باعتبارها منطقة رطبة ذات خصائص إيكولوجية متميزة ووجهة سياحية ذائعة الصيت، إلى جانب كونها تجمعا حضريا جذابا ما فتئ يستقطب الكثير من الباحثين عن السكينة وجمال الطبيعة، مغاربة كانوا أو أجانب، انخرطت منطقة الوليدية أو «لؤلؤة دكالة»، كما هو الشأن بالنسبة لعدد من المواقع المماثلة على المستوى الوطني، في إنجاز مجموعة من المشاريع الحضرية المهيكلة ذات الطابع المستدام، التي تروم بالأساس صون الوسط الإيكولوجي وتعزيز الجاذبية السياحية والرقي بمستوى عيش الساكنة المحلية. وفي هذا الإطار، تشكل محطة معالجة المياه العادمة، التي دشنها جلالة الملك محمد السادس، أول أمس الإثنين بالوليدية، بغلاف مالي قدره 38,20 مليون درهم، منشأة هامة من شأنها المساعدة على بلوغ الأهداف المسطرة في إطار الاتفاقية المتعلقة بتأهيل الوليدية والحفاظ على بحيرتها الشاطئية، بما يتيح ضمان التنمية المستدامة بهذه الجماعة الحضرية الواعدة على كافة الأصعدة، والرقي بأداء اقتصادها المحلي الذي يعتمد في جزء كبير من عائداته على تربية المحار وباقي أنشطة الصيد البحري، إلى جانب الحفاظ على خليجها الرائع بجميع المقاييس. ومن الواضح أن البعد الإيكولوجي حاضر بقوة في هذا المشروع النموذجي المنسجم مع التوجهات الكبرى المنتهجة من طرف المملكة في المجال البيئي، الذي ما فتئ يحظى باهتمام خاص من طرف جلالة الملك، على ضوء المشاريع المماثلة التي دشنها جلالته بمجموعة من المدن والمراكز الحضرية، لاسيما الساحلية منها، والتي كان آخرها مشروع معالجة وصرف المياه العادمة بمدينة الجديدة الذي فاقت كلفته الإجمالية 449,2 مليون درهم. ووفقا لهذا التوجه، فإن هذا المشروع الحيوي الذي أشرفت على إنجازه وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، بشراكة مع جماعة الوليدية والوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل بإقليمي الجديدة وسيدي بنور، يكتسي أهمية بالغة تنبع من كونه سيسهم بكيفية ملموسة في تثمين المنطقة الرطبة للوليدية والحفاظ عليها، والتي يتم تدبيرها وفقا للشروط والمعايير المحددة في إطار معاهدة «رامسار» التي تنظم الاستعمال العقلاني للأنظمة البيئية في المناطق الرطبة بهدف تحقيق التنمية المستدامة. والجدير بالذكر، أن الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل بإقليمي الجديدة وسيدي بنور، أعدت على مستوى هذين الإقليمين برنامجا مهيكلا شاملا يروم، على الخصوص، تمديد وتعزيز الشبكات وإنجاز محطات المعالجة وقنوات صرف المياه، بهدف الوقاية من الفيضانات وصون المنظومة البيئية، بما يكفل تحسين إطار حياة الساكنة ودعم التنمية السوسيو- اقتصادية بمدن ومراكز الإقليم. وبذلك، ستتيح هذه المنشأة الهامة حماية البحيرة الشاطئية للوليدية وساحل الجماعة ككل من التلوث الناتج عن صرف المياه المستعملة غير المعالجة بكيفية مباشرة في البحر، خاصة وأن هذا الوسط البيئي الحساس يضم نحو 114 نوعا من الطيور المائية ومختلف الكائنات البرمائية، إلى جانب 27 صنفا من النباتات، ثلاثة منها نادرة، وصنفين من الطحالب لا تنمو إلا في المياه الساحلية للوليدية. وبالنظر للأهمية البيئية التي تكتسيها محطة تصفية المياه العادمة بالوليدية التابعة ترابيا لإقليم سيدي بنور الفتي، ستتيح هذه الأخيرة، من جهة أخرى، تثمين والرفع من مردودية قطاع تربية المحار الذي يتطلب إنتاجه وسطا بحريا ملائما، لاسيما من حيث جودة المياه وخلوها من مختلف عوامل التلوث، إلى جانب مساهمتها في إنعاش قطاع الصيد الساحلي بهذه المنطقة الغنية بالأحياء المائية. وبدوره، سيشهد القطاع السياحي، لا محالة، انتعاشا كبيرا بفضل المحطة الجديدة التي ستساهم في الرفع من جودة مياه السباحة بشواطئ منطقة الوليدية الجذابة، ومن ثم تعزيز حظوظها في الحصول على اللواء الأزرق الذي يعد بمثابة شهادة على نقاء المياه ونظافة رمال الشاطئ وحسن تدبير مرافقه. وعلى ضوء هذه المعطيات، ستساهم محطة معالجة المياه العادمة بكيفية غير مباشرة في تحسين أداء الاقتصاد المحلي والرفع من دخل سكان منطقة الوليدية الذين يعتمدون في معيشتهم، بشكل خاص، على الأنشطة المرتبطة بالصيد البحري والفلاحة والسياحة، إلى جانب توفير إطار عيش ملائم للساكنة والزوار على حد سواء. إن الأمر يتعلق بالتالي بمشروع نموذجي ذي قيمة مضافة عالية، يكتسي أهمية بالغة على المستويات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، كما يتماشى بكيفية متناغمة مع تطلع المملكة إلى جعل المعطى الإيكولوجي وضمان العيش الكريم للمواطن في صدارة أولوياتها.