هل يمكن أن تكون الأغلبية من العامة ، والكل من السوقة ؟ الإجابة : نعم عندما تغيب الديمقراطية . فمصطلح العامة أو عوام الناس لم يحمل لا فى الماضى ولا فى الحاضر إلا القليل من السمات الإيجابية ، ولم يضم فى تركيبته وتكوينه البشرى أى من الصفوة ، ولم يشير إلى وجود ثقافة دافعة لمن يندرجون تحته من البشر ، فقد ارتبطت كل الفئات الأكثر انحرافاً على مر العصور مثل الغوغاء ، والدهماء ، والشطار ، والعيار ، والعيان ، والذعر ، والحرافيش بالعامة بشكل أو بآخر ، وكما اندرج كل الفقراء تحت لواء العامة ، ولم يخرج الصناع والأجزاء البسطاء ممن يمارسون المهن التى لا تحتاج إلى مهارة يدوية عالية وتكتسب بالخبرة والممارسة دون تعلم ممنهج ومنظم من دائرته . فالعامة هم الجموع الغفيرة من الفقراء الذين يتسمون بكل ظواهر ثقافة الفقر ، والذين قال عنهم عبد الله بن عباس إذا اجتمعوا أضروا وإذا تفرقوا نفعوا ، حيث يذهب كل منهم إلى عمله ، هم الذين يعيشون كل يوم بيومه ، دون امتلاك لنظره مستقبلية ، يمارسون الحياة دون مشروع ، يفتدون الأمل والطموح ، وهم فى صراع مستمر مع الوفاء بالاحتياجات الأساسية للبقاء فى الدنيا ، هم المهمشين والمستسلمين ، وغير المنتمين، أهم ما يميزهم ويجمعهم صفات السخط على الحياة والواقع والشكوى المستمرة من كل شىء ، وإرجاع كل الأمور إلى الغيب ، والأهم هو النظر إلى الحاكم على أنه الأب الروحى لهم الذى يملك مفاتيح العدل والإنصاف ، إذا أراد أنصفهم ، وإذا لم يرد فهذه إرادة الله ... طاعته واجبة لأن وجوده هو مشيئة الله التى لا راد لها . كل هذا أعلمه مسبقاً ، بل وأعلم كذلك أن العامة هم تلك الكتلة الصامتة التى لا يمكن أن تتحرك أو تتكلم ، وأعلم أن كل الحكام الشمولين يعتبرونهم السند الحقيقى لشرعيتهم تحت اعتقادهم الجازم أنهم الآباء الروحيين لهم . وفقاً لذلك ألا تكون الأغلبية من العامة !!