كلام لابد منه عندما تجوب شوارع وأزقة وزان هذه الأيام، تحس أن هناك غضبا مكتوما اتخذ من قلب الساكنة مستقرا له.....عيونهم تحولت إلى مدافع لكن على من سيطلقون نيرانها....المؤكد أن صيف دار الضمانة هذه السنة ستكون حرارته على غير عادتها....ملفات كثيرة تم نبشها بعد أن تعثر مخططها الرباعي وحامت حوله استفهامات عريضة بعد أن تشعب الحديث عن نقطه السوداء....وأصبح ورش تأهيل المدينة مثل فطائر" البغرير" مليء بالثقب والنقط السوداء التي اتسعت وتمددت رقعتها كنقط الزيت لتصل إلى مناطق كان السفر فوق تضاريسها إلى حدود الأمس القريب شبه محرم..... لجان من المفتشية العامة لوزارة الداخلية ترابط بالمدينة لتقف على حقيقة الوضعية،فالأمر يتعلق بالملاييرمن المال العام الذي رصد لجبر ضرر وزان بعد نصف قرن من اعتقالها في الدهاليز المظلمة لزمن الرصاص.....لجان تستمع لأكثر من جهة ومتدخل ...تزور الأوراش التي انطلقت بعد تعثر تجاوز السنة ،وتتساءل عن سر توقف الأخرى ..... أبناء وزان حيثما وجدوا في ربوع العالم أثلج صدرهم قرار البحث والتقصي، ويضمون صوتهم إلى كل الأصوات الشريفة والنزيهة التي تطالب بالذهاب بالبحث إلى أقصى مداه حتى يعود للدولة هبتها، وللإدارة الترابية مصداقيتها، ويكون لقرار ترقية مدينتهم إلى عمالة معنى....أبناء دار الضمانة يضعون أياديهم على قلوبهم خوفا من أن يكون ما يجري مجرد بالونات اختبار أطلقتها جهة هي وحدها عليمة بخلفيتها....أو مجرد اهتزازات تحدث في عين المكان...أو مجرد حبات أسبرين لتهدئة الأجواء المشحونة وامتصاص الغضب المكتوم.....تخوفات يدعمها تزمن وتطابق ما جاء على صدر الصفحة الأولى لجريدة وطنية، والبيان الذي وزعه على نطاق واسع فرع حزب وطني! *الحكاية من البداية بعد اعتلاء الملك محمد السادس العرش وإطلاقه ورش المصالحة والإنصاف، لم يخالج ساكنة وزان قيد أنملة من الشك بأن جبر ضرر مدينتهم يوجد على رأس جدول أعمال ملكهم، وأن المدخل إلى ذلك يمر عبر زيارة ملكية لدار الضمانة لتفنيد الخرافات ،وإعطاء الانطلاقة لمسلسل تنمية المنطقة.وبالفعل كان الحدث تاريخيا بما يحمله من دلالة رمزية عندما زار الملك وزان في شتنبر2006 .زيارة تلتها أخرى في نفس السنة ترتب عنها ترقية وزان إلى عمالة ومصالحتها مع جهتها(الشمال) الطبيعية و التاريخية والثقافية،وتخصيص ميزانية استثنائية لتأهيل المدينة.وهو التأهيل المعروف بالمخطط الرباعي الذي وقعه أكثر من متدخل تحت أنظار الملك . المعطيات التي توفرت لدينا في حينه، هو أن الغلاف المالي المخصص لهذه الأوراش يناهز 20مليارا سنتيم،وأن المخطط يتضمن تهيئ 14 مشروعا (المحطة الطرقية،دار الشباب، الساحات العمومية، الحدائق العمومية،دار الفتاة،المركب الثقافي،المركب التجاري، شارعي محمد الخامس والمسيرة الخضراء، ملتقيات الطرق والشوارع، مداخل المدينة والطريق السياحية،المجزرة البلدية،انقاد المدينة العتيقة،ترميم البنايات الآيلة للسقوط،وأخيرا تهيئة 11 حيا بالمدينة القديمة.)ويتوزع المتدخلون لإنجاز هذا المشروع بين المجلس البلدي والمجلس الإقليمي ومؤسسة العمران. هذا المخطط كان مقررا أن ينطلق سنة 2007 لتوضع اللمسات الأخيرة عليه سنة 2010،وهو ما لم يحصل بل أن جل هذه المشاريع ظلت معطلة لأسباب يصعب الجزم فيها لكثرة تضارب تصريحات الذين يوجدون في علاقة تماس بالموضوع..إلا أن المؤكد هو أن ما سيحدث ما كان ليحدث لو أن مختلف مسا طير الصفقات والدراسات والمتابعة تمت بالشفافية المطلوبة والقوانين الجاري بها العمل، وهي قواعد العمل التي تم تغييبها يقول أكثر من مصدر ورفعت في شأنها تقارير إلى الجهات المختصة لمباشرة التحقيق. الحديث اليوم عن التجاوزات "الخطيرة"كما سمتها بعض الجرائد الوطنية! كما أن حرارة الاهتمام بالملف المفجر أخيرا لا يعفينا من العودة إلى الحديث عن ملابسات مصادقة المجلس البلدي السابق على هذا المخطط الذي جاء في أكثر من محاوره مشوها،مضفيا على المدينة الطابع القروي،وقد تجلى هذا بشكل بارز للعيان في الشكل الذي كان سيخرج به مشروع تهيئة ساحة الاستقلال،وساحة 3 مارس،وحديقة للأمينة ،وشكل مصابيح الإنارة العمومية التي لم نعد نعثر على مثيل لها إلا في الأسواق القروية،والزحف على الأرصفة في وقت أصبحنا نلمس في كل مدن المغرب التي شرع في تأهيلها اعتماد سياسة توسيع الأرصفة على حساب الشوارع وهو ما يعني تزايد الإهتمام بالراجلين لمحاصرة حرب الطرق التي تزهق عشرات الأرواح يوميا.ومما لا شك فيه أن سبب مصادقة كل مكونات المجلس السابق(حتى لا يزايد أحد على السكان اليوم) يعود إلى افتقارهم إلى نظرة شمولية ،متكاملة ومتناسقة لمختلف مجالات المدينة ،ولوظائف ساحاتها،وتقاطعهم في حرب المواقع وجهلهم لمضمون وروح الديمقراطية التشاركية التي تفتح المجال للفعاليات المدنية للدلو بدلوها في كل ما يتعلق بقضايا الشأن المحلي بعد أن وصلت الديمقراطية التمثيلية الباب المسدود.كما أن ضخامة الاتهامات التي ضربت نيران ألسنتها أكثر من جهة لا يسمح اليوم بإحداث تغييرات كبرى في المشاريع التي انطلقت أو ستنطلق دون الرجوع إلى المجلس البلدي ليقول كلمته . ما قبل النهاية ولأن الذي يحب ملكه هو الذي يقول له الحقيقة ،فإن الحقيقة التي لا يتيه عن عنوانها من يمتلك ذرة من المواطنة، أو يقبض على حبة رمل من العشق لدار الضمانة،هي أن ملف المشروع الملكي لتأهيل وزان قد عرف عدة تجاوزات وانزلاقات صاحبته من البداية إلى اليوم مما يتطلب أن يكون البحث عميقا وتنشر خلاصا ته على نطاق واسع،وهو ما سيساهم في مصالحة المواطنين مع صناديق الاقتراع التي هجروها رغما عن إرادتهم.