أن تزور هذا الصيف الجديدة فكأنك تزور مدينة خارجة للتو من جناح فاقدي الذاكرة، فالصيف يحول الجديدة إلى شبيهة بتلك الفتاة في المثل الشعبي المغربي الذي يقول: «حمقاء وقالوا لها زغردي»، فأينما وليت نظرك ستجد شيئا غير سوي في مدينة يتهافت فيها زوارها على السردين وكأن البحر سيصبح في اليوم الموالي يابسة لقد عرفت ظاهرة شي السردين في المدينة نموا جغرافيا في السنين الأخيرة حتى باتت كل الأزقة والدروب تضمحل من الرؤية بسبب الدخان وروائح خبيثة تزكم الأنوف وتصد الكارهين إلى وجهة أخرى .لكن رغم كل هذا تبقى هده الظاهرة موسمية تنقرض في الأشهر المتبقية من الصيف .
لكن المقلق والمتعب في كل هدا عندما بدأ يصاغ لهذه الظاهرة أماكن دائمة في سرية تامة لتكرس وضعية مزرية تشوبها الفوضى في التسيير فبعدما بذلت مجهودات كبيرة من طرف عدة أطراف لإزاحة مكان الشواية من ساحة لبريجة نظرا للتشوه الذي كان يسببه لمحيطها الساحلي وبعد هذه الإزالة التي انتظرها الجديديون بفارغ الصبر يأتي صاحب مراب مقابل لمكان الشواية المزال ويحول هذا المكان على النمط التي كانت عليه الشواية القديمة مما يفرض مزيدا من العشوائية دون أن يتدخل المسؤولون عن الشأن المحلي ساكنا وكان الجديدة أصبحت مرتعا يقوم كل واحد بما يحلو له دون رقيب ولا حسيب وكأننا في زمن السيبة .
الجديدة اليوم اختفت منها روح المواطنة وبقيت الوحشية في السلوك والفكر والتدبير، وإحدى علامات العار الذي أصاب المدينة هي فوضى الشارع الذي يختلط فيه الراجلون مع عجلات السيارات والدراجات وسكاكين بائعي السمك وموازين عربات « الدلاح» و«البطيخ»، وفوضى كراسي المقاهي ومحلات التجارة في نشر سلعهم وكان المدينة أصبحت بمثابة سوق قروي .
الجديدة كانت ضحية عقلية براغماتية قاتلة كانت تنظر إلى حاضر المدينة السياحي بدون رؤية مستقبلية، وبدون مخطط تنموي حقيقي يربط الثقافة بالسياحة وبالحاجيات الجديدة للمجتمع .
، فجميع البؤر السوداء للمدينة يتم حلها بخلق بؤر جديدة لإسكات وإخفاء الأولى، حتى فاض كأس التحمل ولفظت المدينة دفعة واحدة رداءتها إلى الشارع.
وحتى وإن كانت الجديدة كريمة إلى حد تناسي نفسها، فإن مسؤوليها الذين عهد إليهم بتسيير شؤونها حولوها إلى مدينة فاقدة لذاكرتها وحاضرة مسجلة في عداد المفقودين، فلا أحد اليوم يعرف تاريخها ولا أحد يقيس حجم حضورها القوي في ذاكرة المغرب
لقد أصبحت المدينة معلقة بخيط رقيق من الصوف قد ينقطع في كل ململة، ومع ذلك هناك من لازال يعض بأنيابه على سروالها ويتسلق إلى جيوبها وينهب من خيراتها و يقولون هل من مزيد.