هناك فرق بين نقد الأخبار والتقارير الإعلامية والآراء الذوقية ونقد المواد الفكرية والنظريات العلمية ذات الطابع التخصصي الدقيق، كما هنالك بون شاسع بين سطحية النقد الذاتي وعمق التحليل الموضوعي. إن نقد الذوات لا يعدو كونه أهواء ورغبات تمليها أذواق وعواطف نسبية وانتماءات أيديولوجية ومنافع طبقية أو حزبية أو قبلية أو طائفية ،أما نقد الأفكار والنظريات فيتطلب منهجية موضوعية وتوفر صفة التخصص في المجال المراد نقده حتى لا يكون كلام الإنسان ضرب من التجني والعدوان، وخوض فيما لا يعلم ولا يعني . فإذا أردنا أن نبدي آراءنا في الأشخاص توجب علينا النظر في العلاقة التي تربطنا بهم هل هي شخصية ومباشرة ومبنية على الإحتكاك والمعاشرة بحيث يكون رأينا فيهم منبعه التقييم الصحيح والوصف الدقيق الصادق، أم هي مجرد انطباعات تكونت بفعل انتشار الأكاذيب ورواج الإشاعات؟ أما إذا شئنا أن نصدر أحكامنا في مجال أفكارهم أو مواد علومهم توجب علينا أن نكون من أهلها ومن ذوي الوكد والمقدرة فيها حتى لا نتهم بحكم المنطق بالجهل والتطفل والتطاول، بارك الله فينا جميعا وعلم جهلنا وأنار بصائرنا/ فلنقرأ ونتعلم قبل أن ننتقذ أو نحكم..