هو ليس مجرد ثرثار ....بل يستخدم جق الحكي اسلوبا لتمرير وقت الحلاقة على الزبون بأقل قدر من المضايقة تحت وطأة السكاكين والمقصات ناهيك عن الشفرات والخيط. يأتيه الشخص وبه رغبة للهروب بأسرع وقت ممكن، لكن صاحبنا مضطر للتأني في عمله، حيث ان الخطأ هنا لا يمكن اصلاحه بسهولة ، والزبون دائما على حق ، وهو يسعى الى حل هذه المعادلة دون ان يخسر زبائنه. الزبون وهو... إثنان يبحلقان ببعضهما بعد انعكاس الصورة في المرآة العملاقة الواقفة امامهما... الجالس منهما يمط رقبته باستسلام محير للآخر ، والاخر يحمل الموسى أو المقص ويهوي به على رأس الرجل ويوغل فيه نتفا... يقاتل الطبيعة التي تجعل الشعر ينمو ، ويقاتل الموضة التي تتغير كل يوم اويعد كل اغنية جديدة لمراهق مغناج. هو فنان ... نحات تحديدا ،يعيد صياغة شكل الزبون ويرجع كشته الى عواملها الأولية بعد ان يقوم بتنسيقها حسب الطلب . في الواقع ، هذه احدى مصاعب مهنته ، فكل زبون برأي ورغبة .. وليس ثمة قصة ستاندرد يعتمدها الجميع مثل معسكرات الجيش والسجون...!! رغبة الزبون مقدسة.. وما على الرجل سوى التنفيذ محاذرا ان يقع في الخطأ الذي لا يعالج بسهولة كغيرة من اخطاء الناس ....يا ليته يتمتع بقدرة تصليح الاخطاء كالاخرين. كيف يمكن ان نتخيل اشكالنا لولا وجود هذا الرجل الذي نلقي عليه اوساخنا وشعرنا الزائد ونرجع اكثر نظافة ونظارة وشبابا... علينا ان نتذكر هذا كلما شعرنا بالتضايق من ثرثراته التي يقترفها بنية حسنة..... وقلب نظيف.