سانشيز يشكر المغرب على جهود الإغاثة    هذه توقعات أحوال الطقس نهاية الأسبوع بالمغرب.. و"الأرصاد" توصي بالحذر    شراكة مؤسسة "المدى" ووزارة التربية    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    جورج عبد الله.. مقاتل من أجل فلسطين قضى أكثر من نصف عمره في السجن    استقالة وزيرة هولندية من أصول مغربية بسبب "تصريحات عنصرية" صدرت داخل اجتماع لمجلس الوزراء    الصحراوي يغادر معسكر المنتخب…والركراكي يواجه التحدي بقائمة غير مكتملة    عارضه 56 برلمانيا.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية    السعدي: شرعية الحكومة مستمدة من 5 ملايين ناخب وإصلاحات عميقة قيد التنفيذ    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون المالية 2025 بأغلبية كبيرة    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت" (فيديو)    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكشف عن قائمة الأسماء المشاركة في برنامج 'حوارات'    خناتة بنونة.. ليست مجرد صورة على ملصق !    المغرب: زخات مطرية وتياقط الثلوج على قمم الجبال ورياح عاصفية محليا قوية اليوم وغدا بعدد من الأقاليم    جدد دعم المغرب الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة :جلالة الملك يهنئ الرئيس الفلسطيني بمناسبة العيد الوطني لبلاده    إجلاء 3 مهاجرين وصلوا الى جزيرة البوران في المتوسط    حماس تعلن استعدادها لوقف إطلاق النار في غزة وتدعو ترامب للضغط على إسرائيل        حماس "مستعدة" للتوصل لوقف لإطلاق النار    مكتب الصرف يطلق خلية خاصة لمراقبة أرباح المؤثرين على الإنترنت    "السودان يا غالي" يفتتح مهرجان الدوحة    جثة عالقة بشباك صيد بسواحل الحسيمة    لوديي يشيد بتطور الصناعة الدفاعية ويبرز جهود القمرين "محمد السادس أ وب"    اقتراب آخر أجل لاستفادة المقاولات من الإعفاء الجزئي من مستحقات التأخير والتحصيل والغرامات لصالح CNSS    المركز 76 عالميًا.. مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية يصنف المغرب ضمن خانة "الدول الضعيفة"        قتلى في حريق بدار للمسنين في إسبانيا    هذه اسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    كارثة غذائية..وجبات ماكدونالدز تسبب حالات تسمم غذائي في 14 ولاية أمريكية    الطبيب معتز يقدم نصائحا لتخليص طلفك من التبول الليلي    التوقيت والقنوات الناقلة لمواجهة الأسود والغابون    "خطير".. هل صحيح تم خفض رسوم استيراد العسل لصالح أحد البرلمانيين؟    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    مدينة بنسليمان تحتضن الدورة 12 للمهرجان الوطني الوتار    بمعسكر بنسليمان.. الوداد يواصل استعداداته لمواجهة الرجاء في الديربي    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    رصاصة تقتل مُخترق حاجز أمني بكلميمة    نفق طنجة-طريفة .. هذه تفاصيل خطة ربط افريقيا واوروبا عبر مضيق جبل طارق    ترامب يواصل تعييناته المثيرة للجدل مع ترشيح مشكك في اللقاحات وزيرا للصحة    رئيس الكونفدرالية المغربية: الحكومة تهمش المقاولات الصغيرة وتضاعف أعباءها الضريبية    وليد الركراكي: مواجهة المغرب والغابون ستكون هجومية ومفتوحة    تصريح صادم لمبابي: ريال مدريد أهم من المنتخب        الأردن تخصص استقبالا رائعا لطواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية    وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر 101 عاما    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية    أسعار النفط تتراجع وتتجه لخسارة أسبوعية    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هدم مقهى روايال أو نهاية نادي سياسي أرعب عمالا وأجهزة أمنية ومسئولين تعاقبوا على الجديدة
نشر في الجديدة 24 يوم 13 - 04 - 2014

مررت صباح هذا اليوم بوسط المدينة ، فراعني منظر معاول هدم وقد سوت كل البناء الداخلي لمقهى روايال ، ولم يبق باديا منه سوى واجهة مكتوب عليها اسم المقهى المأسوف عليه وكأنه الأطلال الشاهدة التي قال عنها الشاعر طرفة بن العبد في معلقته : لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ * تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ.
.

تكاد تتفق الروايات أن مقهى " روايال" كان أول قاعة شاي بنمط عصري تقدم خدماتها للجالية الفرنسية التي كانت مقيمة بمدينة الجديدة ولبعض علية القوم ، وتعتبرها تلك الروايات توأما لبناية المسرح البلدي التي بدأ بناؤها سنة 1923 ، وكانت تعرف بمقهى "مدام فيليب" نسبة إلى مالكتها وكانت أستاذة بإعدادية محمد الرافعي بينما كان زوجها يتولى تسيير المقهى الوحيد بالمدينة المتخصص كذلك في صنع حلويات عصرية ، وفي سنة 1975 ستبيع مدام فيليب المقهى لموسى خديم السابيحي وشريكه عبدالرحمان بوكري وهما مغربيان كانا يمتلكان مناصفة مقهى لاماركيز منذ سنة 1964.

هدم مقهى "روايال" بالضرورة قد يبدو عاديا للذين لا يعرفون تاريخ هذا المكان ، ولكن يصعب انتزاعه من ذاكرة عدد كبير من ساكنة هذه المدينة ، لأنه المقهى الذي جاور لفترة طويلة المقر الرئيسي لساتيام منذ كانت المحطة الطرقية قرب ميناء الجديدة إلى حين تحويلها إلى مكانها الحالي سنة 1980 ، وخلف المقهى كان المستودع الرئيسي للمشروب الغازي كوكاكولا واستوديو المصور التاريخي عبدالله نوصاير أو عبدالله الصوار الذي كان ينافسه فقط المرحوم سي أحمد الشماع وبعد ذلك انضاف إليهما المرحوم عبداللطيف عبادي الذي توفي متأثرا في حادث سير أثناء تصوير رالي للسيارات.

بمقهى "روايال" جرى الاتفاق على صنع الكثير من حلقات تاريخ هذه المدينة وكذلك كل الإقليم ، فهي كانت بمثابة النادي السياسي الذي تلتقي فيه صباح كل يوم جميع الأطياف السياسية لتناقش 3 مواضيع هامة سيرة عمال الإقليم ورجال السلطة وأمنيين والإعداد للمعارك الانتخابية ومسيرة الدفاع الحسني الجديدي.

كان المقهى مكانا مفضلا لسياسيين نظير محمد أرسلان الجديدي والطاهر المصمودي وبوشعيب زاهيدي وعبدالرحمان كامل وأحمد فيصل القادري وشاكر الطاهر وبوشعيب الهلالي وعبداللطيف التومي وبوشعيب بلمقدم وعبدالجبار بوملحة وجماعة كبيرة من الاتحاديين واليساريين ، حتى جاز القول أن جميع الأحزاب السياسية كانت تعتبره "فيترينة" لعرض برامجها ومكانا للاستقطاب وإرسال الكثير من رسائلها المشفرة خاصة في المرحلة التي كانت فيها أم الوزارات بيد إدريس البصري.

كما كان المكان المفضل لبعض من كبار رجالات الدولة وضمنهم الجنرال عبدالحق القادري والجنيرال زرياب ، وعمال مثل فريد الوراق بعد انتهاء مهامه سنة 1994 والمصطفى طارق ومولاي المامون بوفارس و فنانون في مقدمتهم محمد الجم وجميع أعضاء فرقة المسرح الوطني.

لازلت أذكر أن المقهى وفي كل صباح ينقسم إلى مربعات على الأحزاب السياسية ، وتنطلق نقاشات حول المواضيع التي ذكرتها سابقا ، ولا زلت أذكر أن على حدود تلك المربعات دأب رجال من سربيس الأذن وضمنهم شخص يدعى الفقيه يرخي سمعه ليلتقط فقرات من النقاش السياسي الدائر قبل أن يهرول مسرعا نحو عمالة الإقليم وبالضبط نحو قسم الشؤون العامة حيث ينتظره السي أحمد فرماس ليفرغ له المزيودة ، ومما أحفظه لهذا الرجل أنه لم يكن يفرق غث الأخبار من سمينها فهو ينقل كل شيء ، ومن الطرائف أنني ذات يوم أطلقت في هذا المقهى كذبة أن مستنقع حي القلعة به ذبابة "تسي تسي" المسببة للنوم الذي ينتهي بالموت ، فما كان من الرجل إلا النهوض مسرعا نحو المستنقع والتقط بضع حشرات وحملها إلى قسم الشؤون العامة على أنها ذبابة "تسي تسي" غير مدرك تماما أنها ذبابة تعيش في مناخ حار وفي إفريقيا جنوب الصحراء بين خطي عرض 15 شمالا و30 جنوبا ، وذات مرة بدأ سياسيو مقهى روايال يتوجسون من الفقيه وأذنيه الممدودتين كصحن التقاط لكل كبيرة وصغيرة ، وطلبوا من صاحب المقهى أن يمنعه من الدخول لكنه لم يفعل بدعوى أنه مواطن من حقه أن يحتسي قهوته بكل حرية ولو أزعجت الكثيرين.

ومن الأدلة التي تؤكد أنه يوصل الأخبار إلى العمالة بالبريد المضمون ، أننا كنا نناقش ذات يوم مسيرة الدفاع الحسني الجديدي لكرة القدم ، وقال أحدهم أن العامل الجديد القادم من عين السبع وهو أحمد شوقي سيعيد الفريق إلى القسم الأول ، فقلت لجليسي أنه سيسقط الدفاع والمدينة إلى القسم الثالث ، وبعد مرور 3 أيام استقبلنا العامل بمكتبه وكنت يومها كاتبا عاما للدفاع الجديدي وتوجه لي بالخطاب قائلا أنا غادي إن شاء الله نطلع الدفاع والمدينة إلى القسم الأول وخلينا أسي غيتومي من كلام المقاهي.

وكانت السلطات الأمنية المعنية بأمور المدينة أدركت أن النقاش السياسي الذي يدور ب"روايال" ، هو فوق طاقة أشخاص بياعة لا يسعفهم مستواهم الدراسي في التقاط أو تذكر كلمات كانت آنذاك تقلق راحة عمال وأجهزة ومسؤولين ، فقر الرأي أن ينزل القيمون على الوضع بأنفسهم إلى مقهى روايال كل صباح وهو جلوس ظاهره قهوة وباطنه من قبله عذاب ، وعلى هذا المنوال بدأ المرحوم عبدالرحمان التازي رئيس الأمن الإقليمي يزور المقهى كل صباح وعلى دربه سار الحايل الزيتوني كوميسير الاستعلامات العامة وعلال المزاني كوميسير الديستي وغيرهم ، للدرجة التي بدأ فيها سياسيو المقهى يرجئون نقاشاتهم إلى حين ذهاب سالفي الذكر.

ومن الأمور التي أرغد لها الباشا الأسبق المصطفى عايدة وأزبد ، عدم التقاط أجهزته المبتوتة في المقهى ، لاجتماع تمهيدي بروايال ضم نوابا في البرلمان اتفقوا على توحيد جميع نواب الإقليم وتبليغ شكوى مباشرة إلى وزير الداخلية إدريس البصري في شأن سلوك العامل أحمد شوقي وتفرده بالقرار وعدم الاستماع إليهم والسير بالإقليم نحو الهاوية.

ويذكر أن المصطفى أباتراب كان زبونا مترددا على المقهى ولكنه كان يحتسي قهوته بسرعة ويغادرها كلما بدأ نقاش يثار فيه اسم عامل أو رجل سلطة ، وغالبا ماكان يردد "هنيونا ماكادين على صداع".

هكذا إذن تنتهي قصة مقهى روايال الذي كان يقض مضجع عمال متعاقبين ، ليتحول اليوم إلى جزء من ماضي هذه المدينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.