بكيت مرتين تأثرا، وأنا أستمع للطفلة المصرية (أسماء محفوظ) في اليوتيوب الذي نشرته قبل بدء اعتصامات 25 يناير في مصر، الذي أكدت فيه انها خارجة للتظاهر في ميدان التحرير صباح ذلك اليوم ، وتدعو الناس الى المشاركة في هذه التظاهرة دفاعا عن حقوقهم وكرامتهم وحقهم في العيش الشريف. الخطاب خال من الأيديولوجيا ، وبعيد عن المصطلحات السياسية الرنانة، ..هو مجرد دعوة من فتاة لا يزيد عمرها عن 16 عاما .....وتؤكد في دعوتها أنها سوف تخرج للتظاهر مهما يحصل، حتى لو لم يأت أحد منهم. من الواضح أن هذا الخطاب العاطفي الرائع قد أثر في الكثيرين ، كأنوا الف متظاهر، ثم ألفان ..ولم يقترب النهار من نهايته الا وصاروا بعشرات الالاف، ثم مئات الالاف في اليوم التالي.... ثم الملايين، حتى الان . كنت ابكي تأثرا وأنا اتذكر في شريط مواز خطابنا الحزبي نحن جميعا ..يساريين وقوميين وأخوان مسلمين.....انه بلا استثناء خطاب مثخن بالإيديوليجا... ماضوي بعيد عن الناس وهمومهم العصرية. جاءت هذه الفتاة لتكسر ذلك الحاجز السميك بين الخطاب الحزبي وبين الناس ، وتعبر بكل بساطة وبمفردات قليلة جدا لا تزيد عن نصف المفردات التي قد نستخدمها في بيان سخيف من بياناتنا، نحدد فيه موقفنا (على سبيل المثال فقط) من ثوار البوليساريو. لا حاجة لقراءة (رأس المال) ولا (المادية التاريخية) ، ولا داع لحفظ خطابات أنطون سعادة وميشيل عفلق عن ظهر قلب وبطن، ولا مبرر للتمثل بكتابات الماوردي وسيد قطب وغيرهم وغيرهم . اذا اردنا أن نخاطب الجماعير فعلينا أن نفكر بقلوبنا ، علينا أن ننسى ما قرأنا للحظات ونتعلم الدروس في التعبئة والتنظيم من هذه الفتاة الصغيرة ...أسماء محفوظ.