في كنف الصمت القاتل الذي رافق الهزة .."الفضيحة"بشقيها، كان لا بد من إخراج البوح من جلباب التاريخ في قضية الزيتون ..اللقاء الذي وقف أمام قضية ما زالت فصولها تتوالى، جاء ليمر على سكة التاريخ الذي يراد له يتفكك ،على مفاصل قد تكون مؤلمة وقد تكون مخزية وقد تمثل الكارثة تلو الأخرى في محلول الذوبان ..."شبانه " الذي ما زال يضرب في خاصرة الوطن، ويلوك مآسيه بأنياب مسمومة ،والحركة المتدحرجة على صدر التحول من نياشين الغار إلى كهوف الانصهار ..والوحدة المترامية على سلاسل التمني ، وغيرها، من حواشي الهمسات الصارخة في أذن المسؤولية كانت محور اللقاء ... الدكتور نبيل شعث مفوض العلاقات الدولية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح في هذا حديثه" للوسط اليوم " كان صارما اتجاه الخطأ..متفائلا اتجاه الوحدة..مكبلا بمنابر التغريد ومحشوا بحسرة الأسئلة وعلى رأسها مّن الذي عين "شبانة" ولمصلحة من افتعال الحروب غير الحقيقة ..الى التفاصيل حوار خاص ب"الوسط اليوم"أجراه جميل حامد *ما بعد المؤتمر السادس لحركة فتح.. ما الذي تغيّر على الأداء العامّ للحركة؟ د.شعث: لا أستطيع القول أنّ هناك نتيجة سريعة للذي حدث فقد فُتِحَتْ أبواب للتّغيير والتّطوير، لكن لم تُنتج على أرض الواقع، أوّلاً كانت هذه أول فرصة لانتخاب المجالس الرئيسية لحركة فتح (اللجنة المركزية والمجلس الثوري منذ عشرين سنة)، وحدث تغيّر في النهاية. إنّ ثُلث أعضاء اللجنة المركزية السابقين أعيد انتخابهم، وثلثين جاؤوا من المجلس الثوري السابق، أمّا المجلس الثوري الجديد لا يوجد به 10% من القديم، والباقي جميعهم جُدد، وهؤلاء جاء جزء منهم من أمناء سرّ الأقاليم، وبالتالي الحراك الانتخابيّ الذي حصل قبل المؤتمر إعدادًا للمؤتمر، بالإضافة للحراك السّياسي الذي حصل حول المؤتمر وعقْده ومكان عقده، وغير ذلك من الإشكاليات، بما فيها اللجنة التّحضيرية والخلاف مع الرئيس في فترة من الفترات. أنا برأيي أهمّ هذه الرؤى الجديدة هو البرنامج السياسي، وهذا هو البرنامج السياسي الأول لحركة فتح الذي يصدر عن المؤتمر، فقد سمي ما صدر عن المؤتمرَيْن - الرابع والخامس- ببرنامج سياسي، لكن حقيقة هو عبارة عن بيان حول القضايا الرّاهنة، أمّا البرنامج الذي صدر في تونس عام 1989 كان عبارة عن شكوى وبكاء على ما حصل في لبنان، والخروج من بيروت، وتنبّؤ بعملية السلام القادمة، والبرنامج الذي كان قبله كان حول الحرب الأهلية اللّبنانية وبقايا أزمة الأردن، بالتالي هذا البرنامج عُدّ في سنتين كاملتين، سنة منهما نوقش وعُدّل مرّات عديدة، حتى وصل الى الصيغة التي ذهب بها الى المؤتمر، والتي ناقشتها اللجنة السياسية التي انبثقت عن المؤتمر، وأضافت عليها بعض التعديلات. المؤتمر نفسه لم يُعدَّل بعد كلّ هذا في البرنامج، إنما أضاف ما سُمّي ببيان بيت لحم، وبالتالي هو برنامج سياسي لحركة سياسية نضالية، جزء منه مقدّمة تاريخية ذات مغزى سياسي، وجزء منه ما سُمّي بالسّيمات الاستراتيجية لحركة فتح، وهي بمجملها تشكل استراتيجية دائمة، وجزء يتعلق بالمهام المرحلية لحركة فتح في المرحلة القادمة، والمرحلة القادمة تتميّز في هذا البرنامج السياسي بما يلي: الكفاح المسلح هو حق من حقوق الشعب الفلسطيني، لا يماري فيه أحد، ولكن الفرصة المتاحة الان هي للنضال الشعبي السلمي من نوع نعلين وبلعين، ونثبّت برنامج بلعين ونعلين كنموذج لهذا النوع من النضال، ونشرح أيضا أنواع أخرى من النضال، ممكن أن تبتكر وتبتدع لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان وحماية القدس، والتّوجّه نحو بناء الدّولة. *تقصد أنّ برنامج "فتح" يتوجّه نحو المجتمع المدنيّ الآن؟ د.شعث :نعم بالتأكيد.. النضال الشّعبيّ لا يأتي إلاّ إذا عملتَ أولاً في تنظيمك، وبعدها في المجتمع المدنيّ، وأيضًا في مجتمع مدنيّ بالخارج، حتى يشارك بالنّضالات الّتي تحصل هنا، لأنّ جزءًا منها نضالات النّاشطين الأجانب، وهذه مرتبطة بالجزء الثاني من النضال، فعندما يشترك عندك الناشطون الأجانب بالنّضال، فهم يكونون لسان حالك في النضال الافرتهايد والعنصريّة الإسرائيليّة، عندك الجزئية لشرح أشكال النضال واضحة جدا، إضاافة الى 14 بندا فيما يتعلق بالمفاوضات وغيرها. يوجد شروط للمفاوضات ولا يمكن الذهاب إليها، إلاّ بتوقف الاستيطان وتوقّف تهويد القدس، وبرفع الحصار عن غزة، والعودة الى حدود سبتمبر عام 2000، أيضًا هناك شروط للتفاوض، وشروط للوصول لنتيجة لهذا التفاوض، كل هذا يحتاج الى برنامج سياسي، وبعدها يكون الحديث، كيف نعمل مع أبناء شعبنا في الشتات، وكيف نعمل مع أبناء شعبنا ما وراء الخط الأخضر، وكيف نعمل في سياساتنا العربية والدولية، وكيف نعمل مع حكومة السلطة الوطنية، وبالتالي، فالبرنامج السياسي هو أهم وثيقة، وجزء من البرنامج السياسي هو برنامج السلطة الوطنية، هذا كله موجود في البرنامج وتمّ اعتماده، شكّلنا المفوضّيات، وبعضها انطلق في عمله، والمجلس الثوري عقد اجتماعين منذ انتخابه، ويوجد تحرك داخل الساحة الفتحاوية، ولو قرأت البرنامج ستجد أنه يعالج أساسا معضلة؛ هل نحن حركة تحرّر وطني؟ أم نحن حزب سياسي يبني الدولة؟ البرنامج يوصل لقناعة أننا لا نستطيع دمج برنامجين أسود وأبيض. *هناك أصوات في الخارج ومعارضة موجودة في الخارج، أين نجد المواءمة ما بين مواقف الداخل والخارج في برنامجكم السياسي؟ د.شعث:أنا أشك أنه يوجد تشكيل خارجي، ووجود عدم رضى، بدون شك، أمّا أن يؤدّي هذا إلى منظمة جديدة اسمها "فتح الخارج" و"فتح الداخل"، أنا أستبعد ذلك، لكن هذا لا يجعلني أقلل من ضرورة الانطلاق نحو العمل الخارجي. نحن لسنا حركة تحرر في الداخل فقط، وعندما كنا في الخارج كنا نقود الداخل والخارج، والآن القيادة موجودة في الداخل، والأخ "جمال محيسن" سمّي مسؤول الأقاليم الخارجية، يتحرك مع "عباس زكي" الذي سمّي مسؤول العلاقات الخارجية، والاثنان يشتغلان بالاتصال، وبإعادة تنشيط الانتخابات في الخارج. أنا معك أنها تحتاج إلى عمل كثير لإعادة واكتساب الخارج، والجزء الذي يتعلق بي، وبالوجود في الدول الأجنبية، أنا أقوم به في كل دولة، وصار هناك مسؤولون ومفوضون وممثلون للعلاقات الخارجية في هذه الدول، مع أبناء التنظيم المسؤولين فيها، وهذا يجعل نشاطهم بالدول التي هم فيها مرتبطا رأسًا بالحركة، وليس بعيدًا عن فكر الحركة وسياستها وعملها. أنا معك أنه لا زال علينا الكثير من العمل السياسي، وعلى رأسه الوحدة الوطنية، يعني؛ نحن إذا نجحنا في تحقيق الوحدة الوطنية، نعمل انطلاقة لتنظيمنا في الخارج، وهذا أهمّ من أي عنصر آخر. *هناك من يعتقد أنّ البرنامج السياسي هو العائق أمام الوحدة الوطنية، خاصة في ظلّ التعنت الإسرائيلي، وفي ظلّ وجود حكومات إسرائيلية، تتبنى نهجًا بعيدًا عن الحلول والبرامج السياسية؟ د.شعث:أنا أختلف معك تمامًا.. أنا أعتقد أنّ العرقلة الإسرائيلية إذا كان الرد عليها ردّا نضاليّا نحن سنكسب، ولو صمدنا سنة على موقف صلب من خلال العمل على النضال الشعلبي والدولي والعربي، هذا سيستعيد كل سمعة الحركة وسيستعيد وحدتها. *بعد زيارتكم لغزة.. كيف ترى آفاق المصالحة وإعادة الوحدة الوطنية؟ د.شعث:أنا من اليوم الأول قلت: "أنا لا أحمل عصا سحرية، ولا يمكن حل الأمور كلها، لكن برأيي أنني فتحت بابًا، يجب أن نبقى نعمل من خلاله ونوسعه، بحيث يتحول من باب إلى ممرّ مستمر لإنهاء القطيعة وفتح الحوار، بما يؤثر تأثيرًا إيجابيًّا على الشعب الفلسطيني، وعلى "فتح" أو "حماس"، ويدفعهما باتجاه الوحدة ومنع الانقسام، من التجذر، لأن القطيعة تجذر الانقسام، وأنا كلّ الذي عملته، حاولت أن أمنع تجذر الانقسام، وأن أحوّل التيار العام إلى تيار وحدوي، بدلاً من أن يكون تيارا انفصاليّا مقاومًا للتيار الوحدوي، كحراك من "فتح" .. حتى في "فتح" بدأت تظهر آراء تقول: "خلص.. راحت غزة .. نحن نعمل جهدنا في الضفة"! أنا أفهم أنه "راحت غزة"؛ يعني أنه راح الوطن والعكس بالعكس، أعتقد هذه الزيارة فتحت أبوابا، وبعدها عُقد أول اجتماع ما بين كلّ الفصائل، بما فيها "فتح" و"حماس" في غزة، وربما سمعت تصريحات "الزهّار" عن الإقتراب من توقيع اتفاق! *هل إعلان "حماس" عن استعدادها بتشكيل قوة مشتركة على معبر رفح مِن "فتح" و"حماس"، تمّ مناقشته خلال اجتماعاتكم؟ د.شعث:هم عرضوا أكثر من هذا، عرضوا استعدادهم لقبول حرس الرئيس والقوات الأوروبية، وهم معنيون بفتح الحدود، ونحن معنيون كذلك، لأنّ فتح الحدود يساعد على توقيع الورقة المصرية، فالحلول الموازية تؤخر الوحدة، كذلك أنا رفضت التفاوض على الورقة المصرية، ورفضت تشكيل لجان جديدة.. لماذا جديدة؟ وقعوا الورقة، فهناك أربع لجان موجودة في الورقة المصرية: (لجنة أمنية ولجنة وحدة وطنية ولجنة انتخابات ولجنة عامة). *رئيس كتلة "فتح" البرلمانية "عزام الأحمد".. تصريحاته الأخيرة جاءت متشائمة، واستبعد توقيع الورقة المصرية، كما استبعد إمكانيات المصالحة قريبا؟ شعث:"فتح" للآن لا زالت تسمح للمنابر المختلفة، فهناك من يعتبرون هذا حسن حظ، وهناك من يعتبرونه سوء حظ. ما أستطيع قوله، أنّ هناك مغردين، وحتى الآن لم تُحسم هذه القضية، ولا يجوز أن نكون متشائمين، بالعكس، كلما تفاءلنا نصنع ضغطًا أكبر على "حماس". *لكن زيارتكم لمنزل اسماعيل هنية احدثت حالة من الجدل كيف انتهت هذه الحالة؟ د.شعث:أنا لم أتجادل مع أحد، وكلّ الذي قلته أن "أبو مازن" سافر الى اليابان، قبل أن أعطيه تقريرًا عمّا فعلت في هذه الزيارة، ولو أتيحت لي الفرصة أن أضعه في التفاصيل، وقد حاولت مرارًا، والذي امتنعت عنه، هو مقابلة السيد "إسماعيل هنية" وكلّ الإخوة الآخرين في مكاتبهم الحكومية. ولو اتيحت لي الفرصة لأشرح لأبو مازن ذلك، لَما حصل ذلك التعليق الذي نُسب على لسانه، ولا أعرف إذا كان قاله أم لا، فهناك أناس حضروا الاجتماع قالوا أنه لم يقُل. برأيي.. ما أُشيع هو افتعال لمعركة غير حقيقية! * مازالت اللجنة المركزية لحركة فتح تلتزم الصمت اتجاه ما بثته القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلية من صور لمدير مكتب الرئيس ومن معلومات وصفتها بوثائق حول الفساد لماذا لم يصدر اي تعليق؟ د.شعث: صحيح أن اللجنة المركزية لم تجتمع بعد عودة الرئيس، وسيجتمع جميعنا خلال اليومين القادمين، وأنا مع هذا الاجتماع للضرورة القصوى. الرئيس باعتبار "رفيق الحسيني" مدير مكتبه، ومسؤول في حركة "فتح"، جمع ما بين هذين الأمرين، وشكّل لجنة تحقيق من حركة "فتح"، برأيي هذا لا يكفي، فالقصة لها جانبان: جانب يتعلق بحركة "فتح" مثلما تقول أنت، وهو الجانب الذي أدى إلى تشكيل اللجنة منها، لكن هناك جانب آخر، أن الحسيني هو مسؤول في السلطة الفلسطينية، و"شبانة" كان مسؤولا في مخابرات السلطة الفلسطينية، وهذا اختراق قوي جدا، وماحدث يتحمل مسؤوليته الأخ رفيق الحسيني، ويجب التحقيق في القضايا، بغض النظر من بلّغ ومن صوّر ومن عمل، وسواءً نُشرت هذه القضايا أو لم تُنشر، فالجانب الآخر هو الاختراق الأمني الرهيب، يعني واحد عميل يدخل عليك ويصبح مسؤولا في مخابراتك، ويحصل على كل معلوماتك، ويقول للجرائد أن هذه المعلومات عندما أُعلن عنها، سأقطع كل المعونات عن الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية، وأن هذه المعلومات تشمل كل المعلومات عن شراء الأراضي في القدس، والتي معناها، أن هذه الأراضي مصادرة، والتي دفعت ثمنها منظمة التحرير للمحافظة على عروبة القدس. هذا اختراق خطير جدا، ويجب ان يُحاسب المعنيون عليه، مَن الذي شغّل هذا الرجل؟ وكيف لم يتم اكتشاف جذوره وأصوله وعلاقاته؟ وكيف ظلّ يعمل مع المخابرات الاسرائيلية كلّ هذا الوقت؟ برأيي هناك مسألتان هامّتان، في نفس الوقت عميل إسرائيلي يدخل الى داخل قلبك، وياخذ معلومات خطيرة عن شعبك وعلى رأسها أراضي القدس، من الوقاحة عنده أنه يقول: "سأُفصح عن معلومات تؤدي الى خراب البيت الفلسطيني"! فمِن أجل ماذا؟ مِن أجل ليلة قضاها ..؟ لا أجد سببا لكل هذا إلاّ أنه عميل. لذلك أنا أفرّق بين قضيتين، هناك لجنة تحقيق نضالي تُجريه السلطة الوطنية، لكن الأهم، لجنة تحقيق قانوني وأمني! *هل هناك إمكانية أن تتوجه حركة "فتح" بالدعوة لمساءلة المؤسسة الأمنية؟ د.شعث:هذا ليس شغل حركة "فتح".. هذا شغل السلطة، وحركة "فتح" تدعو، ولكن هذا شغل السلطة! *الانتخابات البلدية قريبة وعلى الأبواب، وآراء عدّة تعتقد أن لهذه القضية انعكاساتها على الانتخابات، الا ترى بأن حركة فتح ستكون "فتح" الخاسر الأول والأكبر؟ د.شعث:بدون أن نُكبّر أو نُصغّر.. فكل الناس مهتمون بالجانب الجنسي من القضية! *الناس مهتمون بقضية الفساد في هذه الفضيحة؟ د.شعث:يا حبيبي.. لا فساد ولا غيره، شعبنا مسلم ومتمسك بتقاليده وعاداته، ومشكلة جنسية تُشغل اهتمامه عن كل القضايا الأخرى، لأنّ كل الاوراق التي رأيتها في التلفزيون تعود الى عام 1996 وعام 1997، وكلها أوراق لا علاقة لها بفساد حالي، بل بقضايا نُشرت وتم التحقيق بها سابقا. القصة هي تخريب وتشويه صورة السلطة الوطنية الفلسطينية، والضغط على أبومازن شخصيا، لذلك تم اختيار شخص كبير من مكتبه، باعتبار أنه ليس شريكا بالسلام، مثلما كانوا يقولون عن أبو عمار بأنه فاسد والخ. هذا الموقف الواضح من القضية، فهل رفيق الحسيني أخطأ؟ هذه مسألة يجب على التحقيق أن يثبتها، وأنا لا أرى فيها أي دليل على الفساد، إلا بسبب أخلاقه، وهذه مسألة يُحاسَب هو عليها، فشخص استخدم مكتبه في واقعة جنسية يُحاسَب، فهذا شيء ليس ناتجًا عن فِكر الحركة أو تنظيمها أو عملها، ويجب التوضيح؛ فالشخص المخطئ يُحاسَب، هناك أخطاء في القانون يُحاسَب عليها الشخص ورئيسه، مثل هدر المال العام، لكن هناك أخطاء يُحاسَب عليها الشخص شخصيا، مثل الجنح والجنايات، أما أبو مازن فلا يحاسَبُ على أخطاء رفيق الحسيني المتعلقة بقضايا مسلكية! *أفهم من حديثك، أن كل هذه القضية افتُعِلت واستهدفت الرئيس عباس بالتحديد؟ د.شعث:صحيح طبعا 100%، وهم بدؤوا يتحدثون عنه مثلما كانوا يتحدثون عن أبوعمار، أنه طول عمره ضد السلام مع اسرائيل، وهو الآن يوقف المفاوضات، وبالتالي هو يحضّ على عودة الإرهاب، وأنه يقود مؤسسة فاسدة، فكل الكلام الذي قيل عن الرئيس عرفات سابقا، توطئة لإعلانه ليس شريكا، وبالمناسبة.. ليبرمان صرح بذلك أكثر من مرة، وأنا برأيي؛ جملة هذا الموضوع هو الضغط على الرئيس ابو مازن والسلطة الفلسطينية، لكن بالنهاية الناس لا يرونها هكذا فقط، لأن الصور التي ظهرت مثيرة، مع أنه بالمناسبة هناك شكوك كثيرة في طريقة تركيبها، لكن يجب أن يُحاسَب عليها ويجب التحقيق فيها. * من خلال موقعكم في العلاقات الدولية والخارجية كيف تتلمسون الضرر الذي لحق بالتاييد العالمي والعربي للقضية الفلسطينية على اثر الانقسام ؟ د.شعث:الموقف الدولي تأثر سلبًا جدا بالانقسام الفلسطيني، فقد أثّر على "حماس" وعلى "فتح"، بمعنى؛ أنّ الانقسام يُنظر إليه كعنصر سلبي في تقديم أي دعم ممكن للشعب الفلسطيني، بشكل عام، في الساحة العربية هناك أناس اتخذوا من الانقسام ذريعة؛ "اذهبوا وانهوا مشاكلكم"، وهذا لا يعكس فقط دريعة وتخلص من المسؤولية، ولكن هناك يبدو خوف حقيقي في الساحة العربية، من المشاكل العويصة التي تعانيها الدول العربية، ويبدو أنّ العرب يترددون كثيرًا في المشاكل التي تواجه دولهم، وبرأيي هذا تخلي رهيب، لأنّ الانقسام داخل الأقطار العربية يُشكّل خطرا هائلا، فلا يجوز أن تترك السودان في مواجهة الأممالمتحدة لوحدها، ولا يجوز أن تبقى الصومال في مهب الريح، لكن هذا ما حصل معنا، عندما انقسمنا دخلنا في جزء من الغيبوبة، وعندما تصدرت مصر للعمل قالوا "شوفوا ماذا يمكن ان تنهوا انتم ومصر، وعندما تنتهون تعالوا إلينا"، لكن أيضًا صار شيء آخر في العالم الخارجي، صار الانقسام عموديا، ويتمثل ذلك بالتحرك الكبير للحركات الإسلامية في العالم، التي تبنت حماس وأيدتها وبنت من حماس النموذج المقاوم في الساحة الفلسطينية، وبنت منا النموذج المستسلم والمفاوض! هذه القسمة التي واكبت إصرارنا على الاستمرار في المفاوضات إبان حكومة أولمرت لمدة سنتين ونصف، بما فيها فترة قصف غزة، وبما فيها استمرار الاستيطان، خلقت لفتح مشكلة في صورتها كحركة نضالية وتحرر وطني، وبالتالي في الدعم الذي يأتيها من الجماهير ومن تلك الدول التي تتبنى مواقف المقاومة، من غير تسميتها، بحيث أصبح ماهو متعارف عليه في البعد الإقليمي للقضية الفلسطينية. نحن يجب أن ننهي البعد الإقليمي والبعد الدولي بالعودة للوحدة، حتى قبل الوحدة. إنّ السعي للوحدة يساعدنا، وحتى أن قيامنا بتوقيع الورقة المصرية يُقوّي موقف فتح ويضعف موقف حماس وصورتها، والشيء الثاني أنّنا بتبنينا للنضال الشعبي غير العنيف، وللتحرك الدولي ضد إسرائيل، أيضًا مفيد في دعم مواقفنا الشعبية والدولية، على الأقل تلك الدول التي ترى في ذلك حقا مشروعا للقانون الدولي لمقاومة الاحتلال، كما أنه لا يهدد بانفجارات مسلحة، بما أننا لا نقاوم بعمليات مسلحة، وفي المقابل حصل تطور، أصبح صعبا جدا على حماس أن تقوم بعمليات مسلحة في ظل الحصار، ونحن الذين نعمل المقاومة الآن، صحيح غير مسلحة، لكن عمليا لم يخرج صاروخ واحد منذ يناير الماضي من غزة، والصواريخ التي أطلقت، عاقبت حماس تنظيمات أخرى على عملها، ولم تحدث عملية استشهادية واحدة منذ حرب غزة الأخيرة، يقولون لي هم نموذج، وأنا أقول من هم الذين يقاومون، نحن من نقاوم ومن نصنع المقاومة على الأرض ونطارد إسرائيل في العالم، فهم محشورون وليس عندهم مقاومة لا سلمية ولا عنيفة، لذلك هناك فرصة لخلق توازن مع الإصرار على الوحدة، أيا كان موقفنا في مواجهة إسرائيل، يجب ان نبقى مصرين على الوحدة، فنحن الأم الحقيقية في قصة سيدنا سليمان، ونحن الذين لا نريد تقسيم الولد، لذلك حقيقة الاستراتيجية الثابتة على الأرض لها أربعة عناصر: عنصر المقاومة الشعبية على الأرض، وعنصر المطالبة الدولية في الخارج، وعنصر السعي للوحدة الوطنية، وعنصر استمرار بناء مؤسسات الدولة. وما العمل الذي يعمله سلام فياض إلا جزءًا من استراتيجيتنا، وهذا يترك موقفا مع امريكا، لأن الموقف مع امريكا متوتر، وسيضع الدول الأوروبية في مأزق سبق وكنا به أيام حصار ابوعمار، حيث كانت الدول الأوروبية تدفع فلوس، وكان وزراء خارجيتها يزورون أبوعمار في حصاره، وحتى لو كان هناك توتر مع امريكا، فيجب أن نحافظ على علاقاتنا مع أوروبا وروسيا والصين، وهذا ما أراه في دوري منفذا للعلاقات الخارجية المتعلقة بهذه الاستراتيجية، فأنا آتي بنشطاء أجانب، وأساعد جهات أجنبية لزيارة القدس وبلعين ونعلين، ونحمي هؤلاء النشطاء من إسرائيل، ونتحرك مع أنصارنا في الخارج، وصعّدنا اللهجة للمطالبة بحصار إسرائيل ومقاطعتها، ليس فقط التصدي لها، والان سنستقبل هؤلاء النشطاء في غزة! *ستستقبلونهم في غزة كفتح؟ د.شعث:نعم كفتح الآن عندنا فرع كبير للعلاقات الخارجية بقيادة الأخت آمال حمد، عضو المجلس الثوري في غزة، وانضم إلينا عدد كبير، مسؤوليتهم استقبال هؤلاء النشطاء وأخذهم للمواقع، نحن نحاول بشكل غير مباشر دعم التحرك الرسمي المتمثل بوزارة الخارجية، فعلاقاتنا بالأحزاب وبالرأي العام الضاغط. *كيف تنظر لإدارة فتح لأزمات القدس وما هو دوركم في العلاقات الدولية فيما يتعلق بالقدس؟ د.شعث: القدس موضوع كبير، وحتى الآن الدور الذي لعبناه هو توجيه النشطاء الأجانب للمشاركة في الشيخ جراح وغيره، واستخدام كل المعلومات عن القدس لزياراتنا للخارج، وفي استقبال الوفود وفي القرارات التي نستصدرها، فهناك ادوار لا نستطيع أن نلعبها، مثل دعم الصمود والبناء والتحرك لمواجهة الاستيطان وتغلغله، وحتى الآن لم نجد بديلا لفيصل الحسيني في القدس، فالمطلوب قيادة وطنية فتحاوية يحس بها أهل القدس، تكون قادرة على حمايتهم، حتى إن كلف الأمر أن تتعرض للسجن معهم القيادة الفلسطينية في القدس لمن تحل، مع كل احترامي للمناضلين الفتحاويين وغيرهم، لأن المطلوب قيادة متواجدة في القدس. *الاعلام الاسرائيلي بات يصدر ما بين فترة واخرى قضية واخرها الفضيحة الاخيرة بحيث اصبح الاعلام الفلسطيني والفلسطينيين بشكل عام يصدون عن وجوههم لماذا لا نجد اعلام فلسطيني موازن ؟ د.شعث: جزء من عدم التوازن في القوى، أنّ إعلامنا محدود الإمكانيات ومقيد الحركة، نستطيع القول أن ما عملته قناة الجزيرة لضمان حرية حركتها، أنها أبرمت اتفاقا مع الاسرائيليين سواء موقع او ضمني، في العدوان على غزة كانت الجزيرة تبث من رماتان في غزة ، ولو لم تكن الجزيرة للقطريين، لما استطاعت أالجزيرة ان تتمتع بهذه الحرية من الحركة او الى اتفاق، هي الوحيدة التي تملك حرية الحركة والإمكانيات، "نحن لايوجد عندنا طاقم في حيفا نقول له اذهب وأتنا بحديث مع أشكنازي، أو غطِّ لنا خبرا الصواريخ الساقطة من حزب الله"، فالإمكانيات تحتاج الى استراتيجية، وأن تحتاج الإمكانيات حتى تكون أنت المهاجم والمبادر وليس المُدافع. سياسة النفوذ الإعلامي لا زالت قاصرة، وجزء من قصورها ضعف الإمكانيات والأدوات، وحركة فتح حاولت إقامة فضائية ومُنحت مبلغا أوليا، ثم انتهى المشروع بسبب الضعف المالي، وحتى قناة المستقبل اليوم هناك خبر عن حجز اسرائيل لمُعدّاتها في الميناء، وحتى الاعلام المقروء تحول الى الالكتروني، ومعظم الويبسايتات ضاربة ببعضها بدلا من التوجه ضد الاحتلال، والصفحة الالكترونية الناجحة والمحبوبة، هي تلك تسبّ أكثر وتشتم أكثر وتفضح أكثر لفريق أو فريقين، ليس تلك التي تفتح آفاق المواجهة مع العدو الاسرائيلي، ولا زال الإعلان لم يتبنّ استراتيجية متعددة الأطراف التي أتحدث لك عنها.