كشف (هيرفي دوما)، المدير العام ل(ALIAPUR)، الشركة الفرنسية المتخصصة في جمع وتثمين الإطارات المستعملة، في حوار صحفي مدته 20 دقيقة، خص به حصريا موقعي "هبة بريس" و"الجديدة24"، أنه جرى، الخميس 7 يوليوز 2016، منع سفينة محملة بحوالي 3500 طن من نفايات العجلات المستعملة المقطعة (pneus usagés déchiquetés)، من مغادرة ميناء (Le Tréport)، شمال فرنسا، والإبحار في اتجاه المغرب، حيث كان مقررا أن تفرغ شحنتها في ميناء الجرف الأصفر، على غرار آخر شحنة بزهاء 3300 طن من النفايات الفرنسية، استقبلها الميناء ذاته، ليلة الجمعة فاتح يوليوز 2016. هذا، وجاء توقيف هذه الشحنة على خلفية الضجة (لابولميك)، التي أثارتها شحنة النفايات الإيطالية التي استوردها المغرب، والتي أخذت شركة (أليبير) علما بها من قبل أرباب مصانع الإسمنت في المغرب، الذين طلبوا تعليق مؤقتا استقبال سفن أخرى محملة بالنفايات، إلى حين انجلاء الرؤية. وهي الضجة التي استغرب لها المسؤولون لدى الشركة الفرنسية، على حد تصريح مديرها العام (هيرفي دوما). ومن جهة أخرى، كشف المسؤول الفرنسي أن شركة (أليبير) ترسل، كل سنة، نسبيا كثيرا من السفن إلى المغرب. وهذا يندرج في إطار ما أسماه "processus habituel". وقد صدرت بالمناسبة الشركة الفرنسية إلى المغرب، سنة 2015، أكثر من 60000 طن من نفايات العجلات، محملة على متن 18 سفينة، أي بمعدل حوالي 3500 طن في كل شحنة. وأثار المدير العام الانتباه إلى أن ثمة التباسا في الأذهان بشأن مختلف أنواع النفايات. فبالنسبة للإطارات القديمة، التي لا تعود صالحة للاستعمال، صرح أن الشركة الفرنسية تقوم بتقطيعها في (des broyas)، وفق ومعايير أوربية دقيقة ومحددة، لاستعمالها كمحروقات بديلة في مصانع الإسمنت، وتقريبا في جميع دول العالم، وليس بالخصوص في المغرب. فمصانع الإسمنت في فرنسا تستعمل، حسب تصريحه، كثيرا هذه المحروقات البديلة، لتعويض الفحم الحجري. وعن سؤال دقيق عن مدى توفر مصانع الإسمنت في المغرب، على الشروط والمعايير الضرورية لاستعمال النفايات المستوردة، كمحروفات وطاقات بديلة، ومدى مطابقتها للمعايير المعتمدة من قبل الاتحاد الأوربي، رد المدير العام (هيرفي دوما) أنه لا يمكنه الإجابة عن ذلك، لكونه ليس تقنيا، وليس عضوا في هيئة أرباب مصانع الإسمنت، وأنه لا يتوفر، لحظة الحوار الصحفي معه، على جميع التفاصيل المتعلقة بالجانب التقني، الذي هو من اختصاص تقنيين أكفاء لدى الشركة الفرنسية (أليبير). وأقر المسؤول الفرنسي رفيع المستوى، بأن ثمة معايير وشروطا يجب توفرها واحترامها، يمكن الاستفسار عنها لدى أرباب مصانع الإسمنت، والوزارة المكلفة بالبيئة. وشدد على كون ذلك (الاستفسار) أمرا عاديا ومفيدا. هذ، واعتبر (هونري دوما)، على حد معرفته، أن مصانع الإسمنت المتواجدة على تراب المغرب، تحظى بنفس ضمانات الأمن ومحاربة التلوث، على غرار مصانع الإسمنت التي يمكن لشركة (أليبير) أن تغذيها في فرنسا والسويس والسويد، باعتبار أن المجموعات الإسمنتية هي ذاتها التي تعمل في هذه الدول. واستطرد المسؤول الفرنسي بالقول أنه لا يمكنه الحديث بالنيابة عن أرباب مصانع الإسمنت. وشدد المدير العام (هونري دوما) على أن الصناعة الإسمنتية صناعة مسؤولة، وتراعي طريقة استهلاك الطاقات البديلة. إذ لا يمكنه أن يتصور، باعتبار أن وزارة البيئة في المغرب (relativement actif/ve)، على حد تصريحه، أن أرباب مصانع الإسمنت في المغرب لا يتخذون التدابير ذاتها الجاري بها العمل في الدول التي تستعمل المحروقات البديلة. وتجدر الإشارة إلى أن الشركة الفرنسية (أليبير) المختصة في جمع وتثمين الإطارات المستعملة، والتي تجمع، كل سنة في فرنسا، حسب تصريح مديرها العام، 3300 عجلة مستعملة، استجمعت، خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2016، وإلى غاية 12 يوليوز من السنة الجارية ، 179928 طن من الإطارات المستعملة، أي ما يعادل 23750496 عجلة. هذا، وحسب ما أوردته "هبة بريس" في مقالات سابقة، فإن النفايات الفرنسية التي منعتها السلطات الفرنسية، بطلب من أرباب مصانع الإسمنت، من مغادرة ميناء (لوتريبور) الفرنسي، عقب الأزمة الخانقة التي تسببت فيها النفايات الإيطالية، (فإنها) تندرج في إطار النفايات التي رخصت الوزارة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، المكلفة بالبيئة، باستيرادها من النفايات من القارة العجوز، كمحروقات وطاقات بديلة. وكان مدير مراقبة التقييم البيئي والشؤون القانونية بوزارة الحيطي، وجه إلى الإدارة الجهوية للبيئة والتهيئة والسكنى/ قسم الأرض وتحت الأرض – الصحة – البيئة/ مصلحة الحماية من الأخطار- بوردو/ فرنسا، إرسالية بتاريخ: 17/09/2015، تحت عدد: 07713، في موضوع "حركة نقل النفايات عبر الحدود. ونصت المراسلة على أنه تبعا للإرسالية المرجعية للجهة الفرنسية، المؤرخة في: 3/9/2015، علاقة بطلب نقل نفايات الإطارات المطاطية، من فرنسا إلى المغرب، بطلب صاغته شركة (ALIAPUR)، فإن استيرادها مرخص به، طبقا للقانون رقم: 00 – 28، المتعلق بتدبير النفايات وإزالتها، والمرسوم المتعلق بتطبيقه رقم: 253 – 07 – 2، شريطة أن لا تحتوي على أية مادة خطرة. وحسب مصدر مطلع، فإن الترخيصين للذين خصت بهما وزارة الحيطي الجهتين المعنيتين، الإيطالية والفرنسية، بطلبين صاغتهما شركتا (DECO) و(ALIAPUR)، على التوالي بتاريخ: 5 فبراير 2016، تحت عدد: 00872، وتاريخ: 17 شتنبر 2015، تحت عدد: 07713، تظل صلاحيتهما قائمة مدة سنة كاملة. واشترطت الوزارة المكلفة بالبيئة من الجهتين الأوربيتين المصدرتين للنفايات، المحددة طبيعتهما وفق نصي الترخيصين، في (résidus dérivés de fuel/RDF)، وفي (pneus usagés déchiquetés)، عدم احتوائها على أية مادة خطرة. وحثت وزارة الحيطي الشركتين المستفيدتين في المغرب (L.C.) و(C.A.)، طبقا لما جاء في الترخيصين، على اتخاذ جميع التدابير اللازمة، من أجل ضمان تثمين إيكولوجي معقلن للنفايات المستوردة. وحملتهما كامل المسؤولية عن أي ضرر أو تأثير سلبي على البيئة أو على الصحة العمومية، قد ينجم عن نقل، وتخزين، وتثمين النفايات في المغرب. ويستشف بالواضح والملموس مما جاء في نصي الترخيصين، سيما في فقرتيه الأخيرتين، أن وزارة الحيطي لا تتحمل المسؤولية عن تثمين النفايات في المغرب، وحملت كامل المسؤولية في ذلك إلى أرباب معامل الإسمنت. ما يعني أن ثمة احتمالا جد وارد، إن لم نقل يقينا، بكون النفايات الأوربية تحتوي أو تنجم عنها عند تثمينها في المغرب، رغم الزعم بكونها تخضع لتحاليل مختبرية، أضرار على البيئة والصحة. وبالمناسبة، صرح المهندس لحسن بوخساس، المسؤول عن وحدة الإنتاج بشركة الإسمنت المستفيدة، في برنامج خاص بتته القناة الثانية "دوزيم"، الاثنين 4 يوليوز 2016، في نشرة الأخبار "المسائية"، أن حمولة النفايات المستوردة من إيطاليا، جاءت بطلب من مصنع الإسمنت.. وأن الاستيراد ليس من أجل الاستيراد، وأن هذه أول عملية من أجل التجربة، لأن معامل الإسمنت قامت باستثمارات ضخمة، وتحضر لمسايرة التقدم الذي سيطرأ على صعيد المطارح البلدية في المغرب. هذا، وأورد موقع إلكتروني أن محند العنصر (الأمين العام لحزب الحركة الشعبية)، صرح أنه سيدافع عن حكيمة الحيطي، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، المكلفة بالبيئة (عن حزب الحركة الشعبية)، لكون الأزبال تأتي للمغرب منذ زمان، والكل يعلم ذلك. وفي هذا السياق، كشف مصدر مسؤول أن المغرب استورد، شهر نونبر 2008، من إيطاليا، عبر ميناء الجرف الأصفر، شحنة من النفايات بوزن 2100 طن.. في عهد حكومة التناوب، التي كان وزيرها الأول الاستقلالي عباس الفاسي، والتي شغلت فيها أمينة بن خضراء (التجمع الوطني للأحرار)، منصب وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، وشغل فيها محمد اليازغي (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) منصب وزير الدولة. وبالمناسبة، فإن السؤالين الذين يطرحان نفسهما بقوة، بخصوص النفايات الإيطالية التي أثارت جدلا واسعا، هما كالتالي: * هل النفايات التي تتوفر على شهادة المنشأ (إيطاليا)، وشهادة التحاليل المسلمة من السلطات الإيطالية، قبل مغادرتها ميناء الجرف الأصفر، إلى مصنع الإسمنت المستفيد من الصفقة، (خضعت) للتحاليل المختبرية اللازمة لدى مختبر معتمد في المغرب، طبقا لمقتضيات القانون رقم: 00 – 28، المتعلق بتدبير النفايات وإزالتها، والمرسوم المتعلق بتطبيقه رقم: 253 – 07 –2 ؟ * وهل المغرب احترم في عملية استيراد النفايات الإيطالية، بنود الاتفاقية الدولية "بازل"، التي وقع عليها سنة 1995 ؟ هذا، ويتعين على الوزيرة الحيطي التي صرحت في ندوة صحفية، عقدتها، الاثنين 11 يوليوز 2016، بمقر وزارتها في الرباط، أنها طلبت من وزارة الداخلية إجراء خبرة على النفايات الإيطالية، لتحديد مدى احترامها للمعايير الأوربية، (يتعين عليها)، أن تطلع أولا وقبل كل شيء، الرأي العام والشعب المغربي، من أجل طمأنتهما، وقطع الشك باليقين، على التحاليل المختبرية التي من المفترض والمفروض أن تكون الوكالة الوطنية للموانئ أجرتها لدى مختبر معتمد في المغرب، وخاصة النفايات الإيطالية، في ظل الشكوك التي تحوم حول غياب شهادة التحاليل المختبرية الخاصة بها، حتى يتم الاطلاع بالعين المجردة على مكوناتها العضوية، وتفاعلاتها الكيماوية، ومدى تأثيراتها المحتملة على البيئة والصحة العمومية. هذا، وحذر (باولو رايتي)، أشهر خبير قضائي كلفته محكمة نابولي للبحث في ما يعرف ب"نفايات نابولي"، من عملية إحراق ما يسمى بنفايات (RDF) الإيطالية، في معامل الإسمنت، لكونها غير مجهزة لهذه العملية، وأن إحراقها في أوربا، يتم في أفران خاصة وجد مكلفة. وفي حوار أجراه معه موقع ال"ماننيففيستو" الإيطالي، حذر الخبير الإيطالي ا (باولو رايتي) مما أسماه "ترويج RDF"، أو "الوقود المستخلص من المواد الصلبة" أو ما يعرف في إيطاليا ب"رزم الأزبال الإيكولوجية"، التي يتم تقديمها على كونها "طاقة بديلة" أو "وقود"، لأن عملية إحراق هذه النفايات تنجم عنه انعكاسات ونتائج خطيرة على البيئة، لكونها لا تنتج سوى غاز الدوكسين. وشدد الخبير الإيطالي على أنه لا يكفي توفر درجة حرارة مرتفعة في الفرن ( أكثر من 850 درجة)، لإتلاف هذه النفايات، الذي وضع من أجله (إتلافها) الاتحاد الأوربي قيودا صارمة، ضمنها توفر أنظمة جد خاصة، يحددها قانون خاص. وأضاف الخبير الإيطالي أنه لا يوجد معمل إسمنت يتوفر على هذه الأنظمة. وتجدر الإشارة إلى أن فضيحة النفايات الإيطالية، المزلزلة، فجرها إعلاميا وحقوقيا موقع "هبة بريس"، بنشره حصريا، السبت 25 يونيو 2016، مقالا صحفيا تحت عنوان: "أوربا تصدر 2500 طن من النفايات إلى المغرب عبر ميناء الجرف الأصفر"، وبعده موقع "الجديدة24"، وجريدة "رسالة الأمة". ما اضطر الوزارة المكلفة بالبيئة للخروج، بعد وقت طويل، عن صمتها، وإصدار بلاغ رسمي، لم يكن كافيا لإقناع الرأي العام، والإجابة عن تساؤلات واستفسارات المغاربة، سيما في ظل التخوفات من التأثيرات السلبية "المحتملة" للنفايات الأوربية على الوسط الإيكولوجي والصحة العمومية. كما كانت المنابر الإعلامية الثلاثة الوازنة، سباقة إلى فضح شحنة النفايات المطاطية، المحملة على متن سفينة فرنسية، رست، ليلة الجمعة فاتح يوليوز 2016، في ميناء الجرف الأصفر. وأصدرت "هبة بريس"، الأحد 3 يوليوز 2016، مقالا صحفيا تحت عنوان: "بعد إيطاليا.. فرنسا تصدر 3300 طن من النفايات إلى المغرب". وهي فضيحة مرت، على خلاف فضيحة النفايات الإيطالية، وهذا وجه الاستغراب، في صمت، ودن تسجيل أية تفاعلات أو ردود أفعال رسمية أو نخبوية أو شعبية. هذا، وحاولت جهة معينة القفز بانتهازية على الفضيحة الإيكولوجية، النفايات الإيطالية، التي فجرتها إعلاميا وحقوقيا المنابر الإعلامية: "هبة بريس" و"الجديدة24" و"رسالة الأمة". وهذا ما أكدته القناة التلفزية "ميدي 1 تيفي" في برنامج خاص، أعدته عن النفايات الإيطالية.