أوقفت الدائرة الرابعة لدى أمن الجديدة، صباح اليوم الجمعة، ضابطا مزيفا في جهاز الاستخبارات، المعروف اختصارا ب ال"ديستي". وحسب مصدر مطلع، فإن عملية التوقيف لم تكن البتة ممكنة أو بالسهولة التي يظنها البعض، لولا دهاء عميد الشرطة الشاب خالد الناصحي، ونفسه الطويل، وتقمصه شخصية الشرطي الساذج، الذي تنطوي عليه الحيلة. وحسب وقائع النازلة، فإن شابا كان ربط، منذ أزيد من شهر، الاتصال بالعميد الشاب، مساعد رئيس الدائرة الأمنية الرابعة، على هاتفه النقال الذي حصل على رقمه. حيث قدم له نفسه باعتباره "ضابطا ممتازا في جهاز الديستي"، يشتغل بالدارالبيضاء. وقد توجت اتصالاتهما الهاتفية المتكررة، بتنظيم لقاء في مقهى، تلته لقاءات وجلسات حميمية. ما جعل "الضابط" يظن أن علاقته بالعميد قد توطدت، سيما بعد أن أظهر الأخير سذاجة، وتصرفات بدت ظاهريا "بليدة". لكن طبيعة المواضيع ذات صلة بالمهنة، جعلت العميد يشك في نوايا "الضابط"، وفي زيف الصفة التي نسبها لنفسه. إذ فطن إلى كونه كان ينوي الظهور معه في الدائرة الأمنية الرابعة، وفي الشارع، وفي المقاهي والأماكن العمومية، حتى يوهم ضحاياه بعلاقاته النافذة مع المسؤولين الأمنيين بالجديدة، والذين أكد بعضهم للعميد الشاب، في أكثر من مناسبة، أن صديقه فعلا ضابط في جهاز ال"الديستي".
وفي آخر اتصال ل"الضابط" بالعميد، ليلة أمس الخميس"، طلب الأخير منه ملاقاته في مكتبه، صباح اليوم الموالي (اليوم الجمعة). وهو ما تأتى بالفعل. حيث حضر في الموعد المضروب. وقد كانت دهشة "الضابط" كبيرة، عندما ولج إلى المكتب، ووجد العميد بمعية شخصين، حيث تمت دعةته إلى أخذ مكانه على مقعد، إلى جانبهما. لم يتأخر العميد الذي ينوب عن رئيس المصلحة الأمنية، الذي يوجد في إجازة، عن تقديم "الضابط" إلى جليسيه، واللذين قدما له صفتهما، وكونهما بدورهما ضابطين في ال"ديستي". أحس وقتها "الضابط" بشيء. فأخرج لتوه من جيبه هاتفه النقال، وأراد أن يوهم الحاضرين بكونه يعتزم إجراء مكالمة استعجالية. فاستأذن بالخروج. لكن العميد ألح عليه بالجلوس ومجالستهم. الشيء الذي لم يجد بدا من الامتثال له. فشرع ضابطا الاستخبارات في استفساره عن طبيعة الصفة التي ينسبها لنفسه، قبل أن يظهر زيفه، ليتم توقيفه، وإيداعه تحت تدبير الحراسة النظرية.
وبتنقيطه على الناظمة الإلكترونية، تبين أنه من مواليد جماعة بني هلال، بتراب إقليمسيدي بنور، ويشتغل لدى شركة للأمن الخاص، ويقيم في عاصمة دكالة. وعثرت الضابطة القضائية، عند إخضاع مسكنه للتفتيش، وفق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، على أصفاد حديدية، ومسدسين، أحدهما حديدي والآخر بلاستيكي، وعلى "يومب لاكريموجين"، ومعدات للتجسس (لاقط دبدبات صوتية)، وأجهزة للاتصال اللاسلكي، وأختام وطوابع رسمية، و"كارت فيزيت"، دون عليها اسم مسؤول أمني رفيع المستوى، وشيكات ووثائق تخص ضحايا مفترضين لعمليات نصب واحتيال، كان يوهمهم بكونه يحظى بعلاقات نافذة، وباستطاعته بتشغيلهم في سلكي الأمن الوطني والدرك الملكي، وكذا، التوسط لهم في قضايا رائجة أمام محاكم المملكة.