لم تمر أكثر من أربعة أشهر على دخول عقد التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري بتراب الجديدة الكبرى ، حتى طفت على سطح كناش التحملات المنظم له ، مجموعة من المخالفات التي وصفتها جهات متتبعة بالخطيرة جدا . فالتدبير المفوض عموما هو عقد بموجبه يفوض شخص معنوي خاضع للقانون العام ،مهمة تسيير قطاع حيوي واجتماعي بحجم قطاع النقل الحضري ، إلى شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص وهو المفوض له طبقا لكناش تحملات واضح الالتزامات وتأسيسا على ذلك يكون في هذه الحالة المفوض هو مجموعة جماعات النقل الحضري بالجديدة الكبرى ، وتضم الجديدة وأزمور ومولاي عبدالله والحوزية وأولاد احسين وسيدي علي بنحمدوش ،والمفوض له هو شركة كرامة باص التي رست عليها صفقة تدبير النقل الحضري بالجماعات سالفة الذكر . والحال أن أولى المخالفات التي تم ابتلاعها على مضض وبعسر هضم ، هو أن الحافلات التي تتجول الآن بالجديدة الكبرى ، ليست هي التي تم الاتفاق بشأنها في كناش تحملات الصفقة المصادق عليها من طرف وزارة الداخلية ، ولا كتلك التي ظهرت في الصورة المرافقة لهذا المقال ، في أول خروج إعلامي لنور الدين الشبي رئيس المجموعة . ومن الأمور المسجلة هو أن شركة كرامة باص وقبل أن تشرع في تقديم خدماتها إلى ساكنة الجديدة الكبرى ولأسباب معينة عمدت إلى تفويت 49 بالمائة من أسهم شركة جرى تأسيسها طبقا للقانون رقم 88 /9 ، إلى شركة أخرى هي التي تكلفت بإدخال الأسطول . وبمرور أربعة أشهر من عمر التدبير المفوض للنقل الحضري ، ظهر جليا بأن شكاوى مرتفقين بدأت تصل إلى آذان مسئولي الإدارة الترابية ، وأن الأيام كشفت أن مجموعة جماعات الجديدة الكبرى ، باتت غير قادرة على مراقبة تنفيذ الشركة المفوض لها للالتزامات التي تعهدت بها ، وذلك راجع بالطبع لضعف تكوين العنصر البشري للمجموعة ، التي لم تعمل على تفعيل المادة المتعلقة بإحداث اللجنة الدائمة للمراقبة ، التي تبيح للمجموعة اقتراح موظف من الجماعات المكونة لها على وزير الداخلية ، الذي يزكيه بقرار رسمي ليصبح محلفا يمارس دوره في تتبع تنفيذ الشركة لالتزاماتها ويرتب عليها الجزاءات المادية اللازمة في حال خالفت الشركة كناش تحملات الصفقة. وفي ظل عدم قدرة المجموعة على ممارسة اختصاصاتها ، اتضح أن المفوض له وطيلة الموسم الدراسي مثلا لم يستجب إلى طلبات تخصيص حافلة لنقل طلبة المدرسة الفندقية بالحوزية ، لأنه خط يظهر أنه غير مربح بالنسبة إليه ، بمقابل ذلك يخصص حاليا ثلاثة خطوط لشاطئ الحوزية ذاته لأن عليه الطلب ، ومن هنا باتت المجموعة ضعيفة أمام الشركة التي حلت محل شركة كرامة باص . ومن مظاهر ضعف المجموعة التي يظهر أن لاحول لها ولا قوة ، هو إقدام الشركة على تحويل حافلاتها إلى لوحات إشهارية متنقلة لأحد أنواع العصير ، دون أن تسلك طريق المسطرة المنظمة لذلك بمكاتبة المجموعة والجهة التي يعنيها أمر الإشهار من مجالس مسيرة للجماعات المكونة للجديدة الكبرى وسلطات . وفي الوقت الذي كنا ننتظر أن تتحرك المجموعة في اتجاه فرض تطبيق كناش تحملات الصفقة بجميع مواده ، تفاجئنا المجموعة ذاتها بالموافقة لشركة كرامة على تفويت كل أسهم الشركة المكونة للتدبير المفوض للنقل الحضري إلى شركة جديدة ، في ضرب سافر للقانون الذي لا يبيح التفويت إلا في حدود 49 بالمائة فقط . وأمام كل ما سبق فإن طريقة تدبير المجموعة لملف النقل الحضري ، تسجل مجموعة من الخروقات الواضحة ،بالشكل الذي يجعل هذا القطاع الاجتماعي يسير بخطى حثيثة للانغماس في واقع ، لا نريد حتما أن يعيده الله على ساكنة الجديدة الكبرى التي قاست الشيء الكثير مع فوضى تدبير القطاع ذاته .