فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء        بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    "وزيعة نقابية" في امتحانات الصحة تجر وزير الصحة للمساءلة    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هدم مقهى روايال أو نهاية نادي سياسي أرعب عمالا وأجهزة أمنية ومسئولين تعاقبوا على الجديدة
نشر في الجديدة 24 يوم 13 - 04 - 2014

مررت صباح هذا اليوم بوسط المدينة ، فراعني منظر معاول هدم وقد سوت كل البناء الداخلي لمقهى روايال ، ولم يبق باديا منه سوى واجهة مكتوب عليها اسم المقهى المأسوف عليه وكأنه الأطلال الشاهدة التي قال عنها الشاعر طرفة بن العبد في معلقته : لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ * تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ.
.

تكاد تتفق الروايات أن مقهى " روايال" كان أول قاعة شاي بنمط عصري تقدم خدماتها للجالية الفرنسية التي كانت مقيمة بمدينة الجديدة ولبعض علية القوم ، وتعتبرها تلك الروايات توأما لبناية المسرح البلدي التي بدأ بناؤها سنة 1923 ، وكانت تعرف بمقهى "مدام فيليب" نسبة إلى مالكتها وكانت أستاذة بإعدادية محمد الرافعي بينما كان زوجها يتولى تسيير المقهى الوحيد بالمدينة المتخصص كذلك في صنع حلويات عصرية ، وفي سنة 1975 ستبيع مدام فيليب المقهى لموسى خديم السابيحي وشريكه عبدالرحمان بوكري وهما مغربيان كانا يمتلكان مناصفة مقهى لاماركيز منذ سنة 1964.

هدم مقهى "روايال" بالضرورة قد يبدو عاديا للذين لا يعرفون تاريخ هذا المكان ، ولكن يصعب انتزاعه من ذاكرة عدد كبير من ساكنة هذه المدينة ، لأنه المقهى الذي جاور لفترة طويلة المقر الرئيسي لساتيام منذ كانت المحطة الطرقية قرب ميناء الجديدة إلى حين تحويلها إلى مكانها الحالي سنة 1980 ، وخلف المقهى كان المستودع الرئيسي للمشروب الغازي كوكاكولا واستوديو المصور التاريخي عبدالله نوصاير أو عبدالله الصوار الذي كان ينافسه فقط المرحوم سي أحمد الشماع وبعد ذلك انضاف إليهما المرحوم عبداللطيف عبادي الذي توفي متأثرا في حادث سير أثناء تصوير رالي للسيارات.

بمقهى "روايال" جرى الاتفاق على صنع الكثير من حلقات تاريخ هذه المدينة وكذلك كل الإقليم ، فهي كانت بمثابة النادي السياسي الذي تلتقي فيه صباح كل يوم جميع الأطياف السياسية لتناقش 3 مواضيع هامة سيرة عمال الإقليم ورجال السلطة وأمنيين والإعداد للمعارك الانتخابية ومسيرة الدفاع الحسني الجديدي.

كان المقهى مكانا مفضلا لسياسيين نظير محمد أرسلان الجديدي والطاهر المصمودي وبوشعيب زاهيدي وعبدالرحمان كامل وأحمد فيصل القادري وشاكر الطاهر وبوشعيب الهلالي وعبداللطيف التومي وبوشعيب بلمقدم وعبدالجبار بوملحة وجماعة كبيرة من الاتحاديين واليساريين ، حتى جاز القول أن جميع الأحزاب السياسية كانت تعتبره "فيترينة" لعرض برامجها ومكانا للاستقطاب وإرسال الكثير من رسائلها المشفرة خاصة في المرحلة التي كانت فيها أم الوزارات بيد إدريس البصري.

كما كان المكان المفضل لبعض من كبار رجالات الدولة وضمنهم الجنرال عبدالحق القادري والجنيرال زرياب ، وعمال مثل فريد الوراق بعد انتهاء مهامه سنة 1994 والمصطفى طارق ومولاي المامون بوفارس و فنانون في مقدمتهم محمد الجم وجميع أعضاء فرقة المسرح الوطني.

لازلت أذكر أن المقهى وفي كل صباح ينقسم إلى مربعات على الأحزاب السياسية ، وتنطلق نقاشات حول المواضيع التي ذكرتها سابقا ، ولا زلت أذكر أن على حدود تلك المربعات دأب رجال من سربيس الأذن وضمنهم شخص يدعى الفقيه يرخي سمعه ليلتقط فقرات من النقاش السياسي الدائر قبل أن يهرول مسرعا نحو عمالة الإقليم وبالضبط نحو قسم الشؤون العامة حيث ينتظره السي أحمد فرماس ليفرغ له المزيودة ، ومما أحفظه لهذا الرجل أنه لم يكن يفرق غث الأخبار من سمينها فهو ينقل كل شيء ، ومن الطرائف أنني ذات يوم أطلقت في هذا المقهى كذبة أن مستنقع حي القلعة به ذبابة "تسي تسي" المسببة للنوم الذي ينتهي بالموت ، فما كان من الرجل إلا النهوض مسرعا نحو المستنقع والتقط بضع حشرات وحملها إلى قسم الشؤون العامة على أنها ذبابة "تسي تسي" غير مدرك تماما أنها ذبابة تعيش في مناخ حار وفي إفريقيا جنوب الصحراء بين خطي عرض 15 شمالا و30 جنوبا ، وذات مرة بدأ سياسيو مقهى روايال يتوجسون من الفقيه وأذنيه الممدودتين كصحن التقاط لكل كبيرة وصغيرة ، وطلبوا من صاحب المقهى أن يمنعه من الدخول لكنه لم يفعل بدعوى أنه مواطن من حقه أن يحتسي قهوته بكل حرية ولو أزعجت الكثيرين.

ومن الأدلة التي تؤكد أنه يوصل الأخبار إلى العمالة بالبريد المضمون ، أننا كنا نناقش ذات يوم مسيرة الدفاع الحسني الجديدي لكرة القدم ، وقال أحدهم أن العامل الجديد القادم من عين السبع وهو أحمد شوقي سيعيد الفريق إلى القسم الأول ، فقلت لجليسي أنه سيسقط الدفاع والمدينة إلى القسم الثالث ، وبعد مرور 3 أيام استقبلنا العامل بمكتبه وكنت يومها كاتبا عاما للدفاع الجديدي وتوجه لي بالخطاب قائلا أنا غادي إن شاء الله نطلع الدفاع والمدينة إلى القسم الأول وخلينا أسي غيتومي من كلام المقاهي.

وكانت السلطات الأمنية المعنية بأمور المدينة أدركت أن النقاش السياسي الذي يدور ب"روايال" ، هو فوق طاقة أشخاص بياعة لا يسعفهم مستواهم الدراسي في التقاط أو تذكر كلمات كانت آنذاك تقلق راحة عمال وأجهزة ومسؤولين ، فقر الرأي أن ينزل القيمون على الوضع بأنفسهم إلى مقهى روايال كل صباح وهو جلوس ظاهره قهوة وباطنه من قبله عذاب ، وعلى هذا المنوال بدأ المرحوم عبدالرحمان التازي رئيس الأمن الإقليمي يزور المقهى كل صباح وعلى دربه سار الحايل الزيتوني كوميسير الاستعلامات العامة وعلال المزاني كوميسير الديستي وغيرهم ، للدرجة التي بدأ فيها سياسيو المقهى يرجئون نقاشاتهم إلى حين ذهاب سالفي الذكر.

ومن الأمور التي أرغد لها الباشا الأسبق المصطفى عايدة وأزبد ، عدم التقاط أجهزته المبتوتة في المقهى ، لاجتماع تمهيدي بروايال ضم نوابا في البرلمان اتفقوا على توحيد جميع نواب الإقليم وتبليغ شكوى مباشرة إلى وزير الداخلية إدريس البصري في شأن سلوك العامل أحمد شوقي وتفرده بالقرار وعدم الاستماع إليهم والسير بالإقليم نحو الهاوية.

ويذكر أن المصطفى أباتراب كان زبونا مترددا على المقهى ولكنه كان يحتسي قهوته بسرعة ويغادرها كلما بدأ نقاش يثار فيه اسم عامل أو رجل سلطة ، وغالبا ماكان يردد "هنيونا ماكادين على صداع".

هكذا إذن تنتهي قصة مقهى روايال الذي كان يقض مضجع عمال متعاقبين ، ليتحول اليوم إلى جزء من ماضي هذه المدينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.