أكد هاوي لجمع العملات النقدية الإسلامية القديمة محمد الحسيني أنه استطاع على مدار سنوات أن يضم إلى مجموعته النادرة أول دينار في الإسلام والذي يحفظ حاليا في متحف النقد في البحرين، وأول درهم في الإسلام والذي يحفظ حاليا في متحف بقطر، وأول فلس في الإسلام. وأوضح أن العملة الإسلامية بأنواعها (الدينار والدرهم والفلس) أصدرت في عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان عام 77 هجري، وضُرب (أي تم تصنيعه) أول دينار إسلامي في مدينة دمشق، وهو بوزن يبلغ 4.25 غرام من الذهب الصافي عيار 24 وضرب منه تقريبا رطلان أي 980 دينارا. وأضاف أن أول درهم إسلامي ضرب في مدينة البصرة عام 77 هجري، ويبلغ وزنه ثلاثة غرامات من الفضة عيار 950 بينما ضُرب أول فلس إسلامي بمدينة دمشق ولم يحدد وزن ثابت للفلس، وكان يصنع من مادة النحاس الأحمر. وامتازت العملات الإسلامية بكتابة الآيات القرآنية والتاريخ الهجري عليها، وكان صدور الدينار الإسلامي بمنزلة إعلاء كلمة التوحيد ونبذ الهيمنة البيزنطية والفارسية المالية. وأشار إلى أنه استطاع أيضا بعد طول بحث ضم أول دينار ودرهم وفلس بالخلافة العباسية إلى مجموعته النادرة، موضحا أن النقود العباسية الأولى تمتاز بأمور كثيرة وجديدة عما كانت عليه بالخلافة الأموية، ومن هذه الأمور المهمة التي برزت بشدة إضافة آيات ومقتبسات جديدة على النقود العباسية. وذكر الحسيني أن أول دينار عباسي سك عام 132 هجري، بعهد الخليفة العباسي الأول عبدالله السفاح، وله نفس ميزات صنع الدينار الإسلامي من حيث المادة المصنعة والوزن والحجم. وتحفظ هذه العملة في مؤسسة ستيلر السويسرية. أما الدرهم والفلس العباسيان اللذان ضربا في مدينتي الكوفة وتوج فيحفظان حاليا في أحد المتاحف في دولة قطر. وأضاف أن العملات العباسية حملت أسماء بعض القصور والمدن المقدسة والشخصيات المهمة كالأطباء ورجال الجيش والشرطة والخراج وغيرهم. وأشار إلى أن العملة العباسية امتازت بحذف الاقتباس القرآني من سورة الإخلاص من ظهر العملة وتبديلها بكلمات (محمد رسول الله) كما ضرب المنصور ما بين عامي 145 و147 هجري اسم ابنه محمد "المهدي" على الدراهم. وأضاف أن في عهد المنصور أيضا تم بناء وتشييد دار السك الجديدة الشهيرة بمدينة السلام، وكان أول إصدار لها عام 146 وسجل على الإصدار الأول "بخ بخ" لتصديقها وجودتها. أما في عام 158 عندما تولى محمد "المهدي" الخلافة بعد أبيه فسجل اسمه على النقود، وهو أول من وضع عبارة (صلى الله عليه وسلم) على الدراهم. وذكر الحسيني أن علم النميات الذي يدخل في مجاله علم النقود والمسكوكات يعتبر من أهم العلوم التاريخية الوثائقية، لاسيما أن النقود تتميز بوجود خصائص كثيرة بارزة حتى لو طال عليها الزمان مثل وجود التاريخ ومكان الضرب واسم الحاكم ونوع الخط والكتابة، وبعدها التوجه العقدي والسياسي والمالي والثقافي وغيرها. وأشار إلى أن العرب قاموا قبل الإسلام في مكةالمكرمة وفي عصر الجاهلية بتداول نقود كثيرة مختلفة، ولاسيما أن مدينة مكة وما حولها لم يكن لدى أهلها نقود خاصة بهم تضرب وتسك، بل كانت تجلب وترد إليهم من الدول العظمى في ذلك الوقت، وهي الروم والفرس أثناء سفرهم وتجارتهم ورحلاتهم إليها. وأضاف أن العرب في الجاهلية كانوا يتداولون الدنانير الذهبية البيزنطية وأقسامها الأربعة المعروفة بالشكل والوزن وأسماء ملوكها، وكانت ترد إليهم من بلاد الشام والتي كانت تحت الاحتلال البيزنطي، وكانوا كذلك يتداولون بالدراهم الفضية الساسانية الكسروية. وقال إن العرب كانوا أيضا يتداولون الفلوس النحاسية البيزنطية وأقسامها السبعة المعروفة منها الكبير والصغير والتي كانت مرادفة في عمليات البيع والشراء الصغيرة والبسيطة الثمن، وكان العرب في مكة يتعاملون ويتداولون بالدنانير والدراهم عن طريق الوزن لا بالعد إلا إذا اطمأنوا لوزن العملة. وأوضح الحسيني أن الدنانير والدراهم في تلك الحقبة كانت تقرض ليستفاد منها فيما بعد بالبيع والشراء، فوضع لها المشرع وحكماء وسادات العرب جهاز وزن بدائيا معروف الاسم والشكل وطريقة العمل به لضبط وزن الدينار والدرهم، وكانت لمكة أوزان دقيقة وحساسة توزن بها النقود وعددها 16 وزنا. وأشار إلى أن أغلى القطع النقدية القديمة بيعت بمبلغ 800 ألف يورو الشهر الماضي وتعود أصول هذه العملة التي سكت عام 1609 إلى مدينة سيغوبيا الإسبانية. يذكر أن الباحث والهاوي محمد الحسيني عضو في الجمعية العالمية للعملات، وعضو في الجمعية الكويتية للعملات، ومدير ومالك لمجموعة النقود الأثرية الإسلامية عبر العصور في متحف مؤسسة النقد الكويتي للصرافة.