوا معينين من قبل الرئيس (حينذاك ويلسون). وذلك بهدف الالتفاف على تدخل الكونغرس في شؤون "الفيديرال ريزيرف". ويعتبر الكثيرون ان ذلك يتناقض مع الدستور الاميركي ذاته، الذي تنص مادته الاولى، الفقرة 8، على منح السلطة للكونغرس وحده لصك او اصدار العملة وضبط قيمتها. وكانت هذه التغييرات الاميركية، التي تحكمت بها الطغمة المالية اليهودية، مقدمة لتغييرات اقتصادية وسياسية هي التي قادت الى وقوع تلك "الحادثة" وهي اشعال الحرب العالمية الاولى. ماذا نسنتنج من ذلك؟ انه تم استغلال ازمة 1907 لاقرار التوجه نحو انشاء بنك مركزي اميركي، بهدف معلن هو التحكم بالاسواق المالية وعدم تكرار الازمات. ولكنه بدلا من ذلك تم التآمر لانشاء بنك اصدار موحد يسيطرعليه الماليون اليهود، اعطي رسميا دور بنك مركزي، ليقوم ليس بمنع الازمات، بل بتدبيرها واختلاقها وادارتها، ليس اميركيا وحسب، بل وعالميا ايضا. وان هذا البنك، كامتداد للاخطبوط اليهودي (الروتشيلدي وغيره) كان اكبر مهندسي الحرب العالمية الاولى. وفيما بعد الحرب العالمية الاولى انتهج "الفيديرال ريزيرف" سياسة اصدار تضخمية مترافقة مع سياسة تسليف تضخمية، الامر الذي اسهم في اندلاع ازمة الكساد الكبير في 1929 1933. ومع بداية عهد فرانكلين روزفلت تمت احدى اكبر عمليات النصب الدولاري. ففي نيسان 1933 صدر قرار يقضي بالغاء المعيار الذهبي (التغطية الذهبية) للدولار، وحرية استبدال الدولار الورقي بالذهب، وفرض على المواطنين بيع الذهب الذي لديهم الى الدولة حصرا وبالاخص تسليم الدولارات الذهبية مقابل دولارات ورقية؛ ونص القانون الخاص بذلك ان الذي يرفض بيع ذهبه للدولة يتعرض لعقوبة السجن ولغرامة مالية كبيرة جدا. واخيرا اخرج روزفلت نهائيا اميركا من المعيار الذهبي فيما يتعلق بالسوق الداخلي، محولا الدولار الى عملة ورقية، يطبعها "الفيديرال ريزيرف" على وجه التحديد. وفي تشرين الاول 1933، بعد ان تم "شراء" الكمية الاكبر من الذهب من المواطنين، اعلن روزفلت تخفيض قيمة الدولار (devalvation). اي انه جرى تخفيض سعر الاوراق التي اعطيت للمواطنين مقابل المعدن الثمين. وهي لصوصية مكشوفة في وضح النهار، وباسم القانون. ومنذ ذلك الحين تحول الدولار الى عملة اعتباطية سلطوية، لا اعتبار لتغطيتها الذهبية، وتتحكم الدولة بقيمتها، اي عمليا الكتلة المالية اليهودية العليا، المالكة ل"الفيديرال ريزيرف". وادى الغاء المعيار الذهبي في عهد روزفلت الى اتاحة الامكانية لطبع الدولار بشكل غير محدود، ولمضاعفة الكتلة المالية كل عشر سنوات او اقل، ولاطلاق جيوش من السماسرة الماليين العملاء، النصابين، المدربين، في كافة ارجاء العالم من اجل ايقاع كافة الانظمة المالية في الشبكة الاميركية. ويقول المؤرخ الروسي فاليري شامباروف (راجع جريدة "نوفا زورا" البلغارية العدد 43 25 تشرين الثاني 2008) "ان الكساد الكبير قد زلزل ليس فقط الولاياتالمتحدة الاميركية. اجل، لقد كانت هذه اول ازمة اميركية تنتقل الى الدول الاخرى. وكانت اكثر ايلاما في المانيا، لانها كانت الدولة الاكثر ارتباطا بالبيزنس الاميركي. وقد استفادت "الايدي الخفية العالمية وراء الكواليس" من ذلك لاجل ايصال هتلر الى السلطة. وكان رجال السياسة والمخابرات الاميركيون قد اهتموا به (اي بهتلر) منذ سنة 1922 1923، وحصل حزبه على مبالغ طائلة من الخارج. وفي حاشية هتلر ترى بوضوح "البصمة الاميركية". والعبقري المالي لدى هتلر كان على وجه التحديد يالمار شاخت، وثيق الارتباط بالوول ستريت. وجميع الشركات تقريبا في الرايخ الثالث، التي كانت تنتج الاسلحة، كانت شركات مختلطة المانية اميركية. وكانت "الايدي الخفية العالمية من وراء الكواليس" قد عملت حسابها ان يقوم هتلر بسحق مزاحمي الولاياتالمتحدة الاميركية في اوروبا، وبعد ذلك يقوم بالهجوم على الاتحاد السوفياتي". وفي الحساب الاخير، فإن السياسة المالية والاقتصادية الاميركية، التي طبخت داخل جدران قلعة "الفيديرال ريزيرف"، ونفذتها مؤسسات الدولة الاميركية، خلال العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، اضطلعت بدور رئيسي، وان لم يكن اعطي الاهتمام الكافي من قبل الباحثين التاريخيين، في التحضير للحرب العالمية الثانية. وبعد الحرب ادلى وزير الخارجية الاميركي بتصريح مثير جاء فيه "ان الحرب لم تندلع بين الولاياتالمتحدة الاميركية وبين الدول التي نجحنا في اقامة اتفاقات اقتصادية معها. واكثر من ذلك، فما عدا استثناءات قليلة جدا، فإن الدول التي وقعنا معها اتفاقات تجارية حاربت معنا ضد هتلر".