شنت السلطات المحلية في خريبكة ، مباشرة ، حملة شاملة على الباعة المتجولين ، معلنة حربا لا هوادة فيها ، تناوبت خلالها 6 مقاطعات ، بشكل يومي مستمر ، بالإضافة إلى قوات الأمن والقوات المساعدة ، بهدف " استئصال الباعة المتجولين الذين احتلوا فضاءات المدينة لسنوات طويلة ، مستعملين كل الوسائل للحفاظ على هذا الامتياز الطبيعي في أهم الأماكن " يقول أحد المسؤولين في الحملة . ليضيف المصدر ذاته " سيما خلال فصل الصيف حيث عودة المهاجرين من الديار الايطالية ، حيث تكثر الحركة وتنشط الأسواق الشعبية بالخصوص ،وأيضا خلال شهر رمضان الماضي حيث تم احتلال كل الشوارع الرئيسية بالمدينة , لذلك فان الحرب لن تضع أوزارها لأي سبب، وان قرارات اتخذت لتخصيص فضاءات معينة لوقوف الباعة المتجولين حسب الأحياء ." ليضيف نفس المصدر المسؤول " أنه تبين خلال الحملة على الباعة المتجولين، أن بعض التجار يشتكون، وفي الوقت نفسه يمولون هذا النوع من التجارة، بل ويخصصون أمكنة يكترونها للباعة بمقابل، وهكذا يضربون عصفورين بحجر واحد. في حين أن تجار آخرون ، يعتبرون ذلك منافسة غير مشروعة ، إذ تصيب تجارتهم بالكساد ، كما أن بعض التجار من بينهم مع الأسف مسؤولون , يقومون بتفريخ هذه العربات المتجولة , من خلال تمويلها مقابل مبلغ مادي يومي , ويقومون بحمايتها لصالحهم ." ومن جهة أخرى اعترفت بعض المصادر عن انتشار المخابئ السرية لتخزين السلع سواء من الخضر والفواكه أو السلع الأخرى المهربة , بحيث يقوم أصحابها بالحصول على السلع وخاصة الفواكه من الضيعات الفلاحية مباشرة وبأرخص الأثمان هذه المخابئ التي تقوم بعملية توزيع السلع على العربات المتجولة , على الباعة , أو أيضا إنشاء عربات يتم تسليمها لبعض الأشخاص , يعود ربح تجارتها إليهم , مقابل مبلغ مادي متفق عليه . كما أن عدة مخازن عصرية للتبريد بدأت تنتشر بالمدينة و بالمقابل ، يعتبر عبد الهادي ، عاطل ومجاز، هذه الحملة " حربا غير مشروعة ضد التجارة الحرة ، مؤكدا انه يؤدي ضريبة غير مباشرة " التدويرة" بين الحين والآخر ، إما نقدا أو عينية." . لكن بعض المواطنين يعتبرون اغلب السلع المعروضة لا تخضع للمراقبة، وأحيانا تكون صلاحيتها منتهية ، ما يعرض صحة المواطن للخطر , لكنهم بكل تأكيد يقبلون على شرائها , نظرا لانخفاض أثمنتها , كما أن من المواطنين من له رأي جد سلبي على الباعة المتجولين , كقول أحدهم " ما يثير حنقي وغضبي هو سلوك بعض الباعة , وكلامهم الساقط , دون مراعاة لمشاعر الناس , فألفاظ بعضهم سوقية و بعيدة عن أخلاق المغاربة " ليضيف لقد رأيت بأم عيني العديد منهم من يبيع سلعه وهو يهيأ سيجارة محشوة بالحشيش , بل منهم من يخبأ قارورة خمر داخل عربته , يشرب منها بين حين وآخر , ولما نهاه أحد الزبناء عن ذلك رد عليه بلسان سليط , لكن الزبون الذي كان على ما أعتقد رفقة زوجته , انصرف لحال سبيله دون أن ينبس بكلمة . بالإضافة إلى شهادات مواطنين آخرين حاولوا المرور بسياراتهم من بعض الشوارع , لكن أصحاب هذه العربات رفضوا أن يسمحوا لهم بالمرور , بل أشبعوهم سبا وشتما , بل طالبوهم باستدعاء رجال الأمن , فهم لا يهمهم لا الأمن الوطني ولا القائد ولا أي كان. ويذكر أن عربات الباعة المتجولين تنقسم إلى نوعين: عربات مجرورة، وأخرى مدفوعة، ويحتاج النوع الأول إلى حيوان يقوم بعملية الجر، وهو الأمر الذي يتطلب مصاريف زائدة . ومشاكل أخرى , كروث الحيوان المستعمل في الجر , وما يصدر عنه من روائح تزكم الأنوف . ويذكر أن القطاع الاقتصادي العشوائي في خريبكة ، يؤمن العيش لفئة عريضة من السكان ، في غياب معامل وشركات تمتص العدد الهائل من العاطلين عن العمل ، من حاملي الشهادات ، وقد ارتفع عدد هؤلاء ، بشكل لافت ، مع توالي سنوات الجفاف الأخيرة ، التي كانت سببا مباشرا في هجرة الكثير من السكان القرويين نحو المدينة ، بالإضافة إلى "شراء "المكتب الشريف للفوسفاط لأراضي الفلاحين لاستغلالها في استخراج الفوسفاط ، ما دفع بمئات من المواطنين إلى مغادرة قراهم واللجوء إلى المدينة بحثا عن موارد جديدة للرزق ، فارتفعت البطالة ونشط سوق الباعة المتجولين، وكثرت الجريمة في الأحياء الهامشية بالخصوص . لكن الأكيد هو أن المواطن ينتظر بصبر كيف ستنتهي هذه الحرب ولصالح من , وهل سيتم إنشاء الأسواق النموذجية بالأحياء التي رأت السلطة أنها هي المناسبة لذلك , خصوصا وأن عدة حملات قامت بها السلطات في السابق , كانت كلها تنتهي بعودة الباعة المتجولين الى احتلال الشوارع , وسط استغراب الجميع .