لم يكن شاطئ الوليدية مشهورا بالشكل الذي هو عليه اليوم، فخلال سنوات ما قبل عقد التسعينيات، كان هذا المصطاف لا يحتضن سوى بعض العائلات المنتمية لبعض المدن مثل مراكش وآسفي والبيضاء. ومع مرور الزمن والتطور الذي عرفه قطاع السمعي البصري وظهور وسائل الاتصال الحديثة، تمكنت العديد من الأسر المغربية من مختلف المدن المغربية وكذلك السياح الأجانب من التعرف على أحد المواقع البحرية الذي حباه الله ببحيرة ساحرة جذبت إليها عشاق الرياضات البحرية وهواة السباحة فضلا عن الذواقين لفواكه البحر وعلى رأسها المحار. ومع ارتفاع عدد الوافدين لمنتجع الوليدية، كان لزاما على المسؤولين على الشأن العام المحلي بتوفير بنيات استقبال ذات جودة عالية، وهكذا تم تشييد المركب السياحي المسمى "الشمس" على ضفة البحيرة أواخرستينيات القرن الماضي من طرف الجماعة التي كانت تشرف على تدبيرها وزارة الداخلية، وكانت بالمناسبة تتكون من فندق ومقهى ومطعم وإقامة خاصة بالعائلات فضلا عن مخيم دولي. وظل هذا المركب يقدم خدماته حتى بداية القرن الحالي قبل أن يتعرض للتخريب والضمار بسبب سوء التدبيرالذي كان يتسم به أشخاص ليست لهم أدنى دراية بمجال تدبير الشأن المحلي لهذا المنتجع السياحي الذي أصبحت له شهرة عالمية خاصة في تربية المحار وموقعه الإيكولوجي. وخلال عقد الثمانينيات، بدأت ضفاف البحيرة تعرف هجوما كاسحا للإسمنت المسلح، وهكذا تم تطويقها ببنايات أغلبها مطاعم وفنادق وفيلات، حيث تسبب هذا البناء، الذي اتسم بالعشوائية والفوضى وسوء التدبير، في شل حركة المد البحري نتج عنه ترمل البحيرة وتشويه جماليتها فضلا عن التلوث الذي أضر ببساتين فاكهة المحار التي تعد من أفضل ما تجود به هذه البحيرة الطبيعية. وبعد الزيارة الملكية التاريخية للوليدية، تم وضع حد للتصرفات العشوائية، من اجل انقاذ البحيرة من التلوث، وذلك بإعطاء جلالته انطلاقة أشغال المشروع المندمج للوليدية بميزانية ضخمة، بهدف المحافظة على البحيرة وإنقاذها من موت كان يتربص بها في كل حين. المشروع توج بإنشاء محطة لمعالجة المياه العادمة ومطرح للنفايات المنزلية بمعايير بيئية وإيكولوجية عالية، وبمشاريع أخرى همت العديد من القطاعات الأخرى المرتبطة بمشروع تهيئة البحيرة وحمايتها من التلوث. لكن ما يحز في النفس، أن مشروع المدينة الإيكولوجية لم يتحقق بعد، وذلك راجع، حسب اعتقاد الكثير من متتبعي الشأن البيئي والمحلي، إلى غياب ثقافة التدبير السياحي البيئي والإيكولوجي فضلا عن إهمال جانب التأطير والتكوين الذي يفتقر إليه مسؤلو الشأن المحلي في مجال السياحة والسياحة البيئية، ويظهر جليا من خلال ما نلاحظه من تصرفات مخلة بقوانين التعمير وبالتدبير العقلاني لمنتجع سياحي عالمي يسييره مجلس قروي، حيث أن التوجه الذي تسير به الوليدية الآن هو غير التوجه الذي أراده جلالة الملك محمد السادس لهذا المنتجع . ان المؤهلات السياحية والإيكولوجية التي تزخر بها منطقة الوليدية تحتاج إلى كفاءات مؤهلة لتدبير مثل هذه المواقع السياحية، تقطع مع ثقافة العشوائية والريع المزايدات السياسوية والمنفعة الذاتية، وتشرك كل الفاعلين في بناء مدينة سياحية بمعايير إيكولوجية معتمدة. ويبقى عامل اقليمسيدي بنور ، السيد حسين بوكوطة، والذي يتوفر على تجربة ودراية كبيرة بالمجال البيئي والايكولوجي، (يبقى) هو الشخص الوحيد القادر على اعادة ترتيب الامور، ووضع استراتيجية على المدى القريب والمدى المتوسط لإعادة المشروع الملكي، من اجل اعادته الى سكته الصحيحة، حتى يتم انقاذ ما يمكن انقاذه، تجنبا لتدهور الامور نحو الاسوء.