يباغتنا الإعلام من حين لآخر على حالات من التنصير أو من غسيل المخ لشخصيات معروفة لذاتها أو لأحد من عائلتها. ولعلكم تذكرون حالة ردّة إبن القيادي البارز في حماس حسن يوسف أو حالات ظهور إبن زعيم القاعدة أسامة بن لادن العشريني مع إمرأة خمسينية بصفتها زوجته منتقداً لشخصية والده، وهو أمر لا يقدم عليه، مسلم من الجزيرة في ظل المتعارف عليه من التقاليد إلى جانب الإسلام، من لم تكن خلفة قوًى دافعة. والحالات ليست بالعديدة ولكن حالاتهم يضخمها الإعلام تضخيماً كبيراً ولا يخفى على أحد بالغ الأذى الذي تلحقه أنباء كهذه ليس على أنفس من يعرفهم فقط ولكن كل من يسمع أنباءً كهذه من المسلمين -إن هم تمثّلوا بهؤلاء الأشخاص من قبل أو رافقوهم أو صاحبوهم-. كتبها_المستنير_ ، في 11 فبراير 2010 الساعة: 23:09 م فأنباء كهذه الأنباء تولّد عندهم خوفا من المستقبل وتزعزع ثقتهم بأنفسهم وبدينهم إن هم تمثّلوا بهؤلاء الأشخاص من قبل أو رافقوهم أو صاحبوهم. وأوّل هؤلاء المخدوشين في صميم دينهم وقلوبهم هم الوالدان والإخوة في الدّم والأقرباء. ومن تابع حملات الإعلام في الدعاية للحدث، لم يفته أمران على الأقلّ: * بلاهة الكلمات التي ترد على السنة هؤلاء: وهي عبارة عن تلقين وستعلمون فيما بعد سببه. * التّرتيب المسبّق والإستغلال الإعلامي المفرط للحدث: ويظهر من خلال متابعة المعني في أماكن متعدّدة لتصويره. وهو أسلوب لإستغلال الحدث على مستوى الأمة بأكملها من أجل دعاية واسعة، يوفر لها إعلام الزور المنبر من أجل انفاذها لأكبر عدد ممكن بتظخيم الحدث وتهويله ويتناسى في المقابل أنّ هناك الآلاف يدخلون الإسلام سنويّا في أوروبّا وحدها مثلا بدون تطبيله. ولهؤلاء الشّباب الذين آذاهم وخدشهم أنباء كهذه، شرح لأساليب عمل المنصرين الذين يستعملون أساليب الطّوائف في الإيقاع بضحاياهم وذلك بالتّلاعب بالقوى والمدارك الذّهنيّة كما سنشرح هذا الأمر فيما يلي -من خلال ترجمة لدراسات مختصين في مجال عمل الطوائف- وذلك حتّى يحذروا حبائلهم ويكشفوا خططهم. "التّلاعب بالمدارك الذّهنيّة مهين للكرامة البشريه وكامن في أي نظام شمولي. النازية والستالينيه كانتا أمثلة بالغة الدّقّة لهذا التلاعب. الطوائف تتبني نفس هذه الاساليب مع مجموعة متنوعة من الأدوات والتطبيقات". ليس هناك أيّ تشكيك في حرية الممارسه الدينية والمعتقدات ، كائنة ما كانت في جنونها. وعقائد الطوائف ليست هي سبب نقدها ،بل التجاوزات والتّصرّفات الخطيرة التي تتولد عنها. ومن المؤكد ان اكبر تنوع من أساليب التّلاعب بالمدارك الذّهنيّة -التي تسمى أحيانا "غسيل المخ"- نجده عند الطوائف. فعن طريق استخدام تقنيات متطورة في التلاعب بالمدارك الذّهنيّة -وذلك بإيهام تابعها* أنّه بمعيّتها سيجد حلولا لمشاكله- تتمكّن الطّائفة من تلقينه، وضعه تحت التبعية و السيطرة على أفكاره. مصطلح "غسيل المخ" غير مناسب لأنّ مفهومه المأخوذ من قضية التعذيب الذي تعرض له السجناء الامريكيون خلال حرب كوريا لا يتناسب ما يجده المرء لدى اتباع الطوائف. والواقع ان الاعضاء السابقين في الطوائف يؤكدون على حقيقة انهم ملتزمون مع "كامل إرادتهم الحرة". شهاداتهم تشير الى انهم لم يتعرّضوا للتعذيب ، ولكنهم أغرتهم وعود السعادة ووافقوا على دفع باهض الثمن من أجل الحصول عليها. وبدلا من ذلك، فإنّ السيطرة على المدارك الذّهنيّة، تتميّز بالطبيعة الغادرة للفخّ الذي يغلق على التّابع. وعليه وجب علينا النظر إلى هذا التّابع على أنّه ضحيّة دون علمه بسبب الفجوه القائمة بين ما يعتقد أنّه إلتزم به وبين ما سيكون عليه واقع إلتزامه. تحت ستار من حسن النوايا، تشكل السيطرة على المدارك الذّهنيّة وسيلة هائلة للتّأثير والسيطرة عن طريق استخدام عمليّات غايةً في دّقّتها، والتي بتحويلها عن أهدافها الاصلية، تسعى الى التأثير ثمّ إلى الإقناع وذلك من اجل التصرف في حرية الضحية والاستفادة منها. وهكذا، فإنّ ممارسات الوضع تحت التّأثير يمكن أن يؤدي الى تغييرات في تشكيل التّفكير، وإختلال في الاحتياجات الفسيولوجية وزعزعة للاستقرار النّفسي. والنتيجة هي زيادة الاعتماد على الغير والإنحباس في نظام المعتقدات. والسّيطرة على المدارك الذّهنيّة لا تعمل إلا اذا بقيت خفيّة تماما على الضّحيّة. وذلك حتّى تشعرَ هذه الأخيرة بالإقتناع بأنّها تمتلك حرية أفكارها وقراراتها. وبهذا، فإنّ مستعملي السّيطرة على المدارك الذّهنيّة يتمكّنون من الحصول على الهيمنة النّفسيّة والبدنية، على القدرات وعلى الأرباح ويتمكّنون من استغلال ضحاياهم ماليّا. وجميع هذه الانتهاكات لكرامة الانسان ولنزاهته منبوذة، لأن مثل هذه الممارسات تنفي عن الفرد حرّيّتة وحقه في التّصرّف في نفسه بنفسه. العمليّات المدرجة تاليا ليست كلّ منها على حدة محصورة على الطوائف بل يمكن إكتشافها في كثير من الظّروف الأخرى : الأسرة ، المدرسة ، العمل ، الحياة الإجتماعية ، الجمعيات ، الاحزاب السياسية ، الجيش ، التّسويق ، الإعلان... المعرفة بهذه التقنيات والمعرفة بكيفية تحديدها في الحياة اليومية ضمانة للابقاء على حرّيّة الارادة وعدم الوقوع في الفخاخ. ويمكن إبراز أربع مراحل رئيسية في التّلاعب بالمدارك الذّهنيّة : الإقتراب أو المبادءة ، الإغراء ، الإقناع ، والتغريب: الإقتراب أو المبادءة: - المبادءة المغرية أو الملهمة للفضول: أمثلة : برامج التطوير الذّاتي ، النّشاطات الإنسانية والبيئيّة والثقافيّة والتعليميّة ، الطّبّ البديل ، العلاج النفسي ، الغيبيّات... - الكشف عن الأشخاص الذين تتوفّر فيهم إمكانية الاتباع. ويتمّ إختيار الأشخاص إعتبارا لهشاشة طباعهم : تحديد طبيعه الاكتئاب عن طريق الاختبار، الفحص أوالمناقشه ، إستغلال الفشل في الحياة الدّراسيّة، المهنية أو العاطفية ، استهداف الأشخاص العاطلين عن العمل أو هم في حداد. الإغراء: - تكثير الوعود: العمل على بعث الأمل في الخروج من الصّعوبات، في الشّفاء، في حلّ مشاكل كلّ فرد، في تحقيق السّعادة، في إستنقاذهم من خطر وشيك... - المدح والثّناء: يتمّ التّأكيد للتّابع أنّه يتمتّع بإمكانات عالية وكبيرة... ولكن لا يمكنه إلاّ الوصول الى داخل الطّائفة. يُهَنَّأ ويُمجَّد مستغلّين بذلك حاجة أيّ بشر إلى الإحترام والإعتراف. - وابل من الحبّ أو الصداقة: والهدف من ذلك هو إعطاء التّابع الإنطباع بأنّه تمكّن أخيرا من إكتشاف أسرته "الحقيقيّة" ولن يكون بعد ذلك وحيدا. - الشعور بالقوّة وكونه يمثّل جزءًا من النّخبة: التّابع يحصل داخل المجموعة على معارف سرّيّة، إستثنائية لا يمكن أن يحصل عليها عامة النّاس. وهذه المعرفه محفوظة للمطّلعين ، "النُّخب" ، الذين هو جزء منها بالطّبع. في داخل الطّائفة ، فإن التّابع لديه شعور بأنه عند الجانب الجيّد وأنه يمكن أن يتمّ "إنقاذه". - لغة سرية مشفّرة ، غامضة المفردات:الطوائف تستخدم كلمات يتمّ تحويلها عن معناها الحقيقي ، غالبا ما يكون من السّهل تذكّرها. مصلحة اللّهجة المحددة : بمثابة علامات على الإعتراف والإمتنان للطّائفة, أن تكون أداة متعلّقة بالذاكرة للحفاظ على مذهب الطائفة ، عزل أفراد الطائفة عن بقية العالم ، تعزيز الشعور بالوحدة من توحّد , تعزيز فكرة إنتمائه للنّخبة. - الإعتقاد بكونه يخدم قضيّة ذات "سبب وجيه":والواقع أنه من الصّعب رفض ما يبدو أنّه سبب وجيه ، وخصوصا عندما يدخل التّابع مرحلة "إلتزام عاطفي" داخل الطائفة. ولكن تدريجيا ، فإن جميع "الوسائل" تصبح جيّدة للدّفاع عن "سبب وجيه" : كذب، والمناورات ، والخدع والتضليل والسرقه والاختلاس وإساءة معامله من أصول الشركة ، والتجسس ، والتسلل ، والتخويف ، والتهديد ، والابتزاز ، وحتى جرائم القتل، الانتحار الجماعي... ومن دون شك يمثّل هذا أقوى وأخطر منحى للتلاعب بالمدارك الذّهنية لأنها تقلل أو حتى تقضي على العقبات الأخلاقيّة المألوفة للأتباع. الإقناع: - نظام "حقائق" مبسّط ومختزل: هذه الحقائق تُعرض على أنّها علميّة ولا جدال فيها من خلال إستخدام أسلوب يبدو ظاهريّا مكتمل البناء، وربما يكون بإستخدام الخدع وتزييف الأدلة ، والتزوير ، شهادات مغلوطة، ومغالطات... وفي بعض الحالات ، "الحقيقة" قد تكون سرية ، حتّى تمنع الطائفة أو المعلم من دائرة النقد الخارجي. والتّابع، بإستفادته من هذه "الحقيقة" ، فإنّه يصبح "نيّرا" أكثر، أكثر معرفة متمتّعا ب"حالة عليا من الوعي". وبفضل هذه الحالة، فإنه لم يعد له أيّ شكّ ، لأن يعتقد أنّ يمتلك الحقيقة ولديه الأجوبة عن أي أسئلة. - إستخدام الأكاذيب: السّيطرة الحقيقية على المدارك العقلية لا يمكن أن يمارس دون كذب محقّق، على الأقل في الأهداف الحقيقية للطّائفة. فهم يكذبون إمّا بالفعل أو بالإمتناع. وبأيّ حال ، فإنّ الطائفه أو مُعلمها يدّعون عدم إفضائهم بكلّ ما لديهم من أسرار أو أقوال بحجة انه لم يكن سيُفهم سيُقبل من جانب "غيرالمطّلعين" على الاسرار. - عدم تمكين التّابع من التّساؤل أوالتّفكير: رئيس الطائفة قد تلقى "وحيا" و"تنويرا"، فمن غير المجدي للتّابع محاولة التّفكير بنفسه، بل يجب عليه الإنقياد وسيصبح بالتالي أكثر قدرة على فهم الحقيقة ". وهناك طريقة أخرى للوصول إلى ذلك وهي ضمان أن يكون التّابع مشغولا باستمرار. - إستخدام مشاعر الخوف والقلق: من خلال اللّعب على الحاجة لأمن الجميع ، يتمّ إقناع التّابع أنّه بدون حمايته، فإنه سوف يتعرّض شخصيا لسوء أو إحتمال أن يواجه كارثة في المستقبل، نهاية العالم ، الأمر الذي يهدد المجتمع كله خارج الطّائفة. لا يمكنه ترك الطّائفة، وإلا فإنّه سيصيبه شرّ. - التجربة العاطفية للمجموعة: الطائفة تستخدم نزوع البشر على الإمتثال لأعضاء المجموعة الآخرين ، وإستيعاب القواعد ، والشعور بالإنتماء إلى المجتمع. وهناك ينشأ في داخل التّابع إعتمادا متزايدا على المجموعة يصل إلى حدود الاندماج الكلّي، مع إحتمال فقد هويته ومشاعره الفردية لصالح تلك المجموعة. والإندماج في إطار مجموعة يولّد، ووفقا للباحثين، الوهْم، الشعور بالغبطه والإثارة، حالات في تراجع ، إنخفاض نشاطه الفكري، وإنعدام الإستقلالية وحسّ المبادرة. التغريب: - إصدار الطّائفة تعليمات أو رسائل متناقضة: هذه التغييرات في الإتجاه أو الموقف دائما تُشرح للتّابع بطريقة ذات مصداقيه. ويترتب عليها خلط في ذهن التّابع حول قيَم الطّائفة بين ما هو مسموح أو غير مسموح به وزيادة الشّعور بالذّنب والتردّد في أخذ القرارات وبالتّالي إستسلامه وإنقياده للطّائفة. وبالنّسبة للطائفة، فإنّ مجموعة هذه الإشارات المتناقضة التي تُصدِرُها تمثّل نظام دفاع فعال في حالة إتّهامها. - إستخدام المعالجات النفسيّة: بتحريف المعالجة النفسيّة عن هدفها لتصبح وسيلة للتّغريب بدل التّحويل تستطيع الطّائفة زعزعة إستقرارالتّابع عن طريق العمل على التشكيك في رؤاه فيما يخصّ العالم الخارجي ورؤاه حول نفسه. فالعلاقة المتميزة بين التّابع المريض ومعالجه وإكتسابه معارف جديدة تُسهِّل إعادة تشكيل شخصيته. أمثلة من أساليب العلاجات النفسية التي تستغلّها الطوائف : تحليل المعاملات ، البرمجه اللّغوية العصبية (NLP) ،التّنويم المغناطيسي ، السّوفرولوجيا (تأثير بعض حالات الوعي على الجسم) - طلب المجاهرة بحديث النّفس على الملأ: كشف التّابع معظم أفكاره الأكثر حميميّة يثير لديه كراهية وهواجس تتماشى مع إتّجاه "قيم" الطّائفة وتُحوِّل وعيه الأخلاقي. طلب المجاهرة بحديث النّفس على الملأ الذي يزيل أي حميميّة ويعزز الشّعور بالذنب ، هوأقرب إلى "الإغتصاب النّفسي". وبالاضافة الى ذلك ، قد تسعى الطّائفة إلى التّسجيل السّمعي البصريّ الذي قد تستعمله كوسيلة للابتزاز ضدّ التّابع إذا تمرّد. - إختفاء الإعاقة: بعد المجاهرة بحديث النّفس على الملأ، قد يتخلّى التّابع عن كلّ حياء، عن كلّ القيم الإخلاقية أو عن أي محظورات بشأن مواضيع معينة. ويُمثّل هذا الأمر وسيلة لإشراكه أكثر فأكثر فيما يتعلق بأعمال الطائفة ودفعه للإنخراط في أطروحات غريبة أو ممنوعة. - الحياة الجنسية المؤطّرة طائفيّا: ويكون التّأطير إمّا بالتقييد أوعلى العكس التّساهل. بعض الطوائف قد تذهب إلى حدود الإجبار على التّزويج أو التحريض على الإعتداء الجنسي على الاطفال، أو حتى على الزّنا بالمحارم. - المديونية: مديونيه التّابع للطائفه هي وسيلة لجعله معتمد ماليا عليها وإشراكه بصورة متزايدة فى انشطتها. - التّهيئة من أجل البقاء متاحا بصورة متزايدة على ذمّة الطّائفة: هذا التّكييف يحصل عن طريق التّمرين المتبادل بسبب إنقياده التّابع إلى السلطة، الجوّ العامّ، شبه الإنغلاق على النّفس، جدول زمني مملوء جدا ،تغذية ضعيفة وغير متوازنة، الحرمان النوم، فقدان مفهوم الوقت، سواء ليلا أو نهارا ، ترديد أناشيد إيقاعيّة مضجّة، في وتيرة قريبة من إيقاع ضربات القلب... حالة التعب المزمن لا تعد تسمح للتّابع بتحليل الحالات التي يجد نفسه فيها وإنتقادها. - القيود الصارمه المفروضة عن طريق التسلسل الهرمي: تحت ذريعة البحث عن التواضع ، يطلب التّابع الإذن من طرف بناء تنظيمي هرمي على درجه عالية من التنظيم البنيوي وذلك للقيام بأتفه الاعمال. وأثره هو الحد تدريجيا من حرّيّة إرادة التّابع وزيادة الإعتماد على الطّائفة. - القطيعة مع بيئة التّابع الأصليّة: من أجل تجنب تأثيرات العالم الخارجي "الجاهل" الذي قد يعرّض للخطر "نهضته الشخصية "، فإنّ التّابع لا يمكن ان يتلقى زيارات أو رسائل أومكالمات هاتفية... - الإجتثاث: الإجتثاث الجغرافي والثقافي واللغوي ، والحرمان من الهوية ، وتغيير الإسم (من أجل "النهضه" الروحيّة) تقطع التّابع من البيئة السابقة وأهله وأقربائه ومن كل من يمكن له أن يساعده أو يخلّصه من نفوذ الطائفة. - الذّعر: الطائفة تخترع الأعداء والمؤامرات والتهديدات الخارجية حقيقية أو خياليه. وجود هذه التهديدات يمكن ان تعزز الروابط داخل الطائفة وتدفع التّابع إلى العمل في السّر والإنطواء على نفسه. مترجم بتصرّف قام بالترجمة خالد زروان *تابع: الضّحيّة قبل الإيقاع به تماما.