نظم الطلبة المهندسون بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بالجديدة الملتقى الثاني للتشغيل، بتاريخ 28 مارس 2014، تحت شعار : "الهندسة وعالم المقاولات، منظور جديد للاندماج السوسيو اقتصادي". وقد عرف هذا الملتقى نجاحا كبيرا على كل المستويات، بفضل مجهودات وتضحيات الطلبة، والدعم الكبير الذي قدمه الأساتذة الباحثون وإدارة المدرسة. وإذا كان هذا الملتقى مميّزا من حيث التنظيم والمشاركة وتحقيق الأهداف، فإن افتتاحه كان أكثر تميّزا وذلك للاعتبارات التالية :
1- لأول مرة، لم يقف رؤساء المؤسسات الجامعية أمام مدخل المؤسسة لاستقبال وزير ورجال السلطة، كما جرت العادة منذ تعيين رئيس الجامعة الحالي.
وبغض النظر عمّا إذا كان هذا الإجراء مقصودا أو صدفة، فإن السيدات والسادة الأساتذة الباحثين بجامعة شعيب الدكالي عبّروا في عدة مناسبات عن استغرابهم بشأن الطريقة التي يتم بها افتتاح مناسبات وتظاهرات مختلفة، بما فيها العلمية، داخل الحرم الجامعي، والتي لا تمتّ بأي صلة بالأعراف والتقاليد الجامعية، وعن استيائهم من الكلمة التي يلقيها رئيس الجامعة بمناسبة كل افتتاح، حيث يتغاضى دائما عن تقدير شأن ومكانة الأستاذ الباحث في عقر داره ، ويأبى إلا أن يذكره في مؤخرة ترتيب الشخصيات الرسمية الحاضرة ، بعد الباشا والكاتب العام بالعمالة ورؤساء المصالح الخارجية و..
لهذا، فإننا نؤكد مرة أخرى على أن اعتماد انتخاب الرؤساء والعمداء والمدراء كمطلب أساسي من ضمن مطالب النقابة الوطنية للتعليم العالي وقطاع الجامعيين الديمقراطيين، يبقى هو السبيل الوحيد والأوحد للقطع مع مثل هذه العقلية، التي تؤمن بأن الوصول إلى كرسي المسؤولية مرتبط بتقارير الأجهزة الأمنية، كما عبر عن ذلك وزير التعليم العالي سابقا، وبأن تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة رهين بمدى رضا أو سخط المخزن، وبأن الامتنان والتقرّب من السلطة فوق كل اعتبار.
2- الكلمة المرتجلة التي ألقاها الطالب المهندس باسم زملائه وزميلاته، عند افتتاح هذا الملتقى، كانت قوية وبليغة، وقد جاءت لتؤكد ما جاء في المقال الأخير الذي نشرته بتاريخ 10 فبراير 2014، تحت عنوان : "هل آن الأوان لرحيل رئيس جامعة شعيب الدكالي"، والذي تطرّقت فيه لغياب انفتاح جامعة شعيب الدكالي على محيطها السوسيو اقتصادي، وتساءلت فيه عمّا إذا كان هذا الغياب راجع لعدم اهتمام رئيس الجامعة بذلك، أم لعدم قدرته على الإقناع.
لقد قال هذا الطالب، بكل عفوية وبكل صراحة وبكثير من الحسرة أن شركات ومقاولات بمدينة الجديدة، بما فيها تلك التي لا تبعد عن المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية إلا ببضعة أمتار، لم تشارك في هذا الملتقى، ولم تعر أدنى اهتمام لكل المجهودات والمحاولات التي قام بها الطلبة للاتصال بهم، ودعوتهم للمشاركة، في الوقت الذي شارك فيه عدد كبير من الشركات والمقاولات من مدن أخرى. ومن مكر الصدف، أن الكلمة/القنبلة التي ألقاها الطالب المهندس كانت أمام كل من رئيس المجلس البلدي، ورئيس جمعية المنطقة الصناعية بالجديدة، بالإضافة إلى وزير الشغل ورئيس الجامعة وشخصيات أخرى.
والواقع أن رئيس المجلس البلدي، يعلم جيدا أن هؤلاء الطلبة المهندسين يتابعون دراستهم بحجرات المركب الثقافي بالجديدة إلى جانب طلبة المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير في ظروف جد مزرية، وفي غياب أبسط الشروط التعليمة والبيداغوجية، ويعرف كذلك أن الاتفاقية التي ابرمها المجلس البلدي مع رئاسة جامعة شعيب الدكالي سنة 2006، من أجل الاستغلال المؤقت لهذا الفضاء من طرف المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير قد انتهت منذ مدة، وليس هناك أي حديث أو مؤشر عن استرجاع هذا المركب الثقافي وفتحه أمام أبناء دكالة، الذين يعانون من فراغ قاتل في زمن التشرميل والقرقوبي والتطرف.
أما رئيس جمعية المنطقة الصناعية بالجديدة، وهو بالمناسبة من عائلة دكالية عريقة ، ذات نفوذ كبير في الإقليم، فإنه ألقى كلمة حماسية قبل مداخلة الطالب، تكلم فيها بكثير من الافتخار والاعتزاز عن أبناء دكالة، وعن منطقة دكالة وما تزخر به من مؤهلات، وعن المستقبل الواعد لإقليم دكالة باعتباره ثاني أكبر قطب صناعي في المغرب بعد الدارالبيضاء، وما إلى ذلك، وهو يعلم جيدا للأسف الشديد، أن المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية والمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بعاصمة دكالة لا تتوفران على مقر خاص بهما منذ سنة 2006، وبأن المدرسة العليا للتكنولوجيا بسيدي بنور لا تزال حبرا على ورق منذ سنة 2009، وبأن أهل سوس وأهل فاس وأهل أولاد عبدون وآخرين، ساهموا في بناء وتوسيع وتجهيز مؤسساتهم الجامعية بالفعل وليس بالحماس.
من أجل كل ذلك، نقول مرة أخرى بأن من العيب والعار أن تكون مدينة الجديدة استثناء في المغرب، لها إمكانيات فلاحية وصناعية هائلة، وأبناؤها محرومون من مركب ثقافي، ومن متابعة تعليمهم العالي بمدارس تتوفر فيها أبسط الشروط التعليمة والبيداغوجية : مقرّ ومختبرات ومكتبة ألخ...