أفادت مصادر مطلعة في العاصمة الجزائرية للجزيرة نت أن تقارير سرّية رفعها جهاز المخابرات الجزائرية قبل أيام أوصت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالإسراع في إجراء إصلاحات جذرية لامتصاص الاحتقان الشعبي في جميع ولايات الجزائر. وأعدت هذه التقارير -حسب المصادر ذاتها- بطلب من بوتفليقة نفسه بغرض فهم أسباب موجة الاحتجاجات والاعتصامات التي تجتاح البلاد منذ أسابيع وكذا أهم انشغالات شريحة الشباب. وتشير المصادر أيضا إلى أن الرئيس طلب كذلك إجابة مباشرة عن مدى قبول مختلف شرائح المجتمع الجزائري بشخصه باعتبار أن ولايته الثالثة بدأت العام الماضي. وأرجعت هذه التقارير حالة الغليان الشعبي في الجزائر-وفق تلك المصادر- أولا إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطن بسبب زيادة أسعار المواد الأساسية، وثانيا إلى رفض الشارع لسياسات الوزير الأول أحمد أويحيى الذي لم يعد يلقى قبولا والذي يحملونه وحكومته أسباب حالة الاضطراب التي يعيشها الشارع من حين لآخر. مزاج الشباب أما النقطة الثالثة فهي تتعلق بحالة الشباب الذي يتخبط –حسب التقارير- في يأس وسخط كبيرين قد تكون لهما انعكاسات سلبية مستقبلا ما لم تتكفل السلطات العليا في البلاد بمعالجة أسبابهما وهي تعود أساسا إلى البطالة الكبيرة ونقص فرص العمل في الكثير من القطاعات مما يدفع البعض إلى اعتماد أساليب غير قانونية للحصول على فرصة عمل، هذا بالإضافة إلى انتشار العنوسة والعزوبية في أوساط الشباب. وحول النقطة الجوهرية التي طلب الرئيس إجابة مباشرة عنها, لم تخف هذه التقارير الرضا الذي يحظى به الرئيس بوتفليقة في الأوساط الشعبية غير أن الاحتقان القائم يعود أساسا -حسب المصدر ذاته- إلى فشل الشخصيات التي اعتمد عليها الرئيس بوتفليقة في تجسيد مخططاته وتصوراته التنموية. وعقب رفع هذه التقارير من قبل جهاز المخابرات الذي يثق فيه الرئيس بوتفليقة لكونه أحد مهندسيه منذ الثورة الجزائرية إبان الاحتلال الفرنسي, قام بوتفليقة بجمع مستشاريه وعدد من الضباط الكبار في المخابرات والمؤسسة العسكرية واستشارهم في الوضع الراهن وآليات الخروج من هذه الأزمة بسلام وتجنيب الجزائر ما حدث في تونس ومصر. وهنا ألحّ بعض مستشاري بوتفليقة عليه –حسب المصدر ذاته- وكذا ضباط جهاز المخابرات بضرورة التعجيل في إجراء تعديلات وإصلاحات جذرية لإعادة بعث الأمل من جديد في نفوس المواطنين. وأشار بعض مستشاري بوتفليقة عليه بضرورة تغيير الواجهة الرسمية لعدد من الوزارات التي فشل وزراؤها في تجسيد مشاريعه وتحقيق تطلعاته التي رسمها منذ بداية ولايته الثالثة، خاصة أن عددا من الوزراء تجاوزت مدة خدمتهم 15 سنة. ولعل أهم مسألة أشار بها مستشارو بوتفليقة عليه هي التخلي عن وزيره الأول أحمد أويحيى ولو كان يحظى بنوع من الثقة, إذ إن حالة الاحتقان وعدم الرضا عنه تتطلب حسب المستشارين إبعاده عن الواجهة وتعيين شخصية أخرى تتمتع بقبول في الوسط الشعبي لا يزال التشاور بشأنها داخل مؤسسة الرئاسة. سيعود للواجهة وفي السياق ذاته كشفت المصادر أن الرئيس بوتفليقة سيعود للواجهة بعد غياب طويل أثار تكهنات حول حالته الصحية. وسيغتنم بوتفليقة ذكرى تأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين المتزامنتين في 24 فبراير/ شباط ليوجّه خطابا للشعب الجزائري سيخصّه بقرارات تاريخية نزولا عند رغبة المواطنين الذين عبّروا عن سخطهم وعدم رضاهم بأشكال مختلفة خلال الاحتجاجات التي عمت البلاد في الأيام الأخيرة. ولعلّ الأمر المهم الذي ينتظره الكثيرون هو أن يغتنم الرئيس بوتفليقة فرصة الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال للإعلان عن رفع حالة الطوارئ نهائيا وهو ما سبق لاجتماع لمجلس وزرائه أن أشار إلى أنه سيكون قريبا.