يحتفل العالم في الثامن من شهر مارس من كل سنة باليوم العالمي للمرأة، ليقف فيه على ما حققته من انجازات على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو عيد سنوي للمرأة تتابع فيه مسيرتها الطويلة من أجل التحرر والانعتاق من الظلم والاضطهاد المعيقان لتطورها وتقدمها، ومن أجل حماية جميع المكاسب التي حققتها عبر هذه المسيرة الطويلة والشاقة من النضال والكفاح وبهدف الاستمرار في المطالبة بتحسينها وتطويرها ومحاربة ومواجهة كل السياسات والتقاليد البالية التي تعرض المرأة للعنف والتمييز والإقصاء. وترمز هذه الذكرى العظيمة إلى الحدث التاريخي المتمثل في إضراب العاملات في الولاياتالمتحدة ضد أوضاع العمل، كما ترمز إلى صراع طويل للمرأة ضد كل أشكال العنف والتمييز والاستغلال وما حققته من مكتسبات على المستوى القانوني والتشريعي بعد أن كانت خلال تاريخ طويل رهينة لكثير من القوانين المجحفة. وفي هذا الإطار،حددت الاشتراكية العالمية في ميثاقها يوما للمرأة تقديراً لحركة حقوق المرأة، تلاها المنتظم الدولي برمته في اعتماد تاريخ 8 مارس يوما عالميا وعيدا وطنيا لها، وأصبحت بذلك المرأة والمطالبة بحقوقها محورا أساسيا ضمن اهتمامات العديد من النقابات العمالية والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني نظرا لدورها الايجابي في تطوير المجتمع وتقدمه، وتنمية الأسرة وتأهيلها، و لأجل تحقيق هذه الأهداف والمرامي خلقت العديد من الجمعيات النسائية للدفاع عن عدالة قضيتهن، فأصبحن أكثر المدافعين والمهتمين بأوضاع النساء والمطالبين بالحرية والمساواة، مما أدى إلى بروز العديد من النصوص والتشريعات الدولية والإنسانية المكرسة لمبادئ المساواة بين الجنسين وعدم التمييز وتحرير المرأة آخرها المبادئ المعلنة في مؤتمر (بيكين) و(المؤتمر العالمي الرابع للمرأة) . ففي هذا السياق،فالمنظمة الديمقراطية للشغل إيمانا منها بعدالة قضايا النساء وحقوقهن، لتغتنم هده المناسبة العظيمة ، لتتقدم للمرأة العاملة المغربية ولكل نساء هذا الوطن بأجمل برقيات التقدير والتحية والأمل، ولتقف مجددا على أوضاع النساء المغربيات العاملات داخل الوطن وخارجه، في ظل واقع اجتماعي واقتصادي مختل وغير منصف للمرأة ووسط زوبعة من التحديات الناجمة عن الهجمة النيوليبرالية المتوحشة والسياسة اللااجتماعية التي تنهجها الحكومة الحالية تجاه أوضاع النساء في شتى المجالات، حيث أن المرأة العاملة المغربية بشكل خاص والمرأة المغربية بشكل عام لازالت تعاني من كل أشكال الظلم والتمييز الاجتماعي المقلق، ومن الاستغلال والحيف والتهميش والهشاشة والقهر والاستعباد والعنف بدءا بالأمية المتفشية وسط النساء بنسبة تفوق 6 ملايين ونصف من بين 10 ملايين أمي،مرورا بالعاطلة المؤدية للفقر والمرض وارتفاع الوفيات في صفوف الأمهات الحوامل وصلن نسبة 1500 حالة وفاة كل سنة بسبب غياب الرعاية الصحية والاجتماعية وغياب احترام القوانين المتعلقة بالحمل والولادة والأمومة، وصولا إلى تزايد حالات الاغتصاب والاعتداءات التي تتعرض لها النساء وفي سن مبكرة وانتشار الأمراض المنقولة جنسيا بما في دالك مرض السيدا في صفوفها وهي ظاهرة جد مقلقة أكدتها الدراسة التي قام بها منتدى الزهراء للمرأة المغربية إضافة الى الاستغلال البشع واللاأخلاقي الذي يمارس على النساء المغربيات خارج الوطن من طرف لوبيات الفساد أمام مساحيق الحكومة الحالية ومؤشراتها المفبركة. ومن جانب آخر، وخلافا لما تروج له وزارة التشغيل من معطيات وأرقام للتمويه بهدف إخفاء الحقائق المرة، فان عددا كبيرا من نساء المغرب لازالت تستغل أبشع الاستغلال من طرف أرباب المقاولات والمصانع والمعامل والمقاهي والمحلات التجارية والخدماتية والمزارع والضيعات الفلاحية، وفي القطاعات غير المهيكلة والمعامل السرية، حيت يتم استعباد النساء تحت غطاء التشغيل مقابل أجور زهيدة وتحت سندان عقود عمل مؤقتة ومطرقة التهديد بالطرد والتسريح نظرا لغياب الحماية القانونية والضمان الاجتماعي وعدم تطبيق مقتضيات مدونة الشغل،واستمرار التمييز الواضح بين الرجل والمرأة في الأجر الذي يفوق أحيانا 40 في المائة (في القطاع الخاص)،علما أن 74 في المائة من النساء العاملات يتلقين أجرا دون الحد الأدنى للأجر القانوني، وأن نسبة 25 في المائة من العاملات يشتغلن ساعات إضافية في منازل أصحاب المعامل للقيام بأشغال أخرى لاعلاقة لها بالعمل، ناهيك عن ظروف العمل الشاقة وساعات العمل الطويلة التي لايتم التعويض عنها، وكل ذلك في خرق سافر وواضح لقانون الشغل والأعراف والحقوق الإنسانية. كما أن النساء العاطلات عن العمل في تزايد مستمر بسبب إغلاق المعامل والوحدات الإنتاجية نتيجة انعكاسات الأزمة المالية الدولية والتي أدت الى تسريح ما يفوق 14 ألف عامل سنة 2009، ستون في المائة منهم نساء. هذا،كما لازال يمارس على المرأة الموظفة وأثناء أدائها لوظيفتها وعلى مرأى ومسمع من المسؤولين الحكوميين شتى أنواع التضييق والحيف والتمييز في تحمل المسؤولية وعدم ملاءمة الوظيفة لمؤهلاتها العلمية، وعدم استفادتها من الحقوق والمكتسبات التي يتمتع بها الرجل في الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية. كما نغتنم في المنظمة الديمقراطية للشغل هذه المناسبة، لنجدد تحياتنا النضالية ومساندتنا للمرأة الفلسطينية رمز الوجود والنضال، ورمز التضحية والشموخ الفلسطيني في مواجهة الآلة الصهيونية وعملائها، وتنديدنا بالصمت الدولي الرهيب أمام الانتهاكات الإرهابية الجسيمة التي تتعرض لها المرأة الفلسطينية من طرف الاحتلال الصهيوني الغاشم. كما نغتنمها مناسبة للتنديد بما يجري في مخيمات العار بتندوف التي يتم فيها احتجاز المرأة الصحراوية وإخضاعها لكل أشكال الاستغلال السياسي والاضطهاد الاجتماعي والحصار والعنف من طرف جبهة البوليساريو، وفي خرق سافر لأبسط حقوق الإنسان والأعراف والمواثيق الدولية على مرأى ومسمع من المؤسسات الحقوقية الجزائرية والدولية . وفي الأخير،فإننا في المنظمة الديمقراطية للشغل، ونحن نتقدم بالتهنئة للمرأة المغربية في كل مواقعها على دورها الريادي ومساهمتها الفعالة في بناء المجتمع المغربي وتطويره وتنميته ودمقرطة مؤسساته. • نعلن عن مساندتنا ودعمنا المطلق للمرأة المغربية في مواصلة نضالها من أجل رفع كل أشكال الاضطهاد وتحقيق العدالة والديمقراطية والمساواة. • نطالب الحكومة بضرورة إعادة النظر في التعامل والتعاطي مع قضايا النساء واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير التشريعية والقانونية والإدارية التي تعمل على إنصاف المرأة بشكل عام والمرأة الأجيرة بشكل خاص، والاهتمام بأوضاعها المادية والاجتماعية والصحية والثقافية من أجل تحقيق أهداف الألفية لسنة 2015. • كما نطالب بالمصادقة على كل المواثيق والاتفاقيات الدولية وتنفيذها التي تكفل حقوق المرأة وتصون حريتها ومن ضمنها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز والعنف ضد المرأة. المكتب التنفيذي الكاتب العام علي لطفي