بدأ أطفال الجديدة يعدون العدة للاحتفال بليلة عاشوراء ، وهي احتفالات عادة يؤثثها نزوعهم إلى إضرام نار والتحلق حولها ، بينما تتولى فتيات ونساء الضرب على طعاريج مصنوعة من طين ، يرددن أهازيج تتغنى ببابا عايشورالذي هو في الحقيقة تغني ونواح عن الحسين بن علي ، ومنها عايشور مات وما مات فرحو يا البنات ، وعايشوري عايشوري دليت عليك شعوري ، وهي أهازيج مخلوطة عادة بإيقاع حزين بما يشبه المندبة أو المأتم الذي يستمد عمقه ودلالاته من موقعة صحراء كربلاء التي قتل فيها الحسين بن علي بن أبي طالب في العاشر من محرم من سنة 61 هجرية ، منكلا به من طرف الأمويين بقيادة اليزيد بن معاوية ابن أبي سفيان . وعادة ليلة الشعالة هي ترمز عند الشيعة الاثني عشرية الذين يضرمون النار ، إلى حرارة صحراء كربلاء التي ذاق فيها الحسين وأهله أشد أنواع العذاب ، وفي مناطق أخرى تتم الاستعاضة عن الشعالة بالتزمزيمة أو زمزم وهو رش الماء ، وهي عادة شيعية كذلك الغرض منها إرواء عطش الحسين وأهله لأن الأمويين قبل قتله حاصروه لمدة 3 أيام بدون ماء . وعلى خلفية كل ما سبق ذكره فإن أطفالا بمختلف الأحياء الشعبية للجديدة ، استعدوا لليلة الشعالة منذ أكثر من 3 أيام ، إذ شوهد عدد كبير منهم يدفعون إطارات مطاطية نحو نقط معينة بأحيائهم ، وعمد البعض الآخر إلى جمع حطب وأشواك يابسة . وعادة ما تستنفر الشعالة التي تتمسك بها الأحياء الشعبية ، جهود الوقاية المدنية التي تدخلت في السنة الماضية لمرات متعددة لإخماد حرائق شبت خصوصا في عجلات سيارات وجرارات ، بينما تخلف وراءها رمادا أسود اللون ونفايات تبقى آثارها لأيام واضحة على المشهد العام للمدينة . والملاحظ أن عاشوراء خلال السنين الأخيرة عرفت تراجعا كبيرا في الألعاب النارية ، ومنها القنبول والفرشي والصواريخ والحراقية التي كانت تحدث طرطقات ، كانت تروقنا لما كنا أطفالا صغارا ، كما أن مدينة الجديدة كانت مشتهرة بسوق خاص بالألعاب النارية ولعب الأطفال مكانه كان هو سوق العايدي قبالة الحي البرتغالي .