كانت عاصمة دكالة، يوم الأحد الماضي، على موعد مع التاريخ، بعد أن كانت نقطة انطلاقة تفعيل التوصيات المنبثقة عن المناظرة الوطنية الثانية، التي احتضن أشغالها المعهد الوطني للشرطة بالقنيطرة، يومي الأربعاء والخميس 8 و9 أبريل 2015، تحت شعار: "جميعا أجل تظاهرات رياضية بدون عنف". مناظرة جاء تنظيمها استشعارا من المصالح الأمنية المركزية بمدى جسامة ظاهرة العنف أثناء وبمناسبة التظاهرات الرياضية، الذي يؤرق مضاجع السلطات الحكومية والعمومية؛ووعيا منها بأهمية التواصل والتحسيس والتوعية بمخاطرها وانعكاساتها الوخيمة؛وسعيا منها إلى وضع المسؤولين والمتدخلين في الشأن الرياضي، أمام هول وحجم هذه المعضلة، بغية إيجاد حلول ناجعة وملموسة على أرض الواقع، لمكافحتهابالطرق القانونية المتاحة، والإمكانيات والكفاءات البشرية المؤهلة؛ وكذا، تماشيا مع مضامين الرسالة الملكية السامية التي وجهها جلالته إلى المشاركينفي المناظرة الوطنية الثانية للرياضة.
وكانت أجرأة التوصيات المديرية بمناسبة مقابلة الصفوة التي جمعت على أرضية ملعب العبدي بالجديدة، فريقي الدفاع الحسني الجديدي والوداد البيضاوي، ، برسم البطولة الوطنية في كرة القدم. مباراة عرفت سيطرة شبه مطلقة للفريق الزائر، انتهت بفوزه الساحق بهدفين نظيفين، من توقيع اللاعبين (فابريس أونداما) و(مالك إيفونا)، في الدقيقة 17 من الشوط الأول، والدقيقة الثانية بعد ال90، في الوقت بدل الضائع.
هذا، ورغم الهزيمة التي مني بها فارس دكالة على أرضية ملعبه، وأمام جمهوره، فقد جرت المقابلة الساخنة في أجواء طبعتها الفرجة، والانضباط وروح المسؤولية، وعدم إثارة الفوضى وأعمال الشغب، سواء داخل المدرجات أو خارج الملعب، من قبل مشجعي ومحبي الفريقين الذين أبانوا عن نضج رياضي، وسلوكات مدنية وأخلاق عالية ترقى إلى المكانة التي يجب أن تحظى بها كرة القدم.
والجدير بالذكر أن جمهور الفريق المحلي تقبل الهزيمة بروح رياضية. إذ لم يتخل ولو دقيقة واحدة عن تشجيع فريقه، طيلة عمر المباراة، ورغم الهدف الأول الذي هز في الدقيقة ال17، شباك الحارس محمدينا.
وكما هو معلوم، انتهت المقابلة بفوز الفريق البيضاوي على الفريق الجديدي. انتصار اعتبره المهتمون بالشأن الرياضي، انتصارا للرياضة المغربية ولنبل كرة القدم، وللأخلاق الحميدة التي يتمتع بها الفريقان، لاعبين وجمهورا، وكذا، انتصارا لنجاعة التنظيم المحكم، ونجاعة جنود الخفاء، معاذ الجامعي، عامل إقليمالجديدة، والمراقب العام عزيز بومهدي، رئيس الأمن الإقليمي للجديدة، والسلطات العمومية، الذين عملوا، خلال الأيام التي سبقت إجراء المقابلة، على ترجمة التوصيات التي انبثقت عن المناظرة الوطنية الثانية حول ظاهرة العنف أثناء وبمناسبة التظاهرات الرياضية. حيث ظلت الاجتماعات في انعقاد متواصل سواء بمقر عمالة الجديدة، أو مقر أمن الجديدة، كان آخرها الاجتماع الذي جمع، السبت الماضي، مسؤول من المديرية العامة للأمن الوطني، بالمسؤول الأمني الإقليميبالجديدة، ورؤساء المصالح الداخلية والخارجية بأمن الجديدة (رئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، ورئيس المصلحة الإقليمية للاستعلامات العامة، والعميد المركزي، ورئيس الهيئة الحضرية، ورؤساء الدوائر الأمنية ...).
وقد كان كذلك للقائمين على الشأن الأمني بالجديدة، لقاءات مكثفة مع مؤطري مشجعي ومحبي فريق الدفاع الحسني الجديدي، بغية تأطيرهم حثهم على دعوة جمهورهم إلى التحلي بالقيم والأخلاق الرياضية النبيلة، ونبذ العنف الرياضي، حتى تمر المباراة في أجواء الفرجة والانضباط والمسؤولية. وهذا ما تأتى فعلا داخل مدرجات ملعب العبدي وخارجها.
وعقد أمن الجديدة لقاءات تحضيرية جمعت بين السلطات المحلية والقوات العمومية، إلى جانب ممثلي جمعيات المحبين و"الإلتراس"، في سياق وضع إستراتيجية عمل تمكن من ضمان أحسن الظروف الأمنية والتنظيمية للمقابلة.