مراجعة لبعض الأحداث التي مرت عليها الصحافة المغربية ، دون إعطائها الاهتمام الكبير، نتيجة التهور وفقدان الحدس المهن الإعلامي manque d'intuition ، أو نتيجة الاستهتار المجاني ببعض القضايا خاصة وأن جل ساساتنا وبرلمانيينا ومسؤولينا .. والكثير من صحافيينا انتابتهم جرثومة النكبة بالغباء والنسيان السريع. ولعل ما ينبغي الإلحاح عليه هو التركيز على قضيتنا المصيرية، والتي جعل منها النظام الجزائر شغله الشاغل عبر القناصل والسفارات والهيئات الدوليية. و تقارير " ويكيليكس" حول العلاقة بين المغرب والجزائر تطرقت باسهاب لصراع الصحراء المغربية، وما دار ويدور من أسرار وخبايا ودسائس لم يتوان بوتفليقة على نهجها لمعاكسة الحق المغربي في الصحراء وفي أشياء أخرى إلى حد الجنون، ولو أدى "بهم " الأمر في قصر المرادية إلى صرف كل مال الشعب الجزائري من أجل عرقلة التنمية الشاملة التي يقودها جلالة الملك محمد السادس. وإذا كان "وي°ل ويكيليكس " قد كشف لنا عن مؤامرات ودسائس ما زال النظام الجزائري يدبرها ضد المغرب، فنحن بدورنا وعبر بعض الجرائد النبيهة – وبتواضع - كنا ساباقين إلى التنبيه إلى بعض المقالب التي دبرها ويدبرها لنا بوتفليقة " بشيطنته المعهودة وحيله البارعة . كما لا يفوتنا أن نذكر بكتابات ومقالات الأخ الفاضل الملقب ب : AL BARKANI 3 عبر الموقع الإلكتروني essanad.net خاصة ذلك المقال المعنون ب : retours des sahraouis والذي برع فيه عندما ذكر ( قبل كارثة مخيم أكديم ازيك ) بأن عودة الصحراويين بهذا الإفراط ليست بريئة وأن أمرا ما دبر بليل سيحيق بالمغرب، وهو ما وقع عندما دست لنا المخابرات الجزائرية محاربين ومرتزقة ملثمين في مخيم أكديم ايزيك محاربو الصحراء من أم درْمانْ إلى العيون المغربية ! ضمن المتسللين والذين لم يختلفوا عن أولئك الذين أرسلهم النظام الجزائر إلى السودان في طائرات : سي 130 لمؤازرة الفريق الجزائري لكرة القدم ضد الفريق المصري، ولم يكونوا هؤلاء المشجعون سوى مليشيات عسكرية مدربة على حرب الشوارع، سخرتها الجزائر لإرهاب المشجعين المصريين الذين فوجئوا بعناصر قتالية مدججة بالأسلحة البضاء وحتى النارية للإرهابهم والانتقام منهم . وعندما كان الإعلام الجزائري بكافة تنوعاته يصف اللاعبين الجزائريين بمحاربي الصحراء، كان يقصد في حقيقة الأمر هؤلاء المشجعين الهمج الذين أرسلهم العسكر الجزائري لإرهاب المصريين داخل ملعب المريخ، وفي الشوارع السودانية ، كما كانت هذه المناورة سوى تدريب على المرحلة القادمة والتي ترجمت في المخيم الكارثة " اكديم ايزيك " وفي شوارع العيون. وهو ما نبه إليه الصحفي القدير مصطفى العلوي ( مدير الأسبوع ) بأن وصف "محاربو الصحراء " يحمل في طياته دلالت يجب فك شفراتها ... كما سبقت الأسبوع " ويكل *** في عام 2004 ونشرت مقالا يتعلق ببوتفليقة ونواياه المبيتة ضد المغرب بعنوان "مجنون° الصحراء°" جاء فيه : قد تتطابق قصة قيس وحبه لليلى مع قصة بوتفليقة وحبه الجنوني للصحراء ، فقيس أحب ليلى بدون رضا أهلها والأعراف العربية، فكان أن حرم من زواجه من ليلى وهام على وجهه الفيافي يعيش على ذكرياتها، وإن كنا نتمى أن يكون لبوتفليقة نفس مصير قيس، فإن استماتته لرد حق الشعب الصحراوي تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات السياسية والعسكرية وفي غاية الخطورة. عندما كان بوتفليقة يعلن عن فتتاح الألعاب العربية العاشرة بالجزائر، ذكر بالمساعدات التي قدمتها الدول العربية للثورة الجزائرية، كما شكر المغرب الذي احتضن هذه الثورة ... لكن الراسخين في السياسة والمناورات كانوا على يقين أن بوتفليقة الذي تقوى بدولات الغاز، كان بصدد اتمام السيناريو الذي بدأه أستاذه بومدين وبتكرار نفس الصور والسيناريوهات التي مثلها فيما يخص قضية الصحراء، ألا وهي المراهنة على المال لاستمالة الأنصار لجانبه، وقد نجح حتى تعاظمت التنظيما ت والجمعيات الحقوقية التي تساند البولساريو في أوروبا وجنوب أفريقيا، ونجح إلى حد بعيد عندما اشترى ذمم عضوين من الفيفا من أمريكا الجنوبية لترجيح كفة جنوب أفريقيا في مونديال 2010 مقابل 200 مليون دولار° للصوت، واكتفى مسؤولونا بإلقاء اللوم على جوسيف بلاتر لأنه لا يحب المغرب، وفي خضم التنافس على شرف الاحتضان، ظل هؤلاء المسؤولون المنكوبون بالغباء والتهور في ترديد اسطواناتهم المشروخة والقول بأن جنوب أفريقيا فيها السيدا والاجرام وأوصاف نابية ، استغلها بوتفليقة بمهارة لتأليب حكام جنوب أفريقيا علينا ومناصرة البوليساريو بدون هوادة ... وهكذا نجحت الجزائر في هزمنا في عدة محافل دولية، حتى جعلوا من الصحراء قضيتهم الأولى، في نشرات التلفزيون والصحف ... والمخابرات الجزائرية تعي جيدا أن إثارة قضية الصحراء وخلطها " بكرة القدم تسهل تأجيج عداوة الشعب الجزائري للمغرب، وهو ما حصل مع المصريين قبل مونديال 2010 في السودان. وهي مبادرات لا يمكن الاستهانة بها خاصة وأن الجزائر تملك وسيلة ضغط مغربية ( النفط والغاز )، قلبت الموازين لصالح البولساريو في عدة حالات داخل "( منظمة الوحدة الأفريقية والتي انسخب منها المغرب مهزوما رغم أنه كان من أهم الأقطاب في أفريقيا ومن أوائل الداعين إلى تحرير ها ووحدتها / الأسبوع الصحفي 30 – 3 – 2001 ) . لكن ومن حسن حظنا أن بوتفليقة ظل عاجزا عن اختراق منظمة الجامعة العربية ( مع أن بعض الملامح بدأت تظهر ف الأفق !!!) لأن جل الدول المشكلة للجامعة العربية وحتى قبل أن تحصل الجزائر اسمها واستقلالها من فرنسا لا يمكن لبوتفليقة الكذب عليهم، لأن جل قيادات هذه الدول تعي جيدا المرامي الخفية للنظام الجزائري ضد المغرب، ثم أن وسيلة الإغراء والضغط التي يلوح بها بوتفليقة متوفرة بكثرة عند أصدقاء المغرب، فكان أن بدأت المخابرات الجزائرية في البحث عن أي جفاء بين المغرب ودول عربية أو أفريقية لتأجيجه والركب عليه، وهو ما يعيه المغرب جيدا، لأنه بعد وفاة الحسن الثان فقدنا عدة أوراق لفائدة جهات أخرى كانت لا تتجرأ في أن ترفع أعينها في وجه الحسن الثاني رحمه الله، أولها بوتفليقة الذي ما زال يرعبه الملك الحسن وهو في قبره. صحيح أن بوتفليقة خطيب جيد، وجل الرؤساء الذين سبقوه كانوا ناقصين في البلاغة والخطابة، وهو ما جعله يظهر بالرجل السياسي المحنك وهذا ما يحاول أن يطهره في خرجاته الإعلامية، وفي جولاته الداخلية والخارجية. لكن النقط التي ما زالت تحسب على بوتفليقة مهندس صراع الصحراء (من سنة 1964 إلى 1979، ثم من 1999 إلى اليوم ) والهائم بحبه للصراء المغربية، هو احتضانه للبوليساريو على أرضه وادعائه أنه لا أطماع للجزائر في الصحراء، وأن كل هجمات مرتزقة البوليساريو العسكرية والسياسية تنطلق من الجزائر، ومطالبة المغرب للخروج من الصحراء، وتسليمها للمرتزقة ولقطاء العسكر الجزائري، والكل يعرف أن الجزائر منذ وضع يدها على صحراء تندوف المغربية المحتلة وهي تسعى للاستحواذ على منفد على المحيط الأطلسي وهي النقطة التي لا يجب تغافلها أو الاستهانة بها. ( عن الأسبوع الصحفي عدد الجمعة 22 رمضان 1425/ 05 نونبر 2004. بتصرف )